اللواء: سحب الخلاف الحكومي من التداول والمعارضة تحمِّل الرئيسين المسؤولية ولن تقدِّم قانون إنقاذ

اتفق الرئيس نجيب ميقاتي مع وفد الاتحاد العمالي العام على متابعة البحث من حيث انتهت لجنة المؤشر، متمنياً ان يشارك ممثل الاتحاد في اللجنة لمقاربة علمية للارقام، تسمح في التوصل الى اتفاق بتصحيح الاجور وتحسين التقديمات الاجتماعية والحؤول دون تآكل القدرة الشرائية والحفاظ على المؤسسات الصناعية والتجارية وقدرتها على تطوير انتاجيتها وتوسيع دائرة العاملين لديها·
وهذا الاتفاق الذي بقي في دائرة النوايا، يترافق مع اجواء من <القلق النائم> المحيط في الوضع السياسي، في ضوء ثلاثة معطيات مرشحة للتفاقم:

1- تداعيات الامتناع عن التصويت في مجلس الامن، الذي اتخذه لبنان، حيث كانت دمشق تأمل مع حلفائها بموقف واضح باستخدام <لا> في مشروع القرار البريطاني – الفرنسي، البرتغالي، المدعوم من الولايات المتحدة، والذي كان ينص على ادانة النظام السوري في استخدام العنف المفرط ضد المواطنين السوريين·

2- تطور الانتكاسات اللبنانية المباشرة للحدث السوري على الساحة المحلية، سواء، عبر تخصيص ايام الجمعة من كل اسبوع بتنظيم اجتماعات تضامن مع الشعب، واخرى مناهضة ومؤيدة للنظام، او عبر الاشتباكات الحدودية، حيث يتخوف مصدر بلدي في عرسال من تطور الدخول الامني السوري المتكرر الى الاراضي اللبنانية، في تلك المنطقة الى اشتباكات مسلحة، او عبر البيانات والمواقف من شخصيات كبيرة في السلطة وخارجها تبدي تحزباً للنظام او تحزباً للمجلس الوطني الانتقالي·

3- قضية التزام او احترام لبنان للقرارات الدولية، والاشكالات السياسية والدبلوماسية المعلن منها والخفي، التي تبرز بين وقت وآخر بين الائتلاف الوزاري الحاكم، حيث بدا فريق حزب الله والنائب ميشال عون يضيق ذرعاً بالتحالف المعلن بين الرئيسين ميشال سليمان وميقاتي والنائب وليد جنبلاط، والذي من المتوقع ان يطفو على السطح في غضون الاسابيع القليلة المقبلة، عندما يوضع ملف تمويل المحكمة رسمياً على الطاولة·

وكشف مصدر مطلع عن جانب من المناقشات الدائرة بعيداً عن الاضواء، ان التحالف الوسطي ما يزال يتصرف تحت وطأة التوجه المقاطع لدى <حزب الله> بالصدام مع تمويل المحكمة أيا كانت النتائج، حتى لو ادى الامر الى هزة حكومية·

وفي هذا الاطار، رجح مصدر مطلع على ابعاد موقف الحزب الذي ابلغ عبر القنوات لكل مكونات الحكومة انه ليس قفزة في المجهول·

وفي تقدير الحزب، استناداً الى المصدر اياه، ان موقفه ليس قفزة في المجهول، بل هو مبني على النتائج التي ترتبت على <الفيتو> الروسي – الصيني في مجلس الامن الاربعاء الماضي والذي وصفته الدوائر السورية والايرانيه بأنه <نقطة تحول> في مسار العلاقات الدولية· اضاف المصدر ان لدى <حزب الله> وحلفائه معلومات عن طبيعة التفاهم الروسي – الايراني المرتبط بصفقة صواريخ روسية، وبتفاهمات مالية ونفطية، مستفيدة من نظام العقوبات الغربية ضد نظام الرئيس بشار الاسد·

وفي معلومات المصدر ان الوضع اللبناني بات على ارتباط اكثر وثوقية بالوضع السوري، ومن هذه الزاوية، فإن الحزب يسعى الى تسويق فكرة مؤداها ان عدم تمويل المحكمة سوف لن يؤدي الى اجراءات عقابية تحت البند السابع، لان روسيا، رغم انها اكدت تكراراً ومراراً دعمها المحكمة الخاصة بلبنان، ستعيق اي خطوة او اي قرار للمجلس، على خلفية تأخير او عدم اجراء التمويل·

في المقابل، لا تشاطر الاطراف المؤيدة لتمويل المحكمة روية الحزب ازاء حماية الاستقرار الحكومي، اي لا تمويل واستقرار استناداً الى التفاهم الروسي – الايراني·

ويقول مقربون من الفريق الوسطي المؤيد للتمويل بقوة ان ما سمعه الرئيس ميقاتي كان واضحاً وجازماً لجهة الالتزام بالتمويل لمنع وضع لبنان على لائحة الدول المارقة، مع بدء تطبيق اجراء الحظر المالي والنقدي، عبر المصارف اللبنانية للأفراد والمصارف والشركات العاملة داخل الأراضي السورية·

<تبريد> التمويل وازاء هذا التباعد في المواقف والرؤى، علم أن اتصالات تجري لتبريد موضوع تمويل المحكمة وسحبه من التداول، وتفسح في المجال أمام محاولات التوفيق بين التزامات لبنان بالنسبة للتمويل، وبين المواقف الرافضة والتي يقودها <حزب الله> وحليفه العوني·

واستبعدت الأوساط المتابعة لهذه الاتصالات أن تحصل أية مفاجأة حكومية في الفترة التي ستشهد هذه المشاورات، انطلاقاً من أن إسقاط الحكومة ليس في مصلحة أحد لا سيما <حزب الله> الذي استطاع أن يدير اللعبة السياسية من خلال سيطرته على الأكثرية الحالية، لأن سقوط الحكومة سيؤدي إلى إسقاط الأكثرية الحالية، وإعادة الأكثرية السابقة إلى ما كانت عليه مع قوى 14 اذار· وهذا الأمر عبّر عنه <الوزير الوسطي> غازي العريضي الذي أبلغ <اللواء> أمس، انه <يجب تمويل المحكمة، ولا يجوز أن يؤثر ذلك على استمرارية الحكومة>، مؤكداً أن الحزب التقدمي الاشتراكي في المبدأ مع تمويل المحكمة·

وبدا واضحاً أن سير الأمور يتجه في هذا الاتجاه، وهو ما برز في خطاب نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حفل طلابي لمدارس المصطفى، الذي تجنّب فيه الإشارة لموضوع المحكمة، لكنه لفت إلى أن لدى الحزب سياسات واضحة وافكاراً محددة ورؤى لما يريد، مشيراً إلى تصريحات تصدر من أطراف مختلفة تحاول أن تستفزنا أو تستدرجنا إلى أجوبة ليعرفوا موقفنا ليردوا علينا، ونحن قرارنا أن لا نرد على الكثير من التصريحات التي تصدر، لأننا لا نريد مماحكات ولا نريد تحقيق الأهداف التي يريدونها، ونؤجل الإجابات الصحيحة إلى وقتها، ولا نرد على كل كلام، وانما نقول الكلام الذي نتحمل مسؤوليته في اللحظة المناسبة وفي المكان المناسب، وفي الظروف المناسبة>·

وأعطى مثالاً على ذلك موضوع قانون الانتخاب ومشروع الموازنة، من دون أي إشارة إلى تمويل المحكمة·

لكن مصادر مطلعة، تعتقد أن وضع مسألة التمويل على طاولة البحث، وعلى مشرحة المواقف لم يعد بعيداً، خصوصاً وانه مطروح في صلب مشروع موازنة العام 2012، والذي يفترض أن يباشر مجلس الوزراء بحثه، في خلال الجلسات الثلاث من أصل أربع جلسات قرّر المجلس ان يعقدها في الأسبوع ما بعد المقبل، وفي أثناء ذلك ستتجدد المواقف بشكل علني ورسمي، ويظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وحيث يفترض ان يتحدد موقف الحكومة مجتمعة، طالما أن الجميع يسلم بأن القرار النهائي لهذه المسألة يجب ان يحسم على طاولة مجلس الوزراء·

تجدر الإشارة، إلى انه وزّع أمس على الوزراء ملحق بجدول أعمال جلسة الثلاثاء المقبل، والمخصصة لبحث المواضيع الاجتماعية، ومنها مطالب الاتحاد العمالي وأساتذة الجامعة اللبنانية، وتضمن الملحق 47 بنداً، من بينها بند يتعلق بتعيين مدير عام بالوكالة لقوى الأمن الداخلي، وهو اجراء روتيني·

وفي المقابل، أعلنت أوساط المعارضة لـ?<اللواء> انه في ضوء ما تردّد عن قيام <حزب الله> بمنع الحكومة من تمويل المحكمة، فإنها تعكف على دراسة هذا الواقع، وفي ضوء ما سينتهي إليه السجال بين أعضاء الحكومة واطرافها السياسية، فإنها ستتخذ الموقف المناسب إزاء هذه المسألة المهمة·

واستبعدت هذه الاوساط ان يقوم نواب المعارضة على تقديم اقتراح قانون في مجلس النواب لتأمين التمويل، مشيرة الى ان هذا الموضوع ليس مطروحاً من المعارضة التي تعتبر مسألة التمويل من مسؤوليات الحكومة، حسب ما التزم رئيسها ورئيس الجمهورية امام المجتمع الدولي، وعليه فإن المعارضة تطالب الرئيسين سليمان وميقاتي المسؤولية في هذا المجال·

لجنة المؤشر في غضون ذلك، فشلت لجنة المؤشر بعد ثمانية ايام من الاجتماعات المتتالية والماراتونية برئاسة وزير العمل شربل نحاس في الوصول الى تفاهم حول زيادة الاجور وبالتالي الحؤول دون تنفيذ الاضراب الذي كان دعا اليه الاتحاد العمالي العام يوم الاربعاء المقبل·
 
وعلمنا ان الاجتماع الاخير الذي عقد امس كان مغايرا للاجتماعات السابقة، حيث ولج المجتمعون في مسألة الارقام، ووقع الخلاف بينهم حول النسب، اذ تمسكت الهيئات الاقتصادية بحصر زيادة 16 بالمئة على الحد الادنى للاجور، وهي النسبة التي قال رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الذي تحدث باسم الهيئات الاقتصادية انها وفق ما حددها الاحصاء المركزي لزيادة كلفة المعيشة من العام 2008 وحتى تاريخ اليوم·

غير ان الوزير نحاس رفض هذه النسبة واقترح بدوره رفع الاجور بكاملها مع سقف غير محصور بالحد الادنى، واقترح ان تكون الزيادة 20 بالمئة على ان يلي ذلك خطوة ثانية عنوانها تأمين التغطية الصحية الشاملة للبنانيين ممولة من المال العام، على ان تلغى في موازاة ذلك اشتراكات الضمان الاجتماعي لصندوق المرضى والامومة، وتستبدل هذه الاشتراكات بزيادة ثانية على الاجور بنسبة 9 او10 بالمئة·

وأسف نحاس في اتصال مع <اللواء> الوصول الى هذه النتيجة وقال انه <سيرفع الى رئاسة الحكومة تقريرا يضمنه توصية حول المقترحات التي تقدم بها>·

وعما ان كان من الممكن العودة الى النقاش قال: <فالج لا تعالج>·

بدوره اكد رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن لـ <اللواء> ان <الاضراب قائم في موعده في ظل الاجواء السائدة>، معتبرا ان لجنة المؤشر قد <انتهى مفعولها>·

واوضح انه قدم للرئيس ميقاتي الذي سيلتقي اليوم وفداً من الهيئات الاقتصادية ورقة الاتحاد مع التأكيد على رفع الحد الادنى للاجور الىمليون ومائتي وخمسين الف ليرة، مشيرا الى ان رئيس الحكومة طلب استمهاله يومين من اجل البحث مجددا بالموضوع مع الهيئات الاقتصادية·

من عرسال الى طرابلس وصيدا وعلى صعيد آخر، طرأ تطور بارز على صعيد تداعيات الاحداث السورية على الوضع في لبنان حيث اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان <فرنسا تعبّر عن القلق العميق ازاء معلومات افادت بحصول توغل للجيش السوري في لبنان قد يكون ادى الى مقتل مواطن سوري>، مذكرة على لسان المتحدث باسمها برنار فاليرو في مؤتمر صحفي بتمسك باريس <باستقلال لبنان وسيادته وسلامته>·

وتزامن هذا الموقف مع زيارة وفد من تيار <المستقبل> برئاسة عضو المكتب السياسي حسان الرفاعي بلدة عرسال، ونظم هناك لقاءا في دار البلدية طالب خلاله المتحدثون الدولة المسؤولة عن امن عرسال بأن تضع يدها على هذا الملف بغض النظر ان كنا مختلفين في السياسة، مؤكدين ان عرسال لا تريد فتح جبهات متتالية مع الجيش السوري، مشيرين الى ان ما حدث في الاسبوع المنصرم تجاوز كل الحدود·

وفي كل من مدينتي طرابلس وصيدا، نظم امس بعد صلاة الجمعة مهرجانين خطابيين، تعبيرا عن الدعم للمجلس الوطني السوري وللشعب السوري، وكذلك الشعب اليمني، تحت شعار <كفى ذبحا> في الشام واليمن·
 

السابق
وليد فارس مستشارا
التالي
رعاية المعوقين تنظّم لقاء عن التوحد