السفير: حوار الأرقام ينطلق.. والعمال والهيئات يرفضون زيادة الضرائب

لا دخان أبيض حتى الآن في ما خص تصحيح الأجور، والمساحة الزمنية الفاصلة عن موعد الإضراب العام المقرر بعد أربعة أيام بدأت تضيق، وفي الوقت نفسه، تضع الجهات المعنية، وخاصة الحكومة، أمام اختبار إيجاد صيغة مرضية للملف المطلبي تحقق الحد الادنى من المطالب العمالية، وبالتالي تؤدي إلى تعليق إضراب الثاني عشر من الجاري.
سياسيا، برزت سلسلة مواقف جديدة، للبطريرك الماروني بشارة الراعي وهذه المرة من الولايات المتحدة، حيث انتقد الإدارة الأميركية بسبب تصرفها غير اللائق مع الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان.
وقال الراعي من ولاية ميسوري، المحطة الأولى في جولته الأميركية، إنه يحز في نفسه «كيف أن أيا من المسؤولين الأميركيين لم يستقبل رئيس جمهورية لبنان خلال ترؤسه مجلس الأمن. لا نظيره الأميركي اجتمع به، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ألغت موعدها معه. وحتى أحد نوابها، جيفري فيلتمان لم يتكبّد عناء الاتصال به علما أنه كان سفيرا سابقا في لبنان وقدم أوراق اعتماده لميشال سليمان»، وشجع على حصول مصالحة بين الرئيسين نجيب ميقاتي وسعد الحريري.
مطلبيا، عكس لقاء الأربعين دقيقة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووفد الاتحاد العمالي العام، في السرايا الحكومية امس، مناخا إيجابيا من الجانبين، لكن ليس نهائيا في انتظار ما سيتمخض عنه لقاء ميقاتي اليوم، مع الهيئات الاقتصادية، على أن يصار بعد ذلك الى عقد لقاء جديد، بين ميقاتي والاتحاد العمالي العام.
وكشف الرئيس ميقاتي لـ«السفير» أنه سيلتقي اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري، وسيضعه في أجواء رحلته الى نيويورك، وفي الوقت نفسه سيطلع من الرئيس بري على نتائج زيارتيه الى كل من طهران ويريفان «وبطبيعة الحال سيشمل البحث بيننا العناوين الداخلية ومنها الملف المطلبي».
ورداً على سؤال حول أجواء الاجتماع مع الاتحاد العمالي، قال ميقاتي لـ«السفير»: «لقد لمست أن هناك تفهما متبادلا… وبصراحة أنا سألت الوفد هل هدفنا هو خلق حالة تضخم وبطالة وعدم استقرار اقتصادي واجتماعي؟ وقلت لهم اننا نريد ابتداع معادلة تتحسن فيها القدرة الشرائية ولا تتأثر بالعوامل الاقتصادية الأخرى».

أضاف ميقاتي أن وفد الاتحاد العمالي كان متفهما للغاية «ونحن لم نطرح أمورا محددة بل اكتفينا بالعناوين العامة، وبعد لقائي اليوم مع الهيئات الاقتصادية سنتفق على موعد جديد».
ورداً على سؤال عما اذا كانت المهلة الزمنية تضيق، قال ميقاتي «إن شاء الله، وعلى جاري عادتنا، وبكل هدوء، يمكن أن نتوصل الى الحلول المناسبة»، مشددا على أهمية الحوار بين الجميع للوصول الى الغايات المرجوة وصولا الى تحصين السلم الأهلي بكل وجوهه السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية.
وقال الرئيس نبيه بري لـ«السفير» إنه سيجتمع بالرئيس ميقاتي اليوم «من أجل استكشاف النيات والإمكانات وفي ضوء الاجتماع نرى ما يمكن أن نفعله»، مشيرا الى أن هناك وقتا قبل موعد الإضراب المقرر الأربعاء المقبل، آملا التوصل الى اتفاق من خلال الحوار.  وأشار غصن إلى «أننا طرحنا أن تكون الزيادة على الأجور المـتراوحة قيمتـها ما بين ألف ومليـون ليرة
60 في المئة، على ألاّ تقل عن الحد الأدنى للأجور. فيما تبلغ نسبة الزيادة على الأجور ما بين مليون إلى مليونين 40 في المئة، على أن تكون نسبة الزيادة على الأجور التي تفوق المليونين 20 في المئة». كما تمسك غصن أمام ميقاتي بمطلب رفع بدلات النقل من 8 إلى 16 ألف ليرة، وتعزيز المنح المدرسية، عبر زيادتها إلى مليون ليرة لكل ولد، فضلاً عن ربط التعويضات العائلية بالحد الأدنى للأجور».
وعما إذا كان الاتحاد عرض موقفه من موضوع زيادة الضرائب في مشروع موازنة 2012، أكد غصن أنه رفض أمام ميقاتي أي شكل من أشكال زيادة الضرائب في الموازنة الجديدة، لا سيما ما يتصل برفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 12 في المئة. وشدد ميقاتي في المقابل، على أن الضرائب طرحت من قبل وزارة المال من باب الحفاظ على نسبة العجز المالي تحت سقف معين، ومن باب زيادة الإيرادات أيضــاً.
وبرز أمس موقف لافت للانتباه للهيئات الاقتصادية يتقاطع مع موقف الاتحاد العمالي من موضوع زيادة الضرائب في مشروع موازنة 2012. إذ رفضت الهيئات «أية زيادة ضريبية في ظل الأوضاع الصعبة التي تجتازها المؤسسات الاقتصادية». ورأت أن زيادة الضرائب بدل البحث عن حوافز لتشجيع زيادة النمو، هي سياسة تخالف كل مبادئ النمو وتؤثر في تراجع مؤشراته وتتعارض مع توجهات الأسواق الدولية.
وكررت تمسكها «بالرقم الصادر عن إدارة الاحصاء المركزي للنسبة التراكمية للتضخم منذ آخر زيادة للأجور في العام 2008، وهي تعتبر أن هذا الرقم هو الوحيد العلمي والصحيح الذي يمكن الارتكاز عليه لتطبيقه على الحد الأدنى للأجور». وذلك في مقابل طرح الاتحاد العمالي الذي يؤكد أن العام 1996 هو تاريخ آخر عملية تصحيح فعلي للأجور، مصراً على أن نسبة التضخم التراكمي مذ ذاك تتجاوز 120 في المئة، وهو رقم يتوافق تماماً مع ما أعلنته مؤسسة البحوث والاستشارات في أثناء اجتماعاتها مع ممثلي إدارة الاحصاء المركزي.
الى ذلك، يواصل أساتذة الجامعة اللبنانية إضرابهم المفتوح رفضا لقرار مجلس الوزراء إحالة مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب الى لجنة وزارية. ولم يفلح الاجتماع المسائي الذي عقده وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب على مدى ساعة ونصف ساعة في تعليق الإضراب، على الرغم من ابلاغه وفد الرابطة وقوفه الى جانب الاساتذة في مطلبهم المحق.
ووصف الوزير دياب لـ«السفير» الاجتماع بأنه «كان ممتازا»، وأنه جرى البحث في إيجاد مخارج تضمن حقوق الأساتذة وتوقف الإضراب، وقال: «أكدت لوفد الرابطة اقتناعي بالمطلب، وأن الأجواء لا تستدعي التخوف من تشكيل اللجنة الوزارية، ولن تكون مقبرة للمشاريع كما يتخوفون، ولا يفترض أن تتشعب القضية، كما أنها لن تأخذ وقتا طويلا». وأكد أنه سيحضر اجتماع اللجنة الوزارية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، وأن الرابطة أبدت كل تعاون.
ودعا دياب الرابطة إلى تمرير امتحانات الدورة الثانية لطلاب الجامعة لأن مستقبل العديد من الطلاب على المحك، كاشفا عن عدم وجود أي نية لدى الحكومة في المماطلة، كما أكد أن بابه مفتوح للتواصل المستمر مع الرابطة والتنسيق وإعادة النظر بالمشروع وإدخال المتقاعدين إليه.
وأوضح رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور شربل كفوري لـ«السفير» ان قرار الإضراب، ومقاطعة اللجنة الوزارية، لا يمكن العودة عنه إلا بعد الرجوع الى مجلس المندوبين الذي أوصى بذلك، وأن الرابطة على استعداد عند الاجتماع بالرئيس ميقاتي للإجابة على أي سؤال يتعلق بالسلسلة.
من جهة ثانية، عُلم ان مناقشة مشروع موازنة العام 2012 تأجلت من الاسبوع المقبل الى الاسبوع الذي يليه، حتى يتسنى للوزراء الاطلاع بالتفصيل على كامل بنود المشروع، على ان يعقد مجلس الوزراء الثلاثاء والاربعاء المقبلين جلستين عاديتين، الاولى في السرايا الحكومية، والثانية في القصر الجمهوري لاستكمال بحث بنود جدول اعمال الجلسة الاخيرة.
 

السابق
الانباء: تمويل المحكمة الدولية من أزمة إلى مأزق.. وأول احتدام مباشر بين ميقاتي ونصرالله
التالي
الجمهورية: إمتناع لبنان بين مؤيّد ومعارض ومتفهّم