السفير: ضـرائـب الموازنـة تضـرب الحـوار … والأجـور

تقف البلاد على عتبة الدخول في مواجهة سياسية اجتماعية، أطلت نذرها مع تصاعد الوتيرة المطلبية، سواء بتلويح الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية بالإضراب المفتوح، أو بتعرض الحوار الحكومي العمالي حول تصحيح الاجور لانتكاسة تمثلت بانسحاب الاتحاد العمالي العام من لجنة المؤشر، وباعتراض النقابات العمالية على ما وصفتها «ألغام الموازنة العامة» التي قدّمها وزير المالية محمد الصفدي، خاصة لجهة «البنود الضريبية المجحفة التي تضمنتها».

سياسياً، يشكل بند تمويل المحكمة الدولية قنبلة موقوتة، مزروعة في الموازنة، وقابلة للانفجار في أي وقت، خاصة ان هذا الأمر يقع على طرفي نقيض داخل الجسم الحكومي. وهو أمر توقف عنده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من زاوية التأكيد على دفع حصة لبنان بتمويل المحكمة، وذلك لرفع الضرر عن لبنان لأن الكثيرين يتربصون بلبنان وبالمقاومة، ولأنه لا يجوز ابداً ان يعارض لبنان المجتمع الدولي في هذا الظرف بالذات.

واذا كانت مجريات الساعات الماضية قد اوحت بانسداد افق الحوار المطلبي، وبحسم الاتجاه نحو الاضراب العام المقرر بعد خمسة ايام، فإن الانظار تتجه اليوم الى ما سينتهي اليه الاجتماع الذي سيعقده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع الاتحاد العمالي لمحاولة بلورة مخارج تعيد وضع المطالب على سكة الحوار بما يحول دون تجرع كأس الاضراب، علماً ان ميقاتي كما اكدت اوساطه منفتح على الحلول انطلاقاً من إدراكه الظروف الصعبة التي تعيشها معظم العائلات اللبنانية، ولكن ثمة اولوية موازية تتمثل بمعالجة التضخم المالي.

ولعل الصورة الحكومية تعكس تبايناً ان لم يكن انشقاقاً داخل الحكومة حول موازنة العام 2012، خاصة حول بند تمويل المحكمة الذي يحظى بتأييد الوزراء الوسطيين فقط، بالاضافة الى زيادة الضريبة على القيمة المضافة على السلع الاستهلاكية التي يرفضها عدد كبير من الوزراء، ولا سيما وزراء «التيار الوطني الحر»، في حين يتمسك بها وزراء آخرون، باعتبارها من مصادر التمويل الاساسية لتغطية التقديمات الاجتماعية والصحية والنفقات الاستثمارية وعجز الكهرباء.
وقد أطلقت مبادرة الاتحاد العمالي العام الى الانسحاب من لجنة المؤشر كتعبير اعتراضي على الضرائب التي يتضمنها مشروع قانون الموازنة، إشارة واضحة لأرجحية الذهاب الى الاضراب ما لم تتحقق مطالب العمال بما فيها زيادة الأجور وهو ما ترجحه المصادر النقابية في ظل الخلافات السياسية المتصاعدة. ويأتي ذلك في وقت ما زالت الاقتراحات المتداولة للتصحيح تدور حول البدل المقطوع للحد الادنى وتعزيز بدلات النقل بانتظار اجتماع لجنة المؤشر الأخير اليوم المفترض انها سترفع تقريرها الى مجلس الوزراء.  
وقال وزير العمل شربل نحاس لنا: إن الامور لم تصل الى نقطة مقفلة، ونحن كلجنة مستمرون في عملنا، ولدينا اجتماع اساسي (اليوم) والمسألة ليست للوصول الى رقم معين للأجور بل للوصول الى تعديل النمط الاقتصادي القائم في لبنان منذ عشرين سنة.
ورداً على سؤال حول ابعاد انسحاب الاتحاد العمالي من لجنة المؤشر قال نحاس: الاتحاد العمالي اراد ان يسجل موقفاً ضد مشروع الموازنة، وهذا المشروع معروفة مواقف الأطراف منه. وفي كل الاحوال نحن سنسير وفق قناعاتنا، والقرار النهائي سيحدده مجلس الوزراء.
اما وزير المال محمد الصفدي فاستغرب الموقف السلبي والمتشنج وأسف لانسحاب الاتحاد العمالي العام من لجنة المؤشر، معتبراً أن هذه الخطوة «لا تساعد على إيجاد الحلول». واشار الى «أن كل الامور في الموازنة مطروحة للنقاش داخل مجلس الوزراء».
وقال الصفدي لـ«السفير» إن لا تقديمات لتغطية صحية شاملة من دون الضرائب الجديدة، وأيّد «التصحيح المدروس للأجور في القطاعين العام والخاص»، مشيراً الى ان اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة ستجتمع الاثنين للخروج باقتراحات محددة ومدروسة لتصحيح الأجور، بشكل لا يأكلها التضخم وعندها يقرر الاتحاد العمالي واصحاب العمل موقفهم من توجهات اللجنة التي ستطرح.

وأوضح رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن لـ«السفير» أن الاتحاد علق مشاركته في لجنة المؤشر، بعدما وجد أن البحث يدور في حلقة مفرغة. ورفض البنود الضريبية في الموازنة، وقال إن رئيس الحكومة أمام مسؤولية المبادرة الى نزع ألغام الموازنة واسقاط البنود المجحفة خاصة تلك التي تلحق الضرر الكبير على المواطنين بالضرائب التي تخالف روحية البيان الوزاري للحكومة.

واشار غصن الى ان «الباب ما يزال مفتوحاً من الآن ولغاية موعد الاضراب في الثاني عشر من الشهر الجاري، وبالتالي الكرة في ملعب الحكومة. ونحن نأمل ان يصار الى الوصول الى حلول قبل الاضراب الذي ما يزال قائماً في موعده».
على صعيد تحرك الاساتذة الجامعيين، رفضت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، قرار مجلس الوزراء الأخير بالموافقة على سلسلة رواتب الأساتذة وتحويلها الى لجنة وزارية. ووصف رئيس الهيئة شربل كفوري قرار مجلس الوزراء بأنه استخفاف بعقول الأساتذة وأهل الجامعة.

واستجابت الهيئة لتوصية مجلس المندوبين بإعلان الإضراب المفتوح في جميع كليات ومعاهد الجامعة اللبنانية حتى إقرار السلسلة في مجلس الوزراء، ودعت جميع الهيئات الطلابية الى المشاركة في التحركات التي ستقوم بها الهيئة، خاصة في اعتصام أساتذة الجامعة بعد ظهر الثلاثاء المقبل في ساحة رياض الصلح، تزامناً مع انعقاد مجلس الوزراء.

وكشفت مصادر مقربة من وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب لـ«السفير»، أن الوزير كان متحمساً لإقرار السلسلة ودافع عنها وأبلغ رئيس الجمهورية ميشال سليمان ان السلسلة هي جزء من الخطة التربوية التي يسعى الى تنفيذها ليسهل بعدها تطبيق قانون التفرغ، والقيام بالأبحاث في الجامعة. وقالت إن دياب أبلغ سليمان «أنه لا يعقل ان يعلم استاذ جامعي بمليوني ليرة في حين ان مساعد الاستاذ في الجامعات الخاصة يقبض أربعة وخمسة ملايين ليرة».

الى ذلك، دعت هيئة التنسيق النقابية بعد اجتماعها في مقر نقابة المعلمين في لبنان، هيئاتها كافة للانعقاد لمناقشة التوصية بالمشاركة بالإضراب العام الشامل في 12 تشرين الأول 2011 في المدارس والثانويات الرسمية والخاصة والمهنيات ودور المعلمين والجامعة اللبنانية والإدارات الرسمية.
وأيدت لجنة الاساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي دعوة الاتحاد العمالي للاضراب واعلنت عن عقد جمعية عمومية الاحد المقبل تخصص لتحديد آلية المشاركة في اضراب 12 تشرين الأول.  

السابق
هل تحوّل جنبلاط حاجة…سوريّة ؟
التالي
لن نصوّت لمغارة علي بابا!