أحداث سورية إلى خواتيمها

زوار دمشق خلال الأسبوعين الماضيين عادوا بانطباع مشترك هو أن القيادة السورية نجحت في استيعاب الوضع الأمني ولو بصورة تدريجية، وهذه الوقائع سمعها هؤلاء الزوار من أعلى سلطة في سورية والمتمثلة بالرئيس بشار الأسد.
فاستقبالات الرئيس الأسد على مدى الأسبوعين المنصرمين والتي شملت كلاً من الرئيسين سليم الحص وعمر كرامي يرافقه الوزير فيصل كرامي، وبعدهما وفد الأحزاب الوطنية الذي ضم الوزير السابق عبد الرحيم مراد والعميد مصطفى حمدان والسيد كمال شاتيلا، كل هذا يشير بوضوح إلى بداية العودة الطبيعية لدى القيادة السورية في التواصل مع الشخصيات السياسية والحزبية الوطنية اللبنانية.

وفي هذا الإطار رأت مصادر سياسية مواكبة لهذه الحركة من الاتصالات أنها تحمل رسائل واضحة للداخل والخارج وأن سورية ما زالت تعتبر الملف اللبناني بكل أبعاده أمراً أساسياً في علاقاتها مع دول الجوار ولبنان بصورة خاصة، والإشارة المهمة هي أن الرئيس الأسد التقى هذه المجموعة من القيادات اللبنانية السنية على وجه التحديد، لكي يعلم القاصي والداني أن لسورية دوراً رئيسياً وفعّالاً على الساحة اللبنانية، وأن لبنان ليس بمقدوره أن يخرج عن محور الممانعة والمقاومة مهما كانت الضغوط التي تحاول أن تمارسها الجهات المتورطة نفسها في التآمر على سورية، وعلى الرغم من أنهم راهنوا على فرط وإسقاط هذا التحالف معها والذي ستنضم إليه قوى سياسية أخرى بعد أن يسلموا أن سورية قوية ومنيعة وستخرج من أزمتها المخطط لها خارجياً.

وأشارت مصادر سياسية أنه الى جانب هذه اللقاءات حصلت تطورات على الصعيد الداخلي اللبناني لا يمكن تجاهلها وأهمها التغيير في مواقف مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وكذلك مواقف البطريرك بشارة الراعي الذي أبدى تفهماً واقعياً وموضوعياً لتطورات الوضع في سورية، وهذه المعطيات الجديدة لدى كل من المفتي قباني والبطريرك الراعي جاءت لمصلحة سورية بصورة أو بأخرى.

وتضيف المصادر السياسية أن زوار دمشق الذين عادوا مطمئنين بعد الذي سمعوه من الرئيس الأسد أكان على الصعيد اللبناني أو بالنسبة إلى الوضع الإقليمي والدولي، والثقة التي كان يتحدث بها الرئيس الأسد عن عدم وجود أي نوع من أنواع القلق والخوف لا من الداخل ولا في الخارج، لأنه داخلياً شخّص الوضع بكل تفاصيله أمام زواره اللبنانيين، وأن بعض التداعيات الأمنية التي ما زالت قائمة والبؤر في بعض المناطق لا يمكن مقارنتها مع بداية الأحداث التي شهدتها سورية، وأن الدولة تلاحق مسؤولي المجموعات الإرهابية في المناطق التي تنفذ فيها اغتيالات تستهدف رجال العلم والسياسة والدين، بهدف ترويع السوريين وخلق حال من الإرباك في صفوفهم، وأنه مجرد اللجوء إلى هذه الأساليب فهذا يعني أن المخطط سقط وفشل من خلال وجود ضمانتين، الأولى هي الجيش العربي السوري الذي بقي متماسكاً إلى أبعد الحدود، لأنه عرف واكتشف حجم المؤامرة، والضمانة الثانية هي وعي الشعب السوري على الرغم من الضخ الإعلامي والسياسي والمالي والعسكري الذي ما زال قائماً حتى الآن، وهاتان الضمانتان جعلتا القيادة في سورية تنتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم على قاعدة تعرية كل المواقف والمخططات التي رسمت لسورية منذ سنوات، ليس لسبب إلا لأنها تقف وتدعم حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق وتصر على استرجاع الأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان ولبنان.   

السابق
جمعية شباب صور نحو الغد ومؤتمر حول حوادث السير
التالي
الخوخ·· يقوي العظام ويخفض الكولسترول