مؤشرات سلبية تواجه الحكومة

إضافة للغبار السياسي الرمادي الذي يتجمع في السماء اللبنانية، يلاحظ المراقبون، ان مجموعة من المؤشرات الاقتصادية السلبية، تتراكم لتلقي بظلالها على المساحة الضيقة التي تتحرك فيها الحكومة.

وهذه المؤشرات السلبية، تأتي من مصدرين مختلفين:

المصدر الأول هو ان واقع الاقتصادي اللبناني يعاني من مجموعة من الصعوبات، منها ما هو محلي مرتبط بالاوضاع السياسية غير المثالية للتحفيز الانتاجي، ومنها ـ وهو الأكبر ـ مصدره الاوضاع السياسية الاقليمية والدولية المضطربة، وخاصة في محيط لبنان، لاسيما في سورية، الجارة الاقرب.

 
تراجعت حركة الودائع المصرفية، خلال الـ 7 أشهر الاولى من العام 2011 بنسبة 27% قياسا بعام 2010، وهبطت من 10300 مليون دولار الى 7588 مليون دولار حتى نهاية شهر يوليو المنصرم.

وتأثر لبنان بتراجع الاستثمارات الوافدة الى المنطقة العربية بنسبة 83%، وهي انخفضت من 20 مليار دولار عام 2010 الى 4.8 مليارات عام 2011 لتاريخ الاول من سبتمبر.

ويعاني الاقتصاد اللبناني ـ خاصة قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة ـ من انعكاسات الاضطرابات في سورية بشكل واسع جدا. كون سورية ممرا مهما للصادرات اللبنانية، وهي سوق لمنتجاته في نفس الوقت، وتقدر صادرات لبنان الى السوق السورية بأكثر من 6% من مجموع هذه الصادرات، وهي توقفت بالكامل من جراء قرار سورية إيقاف الاستيراد من الخارج، ناهيك عن تأثر لبنان الكبير في المجال السياحي، بسبب هذه الاحداث.

والعجز في الميزان التجاري اللبناني تجاوز الـ 13 مليار دولار، وهو يهدد بكارثة اقتصادية، لولا تحويلات أموال المغتربين اللبنانيين، التي تقارب الـ 9 مليارات دولار، وتساهم في تصحيح خلل ميزان المدفوعات.

كل ذلك انعكس سلبا على قوة الاقتصاد، وادى الى تدني مستوى النمو الى ما دون الـ 1.7%، ولا يعني التصنيف الايجابي لديون لبنان الخارجية من قبل مؤسسة، ميريز لانش الدولية، ان الاقتصاد تعافى، او انه منتعش.

اما المصدر الثاني للمؤشرات السلبية، فهو في ارتفاع مستوى التضخم في أسعار السلع والخدمات، مما أنتج حركة مطلبية محقة، تضغط على الحكومة لزيادة الرواتب والاجور، ورفع مستوى التقديمات الصحية والاجتماعية، ناهيك عن القطاعات التي تطالب بتصحيح أوضاعها المزرية، كالاساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية.

لا تستطيع الحكومة اللبنانية تجاهل هذه المؤشرات، فهي ملزمة بتلبية المطالب الاجتماعية العادلة، وهي في نفس الوقت تحت كابوس تراجع النمو من جهة، وشكل من أشكال الحصار الخارجي المقنع ـ أو لنقل عدم الحماسة الخارجية لمساعدتها ـ من جهة أخرى.

ان صمود الحكومة أمام التحديات الاقتصادية القادمة مسألة في غاية الأهمية، خاصة أنها وعدت في بيانها الوزاري بتحسين مستوى معيشة اللبنانيين. ومعظم القوى السياسية الممثلة فيها لا تستطيع أبدا أن تتنكر لمناصرتها الدائمة لحقوق العمال والموظفين والفقراء.

هل يتجرأ وزير المالية محمد الصفدي ومعه الحكومة مجتمعة، أن تزيد من مستوى الضرائب بحق الاغنياء، والبنوك، لتغطية جزء من العجز، رغم تهديدات هؤلاء من مغبة اللجوء الى هذا الخيار الذي يدمر الاقتصاد الخدماتي برأيهم؟ 

السابق
الراي: الأسد حريص على بقاء حكومة ميقاتي الأموال تتدفق من لبنان لدعم المجموعات المسلحة
التالي
التمويل يقابله شهود الزور والبروتوكول!