النهار: الدولة تتجاهل الخرق السوري للحدود اللبنانية وتحريك مبدئي لسلاسل الرواتب في القطاع العام

مع أن مواضيع وملفات عدة من خارج جدول الاعمال المثقل بـ159 بندا شقت طريقها الى المناقشات، فان مجلس الوزراء تجنب في جلسته الطويلة مساء أمس التطرق الى الخروقات المتكررة التي قام بها الجيش السوري للحدود اللبنانية – السورية شمالاوبقاعا وكان آخرها قبل يومين في عرسال إذ غاب هذا التطور تماما عن الابحاث والمقررات.

وغلب على الجلسة ومقرراتها الطابع المطلبي والاداري، وسط تفاعل مجموعة ملفات في ضوء المفاوضات الجارية في شأن مسألة تصحيح الاجور والتي زادها تعقيدا على ما يبدو اعداد مشروع موازنة 2012 متضمنا زيادات في بعض الضرائب ولا سيما منها الضريبة على القيمة المضافة. كما لم تغب عن أجواء الجلسة أصداء الاعتصام المفتوح الذي بدأه أهالي المنصورية وعين سعادة وعين نجم احتجاجا على المدّ الهوائي لخطوط التوتر العالي. ومع ذلك وجد مجلس الوزراء متسعا من الوقت للثناء على مشاركة كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في أعمال الدورة العادية للأمم المتحدة والمواقف التي اتخذاها فيها.

واتخذ مجلس الوزراء قرارات تتعلق بتعيين الوزير السابق عدنان السيد حسين رئيسا للجامعة اللبنانية وتعديل سلسلة رواتب أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية واعطاء افراد الهيئة التعليمية في ملاك التعليم الاساسي والتعليم المهني والتقني أربع درجات استثنائية، وألّف لجنة وزارية لتعديل الرواتب والاجور في القطاع العام.
ولم يتمكن المجلس من انجاز جدول أعماله كاملا على رغم ان الجلسة استمرت أكثر من خمس ساعات. وأوضحت مصادر وزارية لنا ان البحث في الجلسة بدأ من الملحق بجدول الاعمال وأبرز مواضيعه تعيين السيد حسين رئيسا للجامعة اللبنانية كما كان متوقعا، من خمسة مرشحين. وقد تحفظ وزراء "جبهة النضال الوطني" وحدهم عن هذا التعيين لا لسبب إلا للطريقة التي تم فيها على خلفية محض سياسية، في حين ان ملفات المرشحين الاربعة الآخرين تظهر كفاياتهم لهذا المركز، كما قالوا، مكتفين بتسجيل هذا التحفظ من دون اعاقة التعيين.

وأضافت ان مجلس الوزراء قرر عقد جلستين الاسبوع المقبل، الاولى بعد ظهر الثلثاء في السرايا والثانية بعد ظهر الاربعاء في قصر بعبدا لاستكمال البحث في المواضيع الطارئة التي تحتاج الى بت سريع. واستفاض مجلس الوزراء في البحث في المطالب الاجتماعية والحياتية وطلب من وزارة المال البدء بدراسة لسلاسل جديدة لرواتب القطاع العام بعد الموافقة على تطبيق سلسلة جديدة للقضاة والموافقة مبدئيا على تعديل سلسلة رواتب الاساتذة في الجامعة اللبنانية، على ان تناقش أرقامها معهم لاحقا وتضع لجنة وزارية تضم وزراء المال والتنمية الادارية والتربية والعمل جداولها الجديدة بعد دراسة علمية وموضوعية.

كما تقرر ان تتابع اللجنة الوزارية المختصة مطالب الاتحاد العمالي العام، ورأى وزراء ضرورة الحفاظ على التوازن وعدم حصول خلل في رواتب موظفي القطاع العام مع مراعاة وضع الخزينة وعدم التسبب بالتهام الزيادات المحتملة سلفا. وأثير التخوف من حصول عمليات صرف في القطاع الخاص لعدم قدرته على تحمل الزيادات.

وأثار وزير الداخلية والبلديات مروان شربل موضوع الاجراءات التي تنفذها قوى الامن في المنصورية حيث نشر نحو 450 رجل أمن في مواكبة اعتصام الاهالي. وتداول مجلس الوزراء أسباب الاعتصام ومدى خطورة المدّ الهوائي لخطوط التوتر العالي وطريقة معالجته. ولفت بعض الوزراء الى ما سموه مزايدات سياسية بين أفرقاء سياسيين في هذا الموضوع، وذكر أحدهم أن وزير الطاقة كان داعما لهذه الاعتصامات حين كان في وزارة الاتصالات ومعه وزراء "تكتل التغيير والاصلاح" والآن تبدلت الأدوار. وستجرى اتصالات مع المعتصمين لاقناعهم بأن الدراسات تظهر أن مد الخطوط فوق الأرض أقل خطورة من مدها تحت الأرض.

 
أصداء التوغل
وكان التوغل العسكري السوري داخل الاراضي اللبنانية في منطقة عرسال البقاعية اول من امس أثار موجة تنديد واسعة في صفوف المعارضة التي وجه زعماؤها انتقادات حادة الى الحكومة لسكوتها على هذا الأمر. وتخوّف الرئيس أمين الجميل في هذا الاطار من أن يكون ما حصل "منحى جديداً للجيش السوري في لبنان"، مذكراً بالقرار 1559 وباتفاق الدولتين اللبنانية والسورية، على انسحاب الجيش السوري، محذراً من هذه "العودة". ودعا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الحكومة الى "ارسال احتجاج شديد اللهجة من خلال وزارة الخارجية أو السفارة السورية في لبنان تطلب فيه عدم تكرار مثل هذه الحوادث". واعتبر النائب بطرس حرب الخرق "اعتداء على سيادة لبنان ودولته واستباحة من النظام السوري للأراضي اللبنانية"، محذراً الحكومة من "التفريط في استقلال لبنان والمساومة عليه". ووصف "تيار المستقبل"، "صمت الحكومة على هذا الاعتداء" بأنه "نتيجة حتمية لسياق سياسي سلكته تحت مسمى الحياد من دون التنبّه الى المتغيرات التي تعصف بالمنطقة"، فيما طالبت الأمانة العامة لقوى 14 آذار "الدولة وأجهزتها بوضع حد لهذه الانتهاكات ومنع تكرارها".

الامتناع عن التصويت
وفي سياق آخر كشفت مصادر مطلعة لـ"النهار" أن القرار الذي اتخذه لبنان بالامتناع عن التصويت في جلسة مجلس الأمن على مشروع القرار الأوروبي المندد بالقمع السوري للاحتجاجات، واكبته معركة شد حبال وتجاذبات بين مواقع رسمية وسياسية داخل فريق الأكثرية. وأوضحت أن التعليمات الأولى التي أرسلت الى مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام من وزارة الخارجية كانت تقضي بالتصويت ضد مشروع القرار. غير ان مشاورات عاجلة على جانب من الصعوبة أجريت بين المعنيين ورجحت كفة قرار الامتناع عن التصويت تجنباً لوقوع لبنان بين مطرقة الضغوط الدولية وسندان الضغط السوري وساهم في ترجيح هذه الكفة توافق رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء على الامتناع عن التصويت الذي ابلغ الى مندوب لبنان كقرار نهائي. ولوحظ في هذا السياق ان محطة "المنار" التابعة لـ"حزب الله" انتقدت أمس هذا القرار واعتبر أنه "أظهر لبنان هزيلاً".
وقد وزع نص الكلمة المقتضبة التي القاها السفير سلام في الجلسة وجاء فيها "أن لبنان، وازاء ما تعيشه سوريا من حوادث، يهمه أن يؤكد انه يتمسك بالدفاع عن سيادة هذا البلد العربي الشقيق ووحدته أرضاً وشعباً وعن أمن جميع أبنائها وسلامتهم. وإذ نعبر عن حزننا الكبير لسقوط الضحايا، كل الضحايا، في هذا البلد الشقيق فان لبنان وانسجاماً مع الموقف الذي سبق له أن اتخذه في الثالث من شهر آب بالنسبة الى البيان الرئاسي، وحماية لوحدته واستقراره، يمتنع اليوم عن التصويت على القرار الذي كان معروضاً امامنا".  

السابق
هزيم التقى وفداً من حزب الله: لسنا خائفين على المسيحيين
التالي
بعد الفيتو…الاختبار لأردوغان