دستور تركيا الجديد والمشكلة الكردية

تبدأ تركيا في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) فصلا تشريعيا جديدا، بأجندة حصرية لكتابة دستور جديد للبلاد، وقد أخبر رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الصحافيين يوم الخميس قبل السفر إلى مقدونيا، إنه يرغب في الانتهاء من هذا العمل خلال النصف الأول من عام 2012.
ولم يكن حزب العدالة والتنمية، الذي قال إن الدستور الجديد ينبغي أن يكون أولوية بالنسبة للبرلمان الذي تشكل في أعقاب انتخابات 12 يونيو (حزيران) الماضية، هو الوحيد الذي ركز على القضية التركية، فأحزاب المعارضة البرلمانية الـ3 الأخرى، وهي: حزب الشعب الجمهوري الديمقراطي الاشتراكي، وحزب الحركة القومية اليميني، وحزب الديمقراطية والسلام، لا تزال ملتزمة بوعودها التي قطعتها في حملاتها الانتخابية.
سيكون هذا أول دستور تركي غير مكتوب في ظروف استثنائية مثل الحرب والثورات أو الانقلابات العسكرية، وهو ما يعني أنه سيكون على عكس الدساتير التي كتبت من قبل في أعوام 1876 و1908 و1924 و1980.
ولن تكون المسألة الكردية القضية الوحيدة المهيمنة على الدستور الجديد، فالسيطرة السياسية على الجيش والعلاقة بين الهيئات التنفيذية والقضائية، وقاعدة قانونية مطورة للاقتصاد والنهج القائم على الفرد لا الدولة، ستكون من بين الأشياء الأخرى ذات الأهمية في الدستور الجديد.
لكن القضية الكردية ستكون، دون شك، الأكثر أهمية من القضايا الأخرى، نظرا لأنها ستتضمن السلام في البلاد والأفراد بعد ثلاثين عاما من قتال قوات الأمن ضد حزب العمال الكردستاني المحظور.
 
وقد اتبعت حكومة أردوغان (التي تحكم للفترة الثالثة لها على التوالي)، نهجا مختلفا بشأن المسألة الكردية وبدأت حوارا مع عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة، وممثليه في القتال (بما في ذلك الفصائل المسلحة) عبر مؤسسة الاستخبارات الوطنية.
ربما يكون من الأهمية بمكان ملاحظة أنه عندما تم تسريب التسجيل الصوتي الذي تم الحصول عليه بصورة غير قانونية حول هذه المحادثات على مواقع الإنترنت، لم تسأل أحزاب المعارضة عن السبب في إجراء الحكومة محادثات مع منظمة إرهابية. لكنهم تساءلوا لماذا كذب أردوغان عليهم عندما زعموا وجود مثل هذه المحادثات من قبل.
وقد أظهر ذلك أن المجتمع التركي يريد وقف شلال الدماء عبر تسوية سياسية للمشكلة الكردية، التي توفر أرضا خصبة لحزب العمال الكردستاني.
لكن حزب العمال الكردستاني يزعم أن أحد أسباب حملته التي لا هوادة فيها ترجع إلى غياب الحوار، وأن المؤسسة الرسمية لم توقف عملياتها. على النقيض فقد طالت عملياتها المدنيين.
وقد رفض حزب السلام والديمقراطية أداء اليمين البرلمانية، مطالبا بشروط مسبقة بشأن المسألة الكردية قبل بدء عمل البرلمان على الدستور، في الوقت الذي تلقى فيه حزب العمال الكردستاني (الذي يتقاسم نفس القاعدة الشعبية، كما قالوا هم أنفسهم) رد فعل من المجتمع كان من بينهم بعض الداعمين.
سيضطر حزب السلام والديمقراطية أن يخضع لضغوط الرأي العام وأن يخطط للانضمام إلى البرلمان يوم السبت، وقد كان استقبال الرئيس عبد الله غل لقادة الحزب يوم الخميس إشارة إلى أن الطريق نحو دستور مدني جديد في تركيا قد فتح، مزيلا بذلك أي عقبات مستقبلية يمكن أن تخرب هذه العملية. 

السابق
عون بحث مع سفير مصر العلاقات والاوضاع الاقليمية
التالي
القسام تنشر أرقاماً عن إنجازاتها.. لتؤكد أن القوة هي القول الفصل