النهار: فرنجية يكتب من فرنسا لسيدة الجبل والدعوات لم تُكتب بعد

"لقاء سيدة الجبل" في 23 من هذا الشهر ندوة عقدت مثيلات لها كثيرات، بالأحرى لقاء نخب ستصدر عنه وثيقة فكرية – سياسية. لماذا كل هذه الضجة؟

في العادة، سمير فرنجية يقترح حركة ما من هذا النوع وينظّر ويكتب لها، وفارس سعيد يتابع التنظير وينظم ويحضّر مع مجموعة مسيّسة، من مثقفين وأساتذة جامعيين وإعلاميين وكتّاب. كادرات عالية تتوزع معهما الأدوار وتناقش. مدار المناقشة هذه المرة وثيقة تحدد دور المسيحيين في "ربيع العرب" سعياً إلى قراءة واحدة إلى ما يجري في هذه البقعة من العالم.
سمير فرنجية في فرنسا وسيعود خلال إيام. من هناك يكتب رؤوس أقلام ومسوّدة فوق مسوّدة أخرى. فاللقاء تحدد له أكثر من موعد وأرجئ مراراً. الموعد الأول كان في 5 حزيران الماضي قبل مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي في فرنسا بكثير. أخطأ من اعتقدوا وروّجوا أن اللقاء هو ردّ على مواقف البطريرك، يقول فارس سعيد.
وحتى مساء أمس كانت المناقشات تتركز على الدعوات والأسماء والمعايير. فاللقاء فكري، وأحد المنظمين الرئيسيين، الدكتور كمال اليازجي، يتوقع مشاركة ثلثي المدعوين، و"إذا حضر نحو 500 – 600 من نخبة الوسط المسيحي في لبنان فسيشكلون تظاهرة سياسية فوق الطابع الفكري لهذا اللقاء. لا بأس".
أما فارس سعيد فيعود إلى البدايات: "سنة 2000 بعد إطلاق نداء المطارنة الموارنة اجتمعت 300 شخصية وفاعلية في دير سيدة الجبل من جبيل وكسروان. كان اللقاء الأول وأبلغتهم أني ذاهب إلى المعارضة، وسأدعم مواقف الكنيسة المارونية. بعد ذلك تأسس "لقاء قرنة شهوان" . وصيف 2001 نظمنا الخلوة الثانية في دير سيدة الجبل ودعمنا في بيان مواقف البطريرك الماروني آنذاك نصرالله صفير و"لقاء القرنة" ومواقف "المنبر الديموقراطي". كانت مساهمة مسيحية للتيار الإستقلالي الذي كان بدأ ينمو مع نداء مجلس المطارنة. ومن وسط جبيل وكسروان. وكانت تشارك أحياناً شخصيات من "قرنة شهوان".
في الـ 2004، أعتقد في الخلوة الخامسة أو السادسة، شارك الشهيد بيار الجميّل وألقى كلمة، والشهيد جبران تويني، ومن "المنبر الديموقراطي" حبيب صادق والنائب باسم السبع والسيد هاني فحص والدكتور سعود المولى و(الكاتب السياسي آنذاك) عقاب صقر وغيرهم. عندما كانت الأمور في لبنان تأخذ منحى محض انتخابي كنا نذهب إلى "سيدة الجبل" ونضع ورقة فكرية – سياسية من أجل بث مناخ فكري جدي في البلاد. مساحة فكرية سياسية ليس لها أي طموح سياسي ولا أي شيء من هذا النوع. واستحصلنا على رخصة، علم وخبر من وزارة الداخلية، باسم "لقاء سيدة الجبل" قدمت في تموز 2005.
في تموز 2006 عقدنا خلوة أيضاً ووضعنا وثيقة من أجل عقد اجتماعي جديد بين اللبنانيين فسّرنا فيه معنى الدولة المدنية انطلاقا من اتفاق الطائف، وربما يكون هذا اللقاء الوحيد في لبنان الذي فسّر ماذا تعني دولة مدنية مختلفة عن الدولة العلمانية والدولة الدينية.  
أما الخلوة الثامنة التي نحضّر لها هذا الشهر فيفرضها التبدل الهائل الذي يشهده العالم العربي والإرباك الذي يبرز في الساحة المسيحية. إرباك يعود في رأيي إلى إرسال القيادات السياسية والمرجعيات الروحية إشارات متناقضة.
نريد صوغ قراءة موحدة لمثقفين ومفكرين لبنانيين من خلال وثيقة ستكون مادة للنقاش مع الأحزاب والشخصيات السياسية والطوائف الأخرى ومع العالم العربي. نريد أن نبعث برسالة مسيحية مختصرها أننا لا نخاف "الربيع العربي" بل سنتفاعل معه. في الأصل لما كان هذا الربيع لولا سنونوة أولى أتت من بيروت. قبل نداء المطارنة وقبل 14 آذار 2005. هذا ما نرغب في قوله، لا أكثر ولا أقل.
الأحزاب؟ أحياناً كنا ندعوها وأحياناً لا، تبعا للموضوع. مثلاً عندما اتفقنا مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعد التمديد في الـ2004 شارك معنا النائبان آنذاك باسم السبع وغطاس خوري، وحضر من "اللقاء الديموقراطي" النائبان أكرم شهيب ووائل أبو فاعور. وكان معنا كما قلت "الله يرحمن" بيار الجميّل وجبران تويني.
"لقاء سيدة الجبل" لا هو إطار حزبي ولا إطار سياسي مقفل ولا يتطلع إلى التحوّل شيئاً من هذا النوع في المستقبل. أبداً. هو مجرد "لقاء" يحمل رخصة سواء انعقد في فتقا أو أدما أو تنورين. ولا علاقة له من قريب أو بعيد بأطر قوى 14 آذار والأمانة العامة أو غيرها، خلافاً لما اعتقد بعضهم. هذا "اللقاء" سابق. كان قبلاً. وبالتالي الموضوع ليس تبايناً مع حزب الكتائب أو حزب "القوات" ولا مع أي أحد.
إنما، بصفتي الشخصية، أنا فارس سعيد، أسوق ملاحظة، ولي الحق: الكلام الذي أطلقه سمير جعجع في ذكرى شهداء المقاومة في جونية يستحق القول إن هناك أناساً يؤيدون هذا التوجه عند المسيحيين. لأنه توجه يرمي إلى الربط بين المسيحيين وشركائهم المسلمين في الوطن، وبينهم وبين حركة التغيير الكبرى في العالم العربي.
وبالتأكيد سنعطي الأحزاب "علم وخبر" باللقاء. إذا كان مثقفون ومفكرون وسياسيون فيها يرغبون في التفاعل مع "اللقاء" ومناقشة الوثيقة فأهلاً وسهلاً. لا مانع إطلاقاً وليس بين "سيدة الجبل" والأحزاب أي حدود. وإذا كان هناك مثقفون ومفكرون في خارج لبنان يرغبون في المساهمة بحضورهم الشخصي أو عبر رسائل وأفكار، فهم مرحب بهم أيضاً. يشرفنا أن ندعو مثلاً شخصية مثل أمين معلوف، بصرف النظر عما إذا كان سيلبي الدعوة أم لا، ومثله غسان سلامة، وطارق متري، وميشال كيلو…
ولم ننسق مع الرئيس أمين الجميّل ولا مع الدكتور سمير جعحع ولا مع "الريس" دوري شمعون، ولا العميد كارلوس إده… "لقاء سيدة الجبل" يبادر وهو مستقل عن حركة 14 آذار ونشأ قبلها. سيبدأ توزيع الدعوات في 15 من هذا الشهر. حتى الآن لم توضع الأسماء". 

السابق
اللواء: بري مخاطباً برلمان أرمينيا. اللعب بنار الفتنة في سوريا سينعكس على كل المنطقة
التالي
لمن يزهر الربيع؟