أضرار زراعية في وادي الحاصباني من امطار ايلول

بعد الكشف على الأضرار الكبيرة التي لحقت بقطاع الزراعات الصيفية في سهل عكار، وخاصة المنطقة الساحلية منه، وبقطاعات أخرى غمرتها السيول التي اجتاحت المحال التجارية والمستودعات من العبدة حتى الحدود الشمالية، ما تزال أضرار «أمطار أيلول» تتكشف في المناطق، حيث برزت خسائر، تتضارب الأرقام حولها، في أعالي منطقة الضنية، فيما علت صرخة المزارعين في حوض الحاصباني، معتبرين أن أكثر من خمسين في المئة من مزروعاتهم قد لحقت بها أضرار كبيرة.

وكشف التعاطي غير الرسمي مع نتائج العاصفة التي ضربت منطقة الضنية (عمر إبراهيم) نهاية أيلول الماضي، وأدت إلى وقوع أضرار في المزروعات الأرضية وفي التفاح على وجه الخصوص، عن وجود تضارب لافت في تقدير حجم الخسائر بين المطالبين بالتعويضات من مزارعين، وبلديات، وقوى سياسية في المنطقة، وبين مصادر زراعية رسمية عملت على رفع تقريرها إلى الجهات المعنية، بانتظار أن تحسم «الهيئة العليا للإغاثة» الأمر، بعد انتداب الفريق المفترض للكشف على الأضرار.
لكن تلك العاصفة، التي انتهت إلى ما انتهت إليه من أضرار، خلفت وراءها عواصف من نوع آخر، ضربت بشكل مباشر صلب القضية، وخلقت حالا من الانقسام في صفوف أبناء المنطقة وفاعلياتها حول الآلية المفترض اعتمادها للفت أنظار الحكومة إلى مطالبهم، وحثها على دفع التعويضات المناسبة. وذلك ما بدا واضحاً من خلال تأجيل المؤتمر الصحافي الذي كان مقررا قبل يومين في بلدة سير، وعدم حصول الاعتصام الذي كان «اتحاد بلديات الضنية»، وبلدية سير، قد دعيا إليه أمس. وهو ما كشف عن غياب التنسيق بين البلديات من جهة، واتحادها من جهة ثانية، وأعطى انطباعاً سلبياً حول كيفية مواجهة أزمات مشابهة، والتعاطي معها مع الجهات الرسمية، التي تبدي بحسب المعلومات تريثا في القيام بأي خطوة لحين إنجلاء الصورة، واستقرار بورصة المزايدات في تقدير حجم الخسائر.
 
فالضنية التي تعتبر من أبرز مناطق الشمال في زراعة التفاح على أنواعه، كانت تعرضت بعض القرى فيها الواقعة في أعالي جرودها لعاصفة من البرد أصابت الإنتاج الذي سقط قسم كبير منه على الأرض، وقسم آخر تعرض للتلف على الأشجار، ما دفع المزارعين إلى رفع الصوت عالياً، مطالبين بالتعويض عليهم عن الخسائر التي لحقت بهم. وكانت معلومات تحدثت منذ اليوم الأول للعاصفة التي ضربت قرى وبلدات في أعالي جرود الضنية عن خسائر كبيرة طالت التفاح، تقدر بأكثر من مليون ونصف المليون دولار أميركي، بعدما ضربت عاصفة البرد بحسب الأهالي ما نسبته 80 في المئة من إجمالي إنتاج تلك المناطق من التفاح. لكن مصادر زراعية كشفت لـ«السفير»، عن وجود أضرار تتفاوت بين منطقة وأخرى، وتصل نسبتها ما بين 50 الى 70 في المئة. في المقابل، لفتت مصادر رسمية، إلى أن «العاصفة ضربت ما نسبته 50 في المئة من إجمالي إنتاج الضنية، كون قسم من المزارعين عمل على قطاف محاصيله قبل فترة». وأوضحت المصادر أن «نصف إجمالي إنتاج التفاح في محافظة الشمال، قد يساوي المبلغ الذي يتردد بين أوساط العموم. ويحاول البعض ترويجه»، مبدية خشــيتها من «محاولات استثمار لتحقيق مكاسب غير مشروعة عبر الحصول على التعويضات».
أما في حاصبيا (طارق أبو حمدان)، فقد تكشفت أضرار أمطار أيلول المترافقة مع رياج عاتية، عن خسائر فادحة بالمزروعات الصيفية والأشجار المثمرة في وادي الحاصباني، والقرى المجاورة، خاصة بساتين التفاح التي تساقطت ثمارها وأشجار التين التي تلفت أكوازها وذبلت وهي على أغصانها، ناهيك عن غرق مساحات واسعة مزروعة بالبندورة والقثاء والخيار.

ويشير المزارعون في قرى ميمس، والكفير، والخلوات، وعين قنيا، إلى أن كارثة حقيقية أوقعتها الأمطار بموسم التين، الذي تعتاش منه شريحة واسعة من أبناء المنطقة، تقدر بنسبة 24 في المئة من السكان، خاصة بعدما دخلت تلك الفاكهة إلى معظم الأسواق اللبنانية، وباتت مطلب عدد من مصانع توضيب وتعليب الفاكهة، فثمار تلك الأشجار الطرية كما يوضح المزارعون، غير قادرة على مقاومة المطر، الذي يدخل إلى قلب الأكواز، فيعطلها خلال أقل من 24 ساعة. ويضيف هؤلاء أنهم خسروا نصف الموسم، حيــــث تلفت الأكواز واهترأت وباتت مصدرا للروائح الكريهة.
وبدورها بساتين التفاح في وادي الحاصباني وشبعا، نالت نصيبها من العاصفة، بحيث تسببت الرياح بتساقط الحبات بنسبة 20 في المئة، مما رفع من خسائر المزارعين الذين فشلوا حتى اليوم في تسويق إنتاجهم، بسبب الكساد وعدم الطلب، ما اضطرهم للتوجه إلى وضع آلاف الصناديق داخل البرادات، على أمل تسويقها خلال فصلي الشتاء والربيع، كذلك عطلت السيول مواسم المزارعين الصيفية خاصة اللوبياء، والباذنجان، والبندورة، والفاصوليا العريضة، ومختلف أنواع الحشائش. ويستغرب مزارعو المنطقة غياب الجهات المعنية، التي لم تعر الأضرار أي اهتمام، كما يقول العديد من رؤساء الجمعيات التعاونية الزراعية، الذين طالبوا وزارة الزراعة و«الهيئة العليا للإغاثة»، بضرورة التحرك عبر إرسال لجان لتقدير الأضرار والعمل سريعاً على دفعها، رحمة بالمزارع المسكين، الذي يعاني مرة من الكساد، وأخرى من غضب الطبــيعة، ناهــيك عن إهــمال الجهات المعنية للقطاع، والذي يشهد تراجعاً مخيفاً في المنطقة. 

السابق
اليونيفيل تواصل تحديد منطقة عملها في الجنوب
التالي
حرق أولاده وانتحر