fold.it يكشـف أحـد ألغاز الإيـدز

في الثامن عشر من شهر أيلول الفائت، كشفت مجلة «نايتشر» العلميّة أن مشاركين في لعبة «Fold it» أو «أطوِها» المتوفّرة على شبكة الإنترنت، تمكّنوا من فكّ أحد ألغاز فيروس نقص المناعة البشرية (الأيدز) لدى القرود، ما يعد بإحراز تقدّم مهمّ في معالجة المرض لدى الإنسان.
ففي غضون ثلاثة أسابيع، تمكّن فريق من المشاركين في اللعبة من اكتشاف هيكل إنزيم مرتبط بتكاثر فيروس نقص المناعة البشرية. والإنزيم هو عبارة عن بروتين يعمل على تحفيز التفاعلات الكيميائيّة الحيوية في الجسم. وتساهم معرفة هيكل ذلك الأنزيم ببلورة عقاقير تشلّ من حركته وبالتالي تحدّ من تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية. وبفضل هذا الإنجاز، تجاوز اللاعبون قدرة الباحثين العلمييّن الذين يحاولون، منذ عشرة أعوام، الكشف عن خصائص فيروس «نقص المناعة البشرية» وتطوير سبل محاربته.
وتجمع اللعبة الذهنية «فولد إت» المتوفرّة على شبكة الإنترنت بين التسليّة وبين المساهمة العلميّة في الكشف عن شكل البروتينات من خلال السماح للمشاركين بتخمين الشكل الهندسي الثلاثي الأبعاد للبروتينات، وبإرسال النتائج إلى المختبرات العلميّة للتأكّد من صحتّها وملاءمتها للمعطيات العلميّة.
وتشكّل البروتينات عنصرا أساسيّا في حياة الخلايا في الجسم. فعلى سبيل المثال، تدخل بعض البروتينات في تركيبة الخلايا، وتقوم بروتينات أخرى بهضم الأغذيّة، أو بنقل الرسائل من الدماغ إلى مختلف أعضاء الجسم، أو بتحفيز بعض التفاعلات الكيميائيّة الحيوية التي تحدث داخل الجسم.  وتتكوّن جميع البروتينات من الأحماض الأمينيّة وتختلف في تركيبتها وهندستها، فشريط الأحماض الأمينيّة يلتفّ بطرق عديدة ومختلفة.

يحدّد هيكل البروتين أو شكله الهندسي وظيفة البروتين في الجسم، فمثلا، يمتلك البروتين المتخصّص في هضم مادة الكلوكوز شكلا يسمح له بالتعرّف الى مادة الكلوكوز والالتحام بها كالتحام القفل بالمفتاح.
وعلى الرغم من أن العلماء تمكّنوا في السنوات العشر الماضيّة من معرفة تسلسلّ الأحماض الأمينيّة لملايين البروتينات، فما زالوا عاجزين عن معرفة التركيبة الثلاثية الأبعاد للكثير منها. فمنذ العام 1950، لم يكشف الباحثون العلميّون سوى عن الشكل الهندسي الثلاثي الأبعاد لخمسين ألف بروتين فقط.

من هنا، تكتسب لعبة «فولد إت» أهميّة علميّة خاصة تتركّز في مساهمة اللاعبين في الكشف عن هياكل البروتينات وبالتالي في معرفة خصائص الكثير من الأمراض وسبل الوقاية منها وطرق علاجها كمرض «نقص المناعة البشريّة» أو مرض السرطان.
ومنذ أن استحدثها في العام 2008 الباحث في علوم الكمبيوتر في جامعة واشنطن سات كوبر، بلغ عدد المشاركين بلعبة «فولد إت» مئتين وأربعين ألف شخص من مختلف الجنسيات والأعمار والخبرات، وبعضهم لا يملك أي ثقافة علميّة في ميادين الكيمياء أوالعلوم الطبيعيّة بل يشاركون في اللعبة كهواة محاولين إيجاد أو تخمين التركيبة الثلاثيّة الأبعاد لبروتين معيّن.

وفي الشهر الفائت، نجح فريق «كونتندر» المؤلّف من خمسة عشر مشاركا من كل من كندا والولايات المتحدة و نيوزيلندا، من معرفة التركيبة الثلاثيّة الأبعاد لإنزيم مرتبط بفيروس نقص المناعة البشريّة عند قرد من نوع «المكاك الريسوسي»، ما سيساعد في إيجاد دواء أو علاج لمرض الأيدز عند الإنسان.

وفي الآونة الأخيرة، حاول واضعو اللعبة حثّ المشاركين على إيجاد بروتينات جديدة كمحفّزات لعملية التمثيل الضوئي أو بروتينات لمواجهة فيروس نقص المناعة البشريّة أو فيروس الإنفلونزا H1N1.
ويعتبر كوبر أن الأفراد يملكون قدرات تحليليّة لهيكل البروتين أكبر مما توفّره برامج الحاسوب. لذا، يسعى واضعو اللعبة، من خلال مشاركة اللاعبين، إلى فهم آليات عمل العقل البشري في تحليل الفضاء أو المكان واستثمار تلك المعلومات أو المعطيات في تطوير قدرة الحواسيب. وتؤكّد نتائج تلك التجربة أنّ الجمع بين اللعب والتسليّة والعلوم الأساسيّة وعلم الحاسوب يؤدّي إلى إحراز تقدّم في مجالات صعبة، كما تبيّن تجربة «فولد إت» أنه يمكن للألعاب أن تحدث ثورة في ميدان تعليم العلوم والرياضيات.
الموقع الإلكتروني للعبة:
http://fold.it/  

السابق
الجبهة الشعبية تطلق تحركات في لبنان دعماً لأسرى فلسطين
التالي
فنانون يلونون مقاعد الحمرا اليوم