عون: لنترك بتّ تمويل المحكمة للحكومة اللبنانية

نترك مسألة التصويت على تمويل المحكمة الدولية لمجلس الوزراء، لكن نحن شخصيّا نرفض هذا الأمر، لأنّنا لا نستطيع الموافقة على أمر يخرق دستورنا، فالمحكمة قاموا بـ «تهريبها» وهي لم تمرّ في مجلس النواب وأقرّت تحت البند السابع».
هذه الـ «لا» الصريحة لتمويل المحكمة أطلقها زعيم «التيار الوطني الحرّ» النائب العماد ميشال عون قبل نحو 21 يوماً، في موقفٍ اعتُبر بمثابة «هزّ لشِباك» حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تبدو وكأنها ترقص على «حبل مشدود» بعدما باتت «بين ناريْن»، واحدة من داخل «البيت الأكثري» ترفض سداد حصة لبنان من تمويل المحكمة لسنة 2011 او اقله تسعى الى إحداث «ربط نزاع» بين هذا الملف وبين بروتوكول التعاون مع المحكمة الذي يستحق تجديده في مارس المقبل وذلك على طريقة «المقايضة»، وثانية دولية تلاحق الحكومة «على الوعد» الذي قطعه لـ «العالم» ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال سليمان بالوفاء بالتمويل وذلك في محاولة لـ «فك اشتباك» مع المجتمع الدولي وتفادي استدراج مواجهة «خاسرة» معه لن تدفع ثمنها الا الأكثرية التي اثارت «النقزة» منذ لحظة تشكُّلها بعد الإسقاط «المثير للجدل» لحكومة الرئيس سعد الحريري في يناير الماضي.

واذا كان «محور» رفض تمويل المحكمة لبنانياً يضمّ «حزب الله» و«التيار الحر» ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فان دوائر سياسية ترسم علامة استفهام حول «سرّ» اندفاع العماد عون ليكون «حامل راية» معارضة التمويل ورسْم علامات استفهام حول «اساس» المحكمة في حين لم يجاهر «حزب الله» حتى الساعة بموقفه الرافض في «المبدأ»، لكن الذي يتّسم بالمرونة و«الواقعية» التي تذهب الى حد الجزم بانه «سيغض النظر» عن التمويل لاعتباريْن: الاول ان المعركة «الفاصلة» ستكون مع بروتوكول التعاون مع المحكمة التي «حكم» عليها بانها «اسرائيلية واميركية»، والثاني ان الحزب لن يضحي بالهدف «الاستراتيجي» الذي رسمه منذ الاطاحة بحكومة الحريري والذي يتمثل في «إطالة عمر» الحكومة الحالية حتى الانتخابات النيابية سنة 2013.

وتبعاً لذلك، تتساءل الدوائر السياسية عن «المكسب» الذي سيخرج به «التيار الحر» من قيادته «عربة» الاعتراض على التمويل فيما هو يدرك ان «سقف الرفض» لا يمكن ان يتجاوز الـ «لا» التي لن توقف مسار التمويل لان «ما كُتب قد كُتب» على هذا الصعيد وإن تطلب الامر إخراجاً قد يحتاج الى بعض الوقت وسط «خط احمر عريض» عنوانه الداخلي والاقليمي (السوري – الايراني) «ممنوع انهيار الحكومة». 
الا ان النائب في «تكتل التغيير والاصلاح» (كتلة العماد عون) آلان عون يرفض في حديث لـ «الراي» مقاربة موضوع تمويل المحكمة من زاوية وجود خلاف على مبدأ تحقيق العدالة وبلوغ الحقيقة «فهذا أمر لا يختلف عليه اثنان»، لافتاً الى «ان السؤال الاساس يتمثل في اذا كنا حقيقة امام مسار يوصل الى العدالة الفعلية، ام ان ما يحصل هو محاولة توظيف في سياق معركة أخرى».

واذ اكد عون لـ «الراي» رفضه «ان يصوّر احد الامر وكأن البعض مع العدالة فيما الآخرون مع حماية القتلة»، كرّر ان «لنا مآخذ على دستورية تشكيل المحكمة وأدائها كما على مسار عمل لجنة التحقيق الدولية».
ورداً على سؤال عن الانطباع بان «التيار الحر» ضد المحكمة الدولية كاداة لتحقيق العدالة في جرائم الاغتيال التي ارتُكبت، قال: «نحن ضد تسييس المحكمة وحرفها عن أهدافها وضد عدم محاسبة شهود الزور، وألا يحق لنا إبداء ملاحظات؟».
ونسأله: لكن الرئيس ميقاتي اكد خلال ترؤسه جلسة لمجلس الامن أي من على أعلى منبر دولي التزام التمويل الامر الذي يبدو حصوله حتمياً، فألا تخشون ان يتكرر معكم في هذا الملف ما حصل في موضوع الكهرباء اي ان تسير الامور على حسابكم؟ اجاب: « سيحصل نقاش في الحكومة، وكل فريق سيضع معطياته وسنرى الى اين تصل الامور، علماً ان هناك وجهات نظر مبدئية معروفة من المحكمة ويوجد موضوع الالتزامات الدولية للبنان وعلاقاته مع المجتمع الدولي. والاكيد ان لبنان الرسمي مقيّد أكثر من القوى السياسية بالنسبة الى التعاطي مع المحكمة، وتالياً لنترك الامر يناقَش داخلياً وندع الحكومة تقرر».

ونقول له: لكن رفضكم التمويل نهائي؟ فيجيب: «موقفنا مبدئي لا يتصل بالتمويل كعنصر مادي، ويرتبط بما اشرتُ اليه سواء لناحية (عدم) دستورية تشكيل المحكمة او ملف شهود الزور او مسار التحقيقات التي تشوبها علامات استفهام كبرى».
وعن الموقف من بروتوكول التعاون مع المحكمة والكلام عن محاولات «مقايضة» بين إمرار التمويل وادخال تعديلات على البروتوكول وما موقف التيار من «اصل» البروتوكول، قال عون: «اذا كان ثمة ملاحظات على البروتوكول فيجب مناقشتها مع الامم المتحدة لتحديد اذا كان هناك امكان لإدخال تعديلات ام ان الامر مفروغ منه، وعندها فان مواقف القوى السياسية المبدئية معروفة، ونحن لا نريد استباق الامور وافتراض سيناريوات، وعندما يتم طرح الموضوع نقول ما عندنا».
اضاف: «اثرنا اشكاليات دستورية تتعلق بتشكيل المحكمة وبصدقية عملها. والمفتاح في يد المحكمة، فاذا قامت بإعادة تأهيل نفسها وتمت معالجة ملف شهود الزور وغيره، عندها تكون قطعت شوطاً نحو ترميم الثقة المفقودة بينها وبين قسم من اللبنانيين».
 

السابق
حين تكون الثورة…مؤنث الثور
التالي
وبدأت الثورة المسلحة في سوريا