الجمهورية: سليمان لِطَي الماضي بوثائقه ومحاضره واستنتاجات كاتبيها

إختلط الهَم الأمني بالهمّين السياسي والاقتصادي المعيشي، في وقت لا تزال الاشكالية القائمة حول تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تتصدر المتابعة السياسية، مع أنها ستغيب عن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء في بعبدا غدا.
مصارحة ومصالحة

وفي ظل هذه الاجواء، إنعقد في بعبدا أمس لقاء مصارحة ومصالحة بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع السابق الياس المر، تخَلّلته جولة أفق في مجمل القضايا المطروحة محليا وإقليميا ودوليا.

وقد اغتنم سليمان هذا اللقاء ليدعو الى "تجاوز المرحلة الماضية، بما فيها الاتهامات المتبادلة على خلفية ما يُنشر من وثائق ومحاضر لقاءات في وسائل الإعلام، نظرا لافتقاره في غالبية الأحيان للدقة والاجتزاء، ولا يعكس الظروف القائمة في حينه". ورأى "ان ما ينشر لا يعبّر عن الواقع الراهن للعلاقات بين المرجعيات والقيادات ونظرتها المتبادلة بعضها الى بعض، بل ربما يعبّر او يعكس نيّات واستنتاجات كاتبيه لتأجيج الخلافات، ولا يجوز تاليا إعارته الاهتمام المبالغ فيه، حرصا على الاستقرار الداخلي والوحدة الوطنية".

والى ذلك، سيستمع الوزراء غدا الى عرضين سيقدمهما سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء غدا، حول لقاءاتهما التي عقداها في الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، وما رافقها من اتصالات دولية اجرياها في أروقة المنظمة الدولية حول الوضع في لبنان والمنطقة.

والى ذلك، في انتظار إقرار دفعة جديدة من التعيينات الادارية، قالت مصادر وزارية لـ"الجمهورية" إن وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش سيلفت نظر الوزراء خلال الجلسة الى ضرورة مراجعة اللجان الإدارية التي ألّفها مكتبه ومجلس الخدمة المدنية، والمكلفة إجراء المقابلات لتأهيل المرشحين الى وظائف الفئة الأولى من داخل الملاك الإداري، واختيار ثلاثة أسماء منهم لعرضها على مجلس الوزراء، إيذانا ببدء التحضيرات للتعيينات الإدارية في المراكز الشاغرة، إمّا بالإنابة او بالوكالة، عدا عن تلك الشاغرة كما في بعض الوزارات والمؤسسات العامة.

تعيين رئيس للجامعة

وفي المعلومات ان الأمانة العامة لمجلس الوزراء عَمّمت ليل امس ملحقا بجدول اعمال مجلس الوزراء، تضمن اقتراحا بتعيين رئيس جديد للجامعة اللبنانية (وهذا الموقع من حصة الطائفة الشيعية) من خمسة اسماء مقترحة، بينها من جرى التوافق على تسميته وهو الوزير السابق عدنان السيد حسين، وهو من ضمن ملاك الجامعة في كلية الحقوق والعلوم السياسية.

تهديد جديد

وفيما يحتلّ العنوان الأمني حيّزا مهما على جدول اعمال مناقشات مجلس الوزراء، استمرت فصول الحرب النفسية المفتوحة على شتى الاحتمالات منذ الإعلان عن تهديدات طاولت مركز "الإسكوا"، حيث تجددت المحاولات بعد ظهر امس عندما ألقى مجهول – معلوم مناشير تحمل عبارة "يوجد انفجار" كتبت بخط اليد وباللون الأحمر على مدخل مبنى سنتر "جفينور" في محلة كليمنصو، حيث تقع مكاتب منظمة "اليونيسف" و"المنظمة الدولية للهجرة"، ما أدّى الى حال من الذعر انتهَت بإفراغ المبنى من موظفيه من مختلف المؤسسات. لكن الخبير العسكري في قوى الأمن الداخلي أجرى كشفا على المبنى بمختلف أجزائه، ولم يعثر على أي متفجرات او أجسام مشبوهة.

وقال مرجع امني إنّه، ولسوء حظ رامي المنشور، فقد التقطت إحدى الكاميرات المثبتة عند مدخل المبنى صورة واضحة لوجهه، حيث تمّ التعرف اليه وبوشرت مطاردته على الفور.

وكانت ريما خلف، الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الاسكوا"، نَفت بعد لقائها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تعرّض مبنى "الاسكوا" في لبنان لتهديدات. لكنها لفتت الى ان "الإسكوا" مؤسسة اقليمية تنموية، و"هناك تهديدات لبعض مباني الأمم المتحدة، ما استدعى مراجعة الإجراءات الأمنية في كل مباني الأمم المتحدة، ومنها مبنى الإسكوا"، مشيرة الى أنه "تبيّن للمسؤولين عن الأمن في الأمم المتحدة أن مبنى الإسكوا من الناحية الأمنية لا يُلبّي الحد الأدنى المطلوب، ولذلك كان هناك طلب وإلحاح باتخاذ بعض الإجراءات لحماية هذا المبنى، والإجراءات في الأمد القصير جدا كانت إغلاق الشوارع". وأكدت أن "الإسكوا لا تريد نقل مقرّها إلى قطر، أو إلى أي مكان آخر".

مجلس الأمن المركزي

وفي هذا السياق، علمت "الجمهورية" ان مجلس الأمن المركزي الذي ينعقد اليوم سيناقش عددا من التقارير الأمنية التي تهدد الاستقرار في بعض المناطق اللبنانية الحسّاسة، وسيعلن عن سلسلة تدابير مشددة ستنفذ بالتنسيق بين مختلف الوحدات الأمنية والعسكرية، سترفع من درجة الاستنفار وستعزز الدوريات الليلية بثياب مدنية. كذلك، سيعلن المجلس عن سلسلة تدابير حازمة في شأن حركة الدراجات النارية وفقا لنظام جديد وقاس لمواجهة عمليات النَشل، كذلك سيعلن عن خطوات لنزع الاعلانات المخالفة عن الطرق في إطار المرحلة الثانية من عملية ازالة المخالفات. وسيعلن المجلس ايضا بدء العمل بغرفة التنصّت على الهاتف القائمة في الطبقة الثامنة من مبنى "برج الاتصالات" في محلة العدلية، بعد وضعه قيد الخدمة الفعلية في 15 تشرين الأول الجاري.

قانون الإنتخاب

وكما أشارت "الجمهورية" أمس، سَلّم وزير الداخلية مروان شربل الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مشروع الوزارة الخاص بقانون الانتخاب بالصيغة النهائية التي وضعتها اللجنة الخاصة، ووَفَت بوعدها بتسليمه الى المراجع المعنية مطلع تشرين الأول الجاري. والتزاما لما نَصّ عليه البيان الوزاري بوضع مشروع القانون في أسرع وقت ممكن، وقبل فترة طويلة تسبق موعد الانتخابات النيابية المقررة سنة 2013.

وعلمت "الجمهورية" ان شربل سيعقد مؤتمرا صحافيا قبل ظهر الإثنين المقبل للإعلان عن مشروع قانون الانتخاب الجديد، وقالت مصادره ان المشروع يعتمد النظام النسبي، من دون ان تكشف عن أي تفاصيل، وخصوصا لجهة ما يتصل بعدد وحجم الدوائر الانتخابية التي يقترحها المشروع، بعدما أُدخلت تعديلات عليه في الساعات القليلة التي سبقت طبعه.

وقد أبدى سليمان ارتياحه الى خطوة إعداد مشروع القانون الانتخابي، واعتبرها إنجازا ضمن المهلة التي وعدت بها الحكومة.

الحجار

والى ذلك، وفي شأن تمويل المحكمة، ذكّر عضو كتلة "المستقبل" النيابية النائب محمد الحجار عبر "الجمهورية" بالمراحل المتعددة التي مرّت بها المحكمة، لافتا الى "ان الظروف السياسية والاقليمية منذ لحظة تأليف الحكومة حتى اللحظة الراهنة قد تبدّلت، وبات الرئيس ميقاتي اليوم ذاهبا اكثر في اتجاه تمويل المحكمة، وذلك لإدراكه جيدا تداعيات عدم التمويل على مستقبله الشخصي والسياسي".
 
لكن الحجار لاحظ "ان في هذا الظرف، وبعد مواقف ميقاتي في الامم المتحدة، لم يكن رد "حزب الله" قاسيا حول موضوع المحكمة، مقارنة مع رد النائب ميشال عون والتيار الوطني الحر، فجاء رفض الحزب للمحكمة مهذبا، فيما يأتي رفض عون والتيار قاطعا وجازما وحاسما ومهددا بالويل والثبور وعظائم الامور. فعون يذهب الى مدى ابعد بكثير من المدى الذي وصل اليه الحزب الذي يدرك تفاصيل اللعبة ودقة المرحلة اكثر من عون، فـ"يَدفشه" هو وجماعته ليطلّوا بمواقف تصعيدية، لكنه يحفظ في مكان ما خط رجعة، لإدراكه جيدا حجم الارتدادات الاقتصادية والسياسية السلبية على البلاد جرّاء إقرار التمويل".

وابدى الحجار اعتقاده "ان الحزب سيحسبها جيدا، في ضوء إصرار ميقاتي من جهة على التمويل، وتأثيرات الرفض على مصالح رئيس الحكومة الشخصية والسياسية واتجاهه الى الاستقالة كما تتداول أوساطه في حال عدم إقرار التمويل. فالاستقالة ليست في مصلحة الحزب في اللحظة الراهنة، فهو يريد ان تكون حكومة ميقاتي قوية، وأن يسيطر عبرها على البلاد لأن في ذلك فائدة له وللنظام السوري ولإيران، فيما تطيير الحكومة ليس في مصلحته ابدا. ومن هنا، فإن إيجاد مخرج معين للتمويل، يجعل "حزب الله" أقلّ شراسة من عون في رفضه، كي لا يظهر انه تراجع امام جمهوره بعدما اعتبر المحكمة اسرائيلية ـ اميركية، ثم رضخ للتمويل في شكل غير مباشر عند إيجاد مخرج له".

وعن معركة تجديد بروتوكول المحكمة التي تستحق في آذار المقبل، اوضح الحجار "ان الامين العام للامم المتحدة هو من يتخذ القرار بعد التشاور مع الحكومة اللبنانية، ورأي الحكومة ليس ملزما له، ورفضها تجديد البروتوكول لا يوقف مسار عمل المحكمة، فالمسار القضائي سيستمر، لأن المحكمة أنشئت بموجب القرار 1757 الصادر عن مجلس الامن الدولي تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، ويجدد عملها بقرار يتخذه الامين العام بعد استشارة الحكومة، لكن هذه الاستشارة لا تلزمه، وغالب الظن انه يدرك تماما ان المحكمة هي موضع مطالبة قسم كبير من الشعب اللبناني، ويدرك ايضا الظروف المحيطة بالحكومة في وضعها الراهن، وكيف ان حزب الله يسيطر عليها ويرفض تسليم المتهمين الأربعة".

خليل

في المقابل، اكد عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب يوسف خليل لـ "الجمهورية" موقف التكتل الرافض تمويل المحكمة "لأنها مسيسة وغير عادلة ولم تتعاط موضوعيا مع مسألة الشهود الزور، وهناك تساؤلات كثيرة حول طريقة عملها، وليس هناك من كشف حساب حول مصاريفها".

وعن عدم طرح مسألة الشهود الزور على طاولة مجلس الوزراء حتى الآن، قال خليل: "نحن شركاء في الحكومة لكننا لسنا الحكومة كلها. ووزير العدل يدرس الموضوع ليقدم مطالعة قانونية كاملة حول هذا الملف". واضاف: "نحن شركاء في الحكومة، لكننا لا نفرض سياسة على رئيس الحكومة فهو مسؤول عن السياسة التي تتعلق بالحكومة في الشق المتعلق به. كما ان رئيس الجمهورية عليه تحمّل مسؤولياته، ومن الممكن أنه ورئيس الحكومة يريان ان التمويل ضروري ويفتشان عن الاجراءات القانونية والطريقة لإقراره، فيما يبقى كل فريق على موقفه".

واذ أكّد خليل ان "التكتل" سيصوّت ضد تمويل المحكمة اذا طرح في مجلس الوزراء، رَجّح ألّا يمر في مجلس الوزراء أو في مجلس النواب، وأن يكون المخرج بمرسوم.
 

السابق
ضريبة جديدة !!؟
التالي
فارس سعيد: لا علاقة للأمانة العامة لـ 14 آذار بلقاء سيدة الجبل