نبيه السري!

تساءل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في إيران: «أين المقاطعة العربية لإسرائيل بدلا من سوريا؟ ولماذا ينصب جهد الإعلام العربي على زيادة التوترات في سوريا بدلا من إظهار الاعتداء الإسرائيلي؟»، مضيفا: «هل لأن سوريا مثل إيران، هي دولة ممانعة؟»!
ربما يبدو هذا الكلام «مفهوما»، وليس مقبولا، لكون بري يقوله من إيران، لكن ما فات على بري، الذي يقول إن النظام الأسدي ومعه إيران يمثلان المقاومة والممانعة، وغيره من الشعارات المزيفة، أن من يقتل السوريين هو أمن بشار الأسد وليس إسرائيل، كما يبدو أن بري لم يتنبه إلى أنه في يوم تصريحه في طهران كان هناك تصريح للمتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني كاظم جلالي يقول فيه إن الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران ما هي إلا «جزر إيرانية وستبقى إيرانية للأبد، وسنقطع أي يد تتجاوز عليها»!
فإذا كان بري يعترض على المحتل الإسرائيلي، فماذا عن المحتل الإيراني؟ وإذا كان بري يرفض القمع الإسرائيلي للفلسطينيين، فماذا عن القمع الأسدي للسوريين؟ وماذا عما تفعله طهران في العراق؟ وماذا عن استقبال طهران لطالبان؟ بل ماذا عما قاله نبيه بري نفسه، أو قل نبيه «السري»، عن حزب الله الإيراني للسفير الأميركي وقتها لدى لبنان وكشفت عنه وثائق «ويكيليكس»؟ وماذا قال بري أيضا عن بشار الأسد، الذي يدافع عنه اليوم في إيران، في تلك الوثائق؟
 
فقد نقل «ويكيليكس» وثيقة أميركية سرية يقول فيها نبيه بري إن حرب 2006 التي شنتها إسرائيل على لبنان بسبب حزب الله شكلت فرصة لتوجيه ضربة قاسية للحزب الإيراني في لبنان، وحليف النظام الأسدي في سوريا. ونقلت البرقية عن السفير الأميركي السابق لدى لبنان، جيفري فيلتمان، أن بري أقر بأن نجاح العملية العسكرية الإسرائيلية سيشكل فرصة جيدة لتدمير تطلعات حزب الله العسكرية والسياسية. وأضاف بري في ذلك اللقاء أن الضربات الإسرائيلية على حزب الله «مثل العسل، قليله مفيد، لكن الإكثار منه ضار». ثم انفجر السيد بري ضاحكا، بحسب البرقية التي نقلت عنه أيضا قوله إنه من الصعب أن يجلس مع حسن نصر الله، لأنه خدعه بعدما وعد بصيف هادئ في لبنان قبيل قيام عناصر حزب الله بعملية خطف الجنديين الإسرائيليين. وبالتالي، فإن بري يقول في الوثيقة إنه لا يمكن الجلوس مع نصر الله «على طاولة الحوار مجددا.. لقد كذب علينا».
وهذا ليس كل شيء، بل قد نُسب إلى بري في وثيقة أخرى – حاول مكتبه نفيها – أنه، أي بري، انتقد الخطاب الذي ألقاه بشار الأسد في 15 أغسطس (آب) 2006، والذي ساند فيه حزب الله، وهاجم قوى «14 آذار» والسعودية، حيث قال بري، وفقا للوثيقة، عن ذلك الخطاب: «لقد ارتكب بشار خطأ، إنه خطاب أحمق».
وعليه، فمن نصدق اليوم.. نبيه بري المتحدث من طهران دفاعا عن إيران والنظام الأسدي، أم بري «السري» الذي اعتبر نصر الله كاذبا، ووصف خطاب الأسد بأنه خطاب أحمق؟
أعتقد أن نبيه «السري» أقرب للدقة من نبيه الإيراني 

السابق
الناطق الرسمي
التالي
إسرائيل وسلاح حزب الله… وجعجع