دور المسلمين في إنقاذ اليهود!

هل كان للمسلمين دوراً في الحرب العالمية الثانية? وهل كان هذا الدور إيجابيا لصالح الإنسانية? فمنذ انتهاء هذه الحرب قبل 66 سنة تقريبا حتى يومنا هذا لا نجد بين أيدينا فيلما تسجيليا أو وثائقيا أو دراميا أو حتى من نوع "الأكشن" يدون لنا الدور الإيجابي للعرب أو المسلمين. لا أحد من الكتاب والمخرجين السينمائيين العرب تقدم لتبيان هذا الدور حتى لو كان من وحي الخيال, بينما هناك المئات من الافلام بشتى فئاتها تصور أدوار كل دول التحالف في هذه الحرب, وعشرات الأفلام التي ترسخ فكرة الظلم والقمع الذي تعرض له اليهود على يد القوات النازية.

ما يتداول بين أيدينا عن الدور العربي أو الإسلامي في الحرب العالمية الثانية لا يتجاوز حدود الصور الفوتوغرافية, وحتى هذه الصور لا تحكي عن أي دور إيجابي ولا يفهم منها أنها كانت لصالح الإنسانية بعامة فماذا يفهم من صورة فوتوغرافية لأمين الحسيني مفتي فلسطين الأسبق متحدثا لأودولف هتلر في برلين عام 1941 إبان الحرب العالمية الثانية سوى أن المسلمين والعرب يتعاونون مع الفوهرر الألماني الذي أحرق اليهود? وماذا فعل العرب لدرء هذه التهم ليس عن أمين الحسيني الذي رحل عن دنيانا في العام 1974 فقط, ولكن للدفاع عن دور العرب في درء مخاطر هذه الحرب الطاحنة عن الأبرياء أيا كانت دياناتهم? 
وثائق كثيرة تبين كيف تعامل الأميركيون مع السكان الأصليين من الهنود الحمر, وكذلك الأستراليين مع السكان الأصليين من الأبوريجنيز, وغيرها من الوثائق التي تبين مسار الهجرات القديمة والحديثة وكيف تعاملوا مع السكان الأصليين. ولكن في الأفلام السينمائية حاول البعض منهم "استغباء" الناس فصوروا للعالم عكس ما فعلوا وفي أفلامهم نقيض ما سلكوا, فظهرت معلومات جديدة عن المهاجرين وكأنهم كانوا "أناس بلا أرض احتلوا أرضا بلا ناس".
أما نحن فقد طال انتظارنا لسبعة عقود متواصلة من دون أن نرى عربيا أو مسلما مؤلفا كان أو كاتبا أو مخرجا سينمائيا أو مصورا يحاول أن يضع الخطوط العريضة الأولى لفيلم وثائقي أو حتى خيالي للدور العربي المجهول ومهمة المسلمين الغامضة إبان الحرب العالمية الثانية, حتى كان الحدث الاستثنائي قبل بضعة أيام. أخيرا سمعنا عن فيلم فرنسي جديد بعنوان "الرجال الأحرار" للمخرج إسماعيل فروخي يوثق دور المسلمين الفرنسيين في إنقاذ اليهود الأوروبيين من بطش النازيين إبان الحرب العالمية الثانية, وهو دور لا أحد يعرف عنه شيئاً.

للمرة الأولى نعرف أن في فرنسا كان هناك مسجد للمسلمين أسسه العربي قدور بن غبريت في أربعينات القرن المنصرم, للمرة الأولى نفهم أن غبريت هذا دافع عن اليهود الأوروبيين والمتطوعين في المقاومة أثناء الاحتلال النازي لفرنسا دفاعا مستميتا. للمرة الأولى أيضا نطلع على حقيقة مفادها أن المستشار السابق للشؤون الدينية بوزارة الداخلية الفرنسية ألان بواييه كان قد قدر عدد اليهود الذين أنقذهم المسجد بخمسمئة شخص, بينما تؤكد وثائق أخرى أن قدور بن غبريت أنقذ نحو 1600 شخص من موت محقق على أيدي النازيين, وذلك من خلال شهادات كان المسجد يمنحها لهؤلاء اليهود لإثبات أنهم مسلمون.

إذا كنا حقا ننشد الوسطية وندعي بأنها جزء لا يتجزأ من الفكر العربي والإسلامي, وإذا كنا جادون في تغيير الفكر الغربي ونظرته تجاه العرب, أجد أن في هذا الفيلم فرصة ذهبية لكل العرب والمسلمين من خلال العمل على توزيعه على دور السينما الأوروبية والأميركية للمساهمة في تغيير الرأي العام العالمي تجاه العرب عموما وعلاقة العرب باليهود – ويهود أوروبا تحديدا – خصوصا, والعمل على رسم دورهم التاريخي في مسيرة أوروبا في الكتب المدرسية وكتب التاريخ خصوصاً. 

السابق
حزب الله لـ14 آذار: لبنان لم يعد ساحة مناسبة لتحقيق أي مكاسب أميركية وإسرائيلية
التالي
ربيع الكوادر