سوريا.. قلنا «طرد» وليس رميا بالبيض!

 كتبت الأربعاء الماضي تحت عنوان «سوريا.. أضعف من أن تطرد سفيرا»، وذلك تعليق على انتقادات كل من السفير الأميركي والبريطاني للنظام الأسدي من داخل دمشق، في كسر واضح للأعراف الدبلوماسية، ورغم ذلك فإن النظام في دمشق لم يجرؤ على طردهما، أو حتى التلويح بذلك. إلا أن ما حدث – وفي اليوم التالي لنشر المقال – هو قيام مجموعة محسوبة على النظام الأسدي برشق السفير الأميركي روبرت فورد بالبيض والطماطم في العاصمة دمشق أثناء زيارته لأحد المعارضين السوريين. وعلى الأثر نشب تلاسن دبلوماسي إعلامي بين كل من الخارجية السورية ونظيرتها الأميركية، وحتى البيت الأبيض. وبلغ التراشق حد إصدار الخارجية السورية – التي تعهد وزيرها المعلم بمحو أوروبا من الخارطة، وتحديد تحركات السفراء الأجانب في سوريا – بيانا تقول فيه إن الولايات المتحدة تقوم بتشجيع «الجماعات المسلحة» على ممارسة العنف ضد «الجيش السوري»! ولكن، ورغم كل هذه الاتهامات المختلقة، فلم يجرؤ النظام الأسدي أن يطلب من السفير الأميركي مغادرة سوريا فورا، وهذا بالطبع تأكيد جديد على أن النظام في سوريا أضعف من أن يطرد سفيرا، ولو كان يتهمه بالتحريض على ثورة في البلاد المعتمد فيها!
وعليه، فبدلا من أن يقوم النظام في دمشق بطرد السفير روبرت فورد، قام بتحريك قرابة 200 شخص من الموالين له، وقد يكونون من الشبيحة، للاعتداء على السفير الأميركي. وذلك لإرسال رسالة إلى واشنطن مفادها أن هناك من هو مع بشار الأسد من السوريين، وأنهم يرفضون تحركات السفير الأميركي. وهذه بالطبع تمثيلية واضحة، وغير مستغربة من النظام الأسدي، ولا تنطلي على من يعرف مسرحيات هذا النظام، سواء في لبنان أو في العراق، خصوصا أن أحد المسؤولين السوريين كان قد قال في اجتماع عاصف في الأمم المتحدة إنه ما دامت لم تخرج مظاهرات ضد النظام في كل من دمشق وحلب، فنحن صامدون وسنقاتل حتى النهاية. وهذه هي الرسالة التي يريد النظام الأسدي تكريسها أمام الغرب، بأن هناك مناصرين له في العاصمة وحلب، على الرغم من أن دمشق مقطعة إلى مربعات أمنية، ويقمع كل من يتحرك فيها، كما أن المؤشرات كلها تقول إن أمرا ما يغلي في حلب.
لكن، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإذا كان النظام الأسدي يدعي أن أميركا هي من تحرض الثوار السوريين عبر سفيرها في دمشق، ورغم ذلك فإنه يعاقب، أي السفير، بإلقاء البيض والطماطم عليه فقط، أفليس من باب أولى أن يكون رد النظام الأسدي وقوات أمنه وشبيحته على الثوار السوريين، في كل من حمص ودرعا وحماه والرستن وغيرها، بنفس النعومة واللطف، أي أن يضربوا بالبيض والطماطم، بدلا من أن يقصفوا بكل أنواع الأسلحة، ويمزقوا، وتشوه أجسادهم سواء كانوا أطفالا أم كبارا أم نساء؟!
الحق أن نظاما مثل النظام الأسدي، الذي قتل ويقتل مواطنيه ثم يرد على سفير يتهمه بالتحريض على الثورة بإلقاء البيض والطماطم عليه فقط، ما هو إلا نظام أضعف من
 

السابق
خريس: لقانون انتخاب عصري يؤمن حياة سياسية جامعة
التالي
الحص: الوحدة الوطنية مفتاح الحل