ثقافة الإخاء بالحوار

 المصطلحات والمفردات والتنظيرات المذهبية المُعلّبة والطائفية الضيّقة، هي التوأم والامتداد والصدى للقنابل العنقودية والانشطارية الإسرائيلية المزروعة في أرض الجنوب، لناحية احتلال الأسماع والأذهان بالتعبئة الإعلامية والنفسية المضادة للعيش المشترك، والهادفة، إلى إقامة <كانتونات> – حسب الطلب – من جانب الدوائر والجهات الخارجية التي ترعى وتُموّل وتُصنّع وتُصدّر القنابل العنقودية وخلافها من أسلحة الدمار الشامل إلى العدو الإسرائيلي، ففي المقاربة أن اللبنانيين، كل اللبنانيين، ينظفون أراضيهم من الألغام والقنابل الاسرائيلية ويحولون أرضهم الى سهول خصبة وجنائن خضراء، ويُنقون الأذهان والأسماع الوطنية التي توفرها جلسات الحوار بين السياسيين، وبالحفاظ على وحدة الأرض والشعب والمؤسسات للدولة الواحدة في الوطن الواحد وللشعب الواحد، لإسقاط المشروع الإسرائيلي القائم على <الفيدرالية> و<الكونفدرالية> التي ترسم خريطة التوطين الفلسطيني في لبنان·
ومن هنا، تُصبح ثقافة الإخاء بين المواطنين وثقافة الحوار بين السياسيين هما المدخل العريض والركن الأساس للمقاومة الإعلامية والسياسية ضد مخططات التفتيت والتقسيم والتحريض والكيدية والالغاء والتهميش لهذا الطرف أو ذاك، لأن الداخل اللبناني الموحّد في المواقف والتوجهات الوطنية هو الداعم والمؤازر للساحة الجنوبية في تعطيل حقول الألغام ومواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، لأن كل كلمة سواء بين السياسيين والمواطنين، هي فعل المقاوم بالوعي والمسؤولية والتضحية في هذه المواجهة، ويبقى الحوار بالكلمة، وأحد مرتكزات تصويب العمل السياسي العام نحو الانقاذ الوطني من تراكمات ومخلفات وخلافات سياسية مزمنة تنخر الجسم اللبناني، ولذا، يعطي رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الأهمية المركزية لإحياء جلسات الحوار، وكان تحدث بذلك من خلال الكلمة التي ألقاها من على منبر مجلس الأمن حول ضرورة هذه الجلسات قائلاً: <بعد اعتماد وثيقة الوفاق الوطني في العام 1991، على ترسيخ الروح الميثاقية والتوافقية في مقاربته للمواضيع الوطنية الكبرى، ولجأ إلى مؤتمرات وهيئات حوار وطني، لتعزيز نهج التهدئة والاعتدال وأجواء الاستقرار>·

وفي سياق متصل، تجددت الدعوة إلى الحوار الوطني، وذلك من خلال لقاء سياسي وروحي بين الرئيس سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه برّي في <المصيلح> تلبية لمأدبة الغداء من جانب الرئيس برّي، وذلك في إطار التكريم للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، والتأكيد على الطروحات التوحيدية التي أطلقها غبطة البطريرك أثناء الجولة الرعوية على القرى والمدن والأرياف الجنوبية، تأكيداً لصلابة العيش المشترك والمصير الواحد بين اللبنانيين من جميع الطوائف والمذاهب وفي جميع المناطق، بكل ما يؤدي ذلك الى تعزيز المناعة والممانعة في افشال المحاولات والمنازعات المناهضة لسيادة وحرية واستقلال لبنان، وتفعيل صمود المواطنين في خط المواجهة ضد العدو الإسرائيلي·

وتتكامل مع هذه المعطيات الوطنية القمة الروحية الإسلامية – المسيحية التي عقدت في دار الفتوى، كقوة دافعة ورافعة لاستئناف الحوار، لمنع اصطناع ذرائع وأسباب وفرض شروط حول استئناف الحوار، بحيث تؤدي هذه الشروط والذرائع إلى تفاقم الخلافات وإلى الدوران في حلقة مفرغة تزيد الوضع تأزماً والخلافات توسعاً· 

السابق
مَخرج للتمويل بمرسوم يوقّعه وزير العدل بالوكالة؟
التالي
دولة فلسطين بين ترومان وأوباما