التعبير عن الرأي أم انتقاص الذات ؟!

 أتيحت لي فرصة الانخراط في الحركة الطلابية الكويتية في بداية الألفية، ولا أخفي عليكم بأنني كنت متردداً في الدخول إلى هذا المعترك لعدم اقتناعي بما تطرحه البقية من القوائم الطلابية الموجودة في تلك الفترة، وبالفعل سعيت مع ثلة من رفاقي إلى تأسيس قائمة طلابية تمثل فكرنا وأهدافنا تحت اسم «الجامعة»، وخضنا الانتخابات وعبرنا عن أطروحاتنا وآرائنا بكل حرية، ولعل ما أثار فيّ العودة إلى مرحلة الدراسة الجامعية هو تغطية القنوات الكويتية الخاصة، والتي تتميز عاماً بعد عام، لتغطية العرس الديموقراطي الجامعي، إلا أنني لحظت تخلف الكثيرمن الطلبة عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع ليأس منهم عن النتائج التي سوف تؤول إليها الانتخابات فلا يصوتون ولا يشاركون في العمل النقابي الطلابي، وهنا لابد لنا من أن نبين لهم بأن التعبير عن الرأي هو أن تطرح أفكارك وتصبح متداولة بين أفراد المجتمع الذي تعيش فيه، إلا أن هذا المفهوم أصبح مختلطاً لدى الكثير من الطلبة (التعبير عن الرأي) و(فرضه) فهنالك اختلاف بين الحالتين، التعبير يتناقض مع الفرض وإن كان يأتي بعده ولكنه حالة مذمومة ومستهجنة لا يتقبلها الشخص الواعي، وهو الأمر الذي انتقل بين العديد من رجال السياسة فتجده يحاول فرض رأيه بالاحتجاج أو الإضراب، ولا يعني مثل هذا التصرف وقوع فاعله تحت طائلة الخطأ بل أن يكون الموضوع أو القضية المطروحة متوائمة مع فعلك كغيرة على الدين أوالوطن أو العرض، فعلى سبيل المثال نجد (محمد) يؤمن بأن له رأياً مختلفاً عن نظرائه فتجده يدلي برأيه في تجمع اجتماعي أو ندوة منظمة أو مقال أو قصيدة وغيرها من وسائل التعبير عن الرأي فهنا يكون طرحه محموداً مادام متوائماً مع الدين والأخلاق والأعراف الاجتماعية ويصنف على أنه من أصحاب الرأي، أما (جاسم) فتجده يؤمن بأن لديه رأياً يختلف عن الآخرين ولكنه لا يلجأ إلى ما لجأ إليه (محمد) فيقوم بجمع رفاقه ومؤيديه وينظم تجمعاً لا يتواءم مع الأعراف السائدة والأنظمة بل ويستمر في طرحه غير آبه للأنظمة المتبعة في مجتمعه حتى يكون من جماعة فرض الرأي.
من خلال الشرح المتواضع عرفنا بأن (الرأي) يختلف عن (فرض الرأي) وأن الأول محمود والثاني مذموم، لذلك فإن المجتمع الذي نعيش فيه يتمتع بحرية الرأي فلماذا نحجم من أنفسنا وننتقص ذواتنا ونحتقرها عن طريق الإحجام عن التعبير عن الرأي الذي قد يكون بإدلاء الصوت أو الخوض في غمار الانتخابات.
إن تجربة العمل الطلابي أياً كان نوعه ستكون إيجابية ومفيدة إذا ما أحسن استغلالها خصوصاً إذا كانت لنفع الوطن.
شكر
أتوجه بالشكر الجزيل إلى مكتبة آفاق ولمديرها الدكتور ناصر أحمد الشمري لإقامتهم حفل إصدار وتوقيع كتابي الجديد ( تاريخ الكويت الكبير) والشكر موصول أيضاً لكل من تشرفنا بحضوره. 

السابق
دولة فلسطين بين ترومان وأوباما
التالي
عالَــــمٌ زال… لو عاد جلقامش