يعود ··· والعود أحمد؟

بعد طرح ملف إعلان الدولة الفلسطينية على طاولة التداول والبحث في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، برئاسة لبنان، ولو كانت النتائج السلبية محسومة سلفاً في ظل الفيتو الأميركي، يعود رئيس الوزراء أدراجه مع جدول عمل مثقل بالملفات، التي أقل ماتوصف به أنها شائكة ال? حد الخلافات المبدئية العميقة·
فالإلتزامات والمواقف الدولية التي كررها في أكثر من مناسبة حول إلتزام لبنان القرارات الدولية بدءاً بتمويل المحكمة وصولاً إلى العقوبات على سوريا، لا تزال تواجه معضلة وضعها قيد التنفيذ، في حين يتمسك الجنرال عون بدعوته التهكمية للرئيس ميقاتي لتمويل المحكمة من حسابه الخاص، بما أن وزراءه لن يصوتوا على التمويل، حتى لو وافق حزب الله في لفتة يراد لها أن تكون <ملكية أكثر من الملك!>·

وتستمر الأطراف السياسية من جهة أخرى، في تعميق الاصطفافات حول الملف السوري وإنعكاساته على الداخل اللبناني، بمختلف المستويات من أمنية و<جيوبوليتيكية> وإقتصادية على حد سواء، خاصة بعد التحول الكبير في مواقف البطريركية المارونية، والتي أثارت عاصفة من ردود الفعل المتفاوتة داخل الصف المسيحي الواحد قبل البحث خارجه!

فإلى أين سيفضي امتناع حزب الله حتى اليوم عن اتخاذ موقف واضح تجاه تمويل المحكمة في حال طرح للتصويت داخل مجلس الوزراء، خاصة أن الموقف الرسمي وصل إلى نقطة اللاعودة في إلتزامه الشرعية الدولية؟

إن التحدي يكمن في قدرة مختلف أطراف الأكثرية الجديدة على تمرير هذا الاستحقاق بأقل أضرار ممكنة، كما حصل في ملف الكهرباء·
 
غير أن تجربة الحكم التي لا تزال تحت المجهر، لم تظهر سلاسة حتى اليوم، فالمطبات كانت قاسية وعديدة في فترة زمنية قياسية، والبديل المطروح هو الأصعب اليوم عندما يكون استقالة الرئيس ميقاتي، في حال فشل في اقناع حزب الله بانعدام امكانية المناورة أمام المجتمع الدولي·

إن أية خطوة سيضطر حزب الله وحلفاؤه لاتخاذها وترشيح شخصية أخرى لرئاسة الحكومة، لن تكون إلا خطوة ناقصة لاتخاذها في تجربة الاستيلاء على الحكم، لأنها لن تتمتع بمصداقية أو وزن الرئيس ميقاتي السياسي، كما انها ستؤكد الكلمة الفصل عن فشل هذا الفريق في إدارة ملفات داخلية في حكومة اللون الواحد التي تفرد في تشكيلها·

أما الخطوة التالية فهي دخول لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي ستحمِّل الأكثرية الجديدة مسؤولية ضخمة تجاه الداخل، الذي استنفدت قواه الاقتصادية واستقراره الأمني في تحديات لا طائل منها، كان بأشد الغنى عنها، وهو بالطبع سيكون شرّع أبوابه لشتى التداخلات والصراعات الاقليمية على أرض خصبة في شتى الخلافات والانقسامات، لا تنتظر إلا شعرة حتى ينقصم ظهر البعير، وينفجر البركان بكل ما يحمل من ضغائن وفتن فيحرق الأخضر واليابس ويهجر من فشلت إسرائيل في تهجيره، بغض النظر عن طائفته أو انتمائه السياسي أو المناطقي·

وأخيراً يبقى السؤال، هل يكتب للملفات الساخنة اللبنانية فرص أفضل من ملف الدولة الفلسطينية، فتمر الاستحقاقات بسلام، وتحل بحس عالٍ من المسؤولية والوعي اللذين يقيان لبنان شر الفتن والعواصف السياسية؟· 

السابق
صمتُ جنبلاط المدوّي
التالي
المعلوم والمخفي في قمة دار الفتوى