لبنان أمام التحديات الدولية

ترى مصادر سياسية لبنانية، أن مسؤولية لبنان تجاه المجتمع الدولي، كما يريدها الغرب، تكاد تنحصر في أمرين: الأول ضرورة تمويل المحكمة الدولية، والثاني محاولة إبعاد لبنان عن الملف السوري، لناحية تغيير موقف لبنان الحالي مما يحصل في سورية، بالإضافة إلى ما طلبه الأمين العام للأمم المتحدة من الحكومة اللبنانية لناحية تنفيذ القرار 1559. وكان رد رئيس الجمهورية ميشال سليمان واضحاً على هذا الطلب عندما قال: قبل أن يطالبنا المجتمع الدولي بتنفيذ ذلك القرار عليه أن يطالب "إسرائيل" بتنفيذ القرار 1701، وأن يأتي هذا الطلب على لسان الأمين العام يعني إحراج لبنان الرسمي في موضوع سلاح المقاومة، وهنا يكمن بيت القصيد، الذي يستهدف سلاح المقاومة خدمة لـ"إسرائيل" وأمنها ومصالحها في المنطقة.

وتضيف المصادر السياسية أن ملف المحكمة الدولية، من جهة تمويلها من دون شك، هو موضع خلاف بين القوى السياسية اللبنانية، وتصريحات النائب ميشال عون ومعه النائب طلال ارسلان وكثير من القوى السياسية والحزبية دليل واضح، على أن تمويل المحكمة سيكون مدار نقاش سياسي متصاعد، وإن كان البعض يرى أنه من المبكر أن تفتح معركة تمويل المحكمة من الآن، باعتبار أن الموضوع يجب أن يكون محسوماً في أي اتجاه حتى آذار من العام المقبل.

وتعتبر المصادر السياسية، أن كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن ضرورة تمويل هذه المحكمة، يتناقض تماماً مع كلام آخر قاله ميقاتي عندما نفى أن يكون لحزب الله أي دور في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهذا النفي يعني بشكل واضح أن المحكمة غير عادلة ومسيّسة. من هنا، لا بد من التفكير بصورة موضوعية وعقلانية لدى معالجة هذا الملف، وإن كان البعض يراهن على إمكانية إيجاد المخرج المناسب، لأن الاشتباك السياسي داخل الحكومة يمكن أن يهدد مصيرها، وإن كان من واجب رئيس الحكومة أن يؤكد أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة، تمسّك لبنان بتطبيق القرارات الدولية ومنها المحكمة الدولية.

وتقول المصادر السياسية، إن ما هو لافت للنظر الدخول الأميركي المباشر على خط تمويل المحكمة والوضع الداخلي في سورية، وهذا ما جاء على لسان وزيرة خارجية أميركا هيلاري كلينتون، وبعدها جيفري فيلتمان الذي وضع نفسه وصياً على الحكومة اللبنانية، بإملائه ما يتوجب عليها أن تفعل، معتقداً أن ما كان يفرضه على لبنان في المرحلة السابقة عندما كان سفيراً في لبنان يمكن أن يفعله في هذا الوقت، فلبنان تغيرت فيه الظروف السياسية ولم يعد في الموقع الأميركي كما كان منذ العام 2005، على الرغم من الضغوطات التي تمارس عليه. فالحكومة اللبنانية ليست في وارد التدخل في الشأن السوري، بل على العكس، فهي على تنسيق تام مع سورية في كل المجالات: في السياسة الخارجية، وفي موضوع مكافحة تهريب السلاح والمال والرجال إلى سورية، ولذلك فإن موقف لبنان في مجلس الأمن حيال أي مشروع قرار ضد سورية سيكون ثابتاً، لناحية رفضه فرض أي عقوبات أو إدانة لسورية أو لناحية التدخل في شؤونها الداخلية.  

 

السابق
خسائر الاقتصاد الفلسطيني تتجاوز 6,9 مليارات دولار
التالي
لا مكان للحـرية في 14 آذار