الجمهورية: موسكو تتمسّك بمشروعها لحلّ سياسي في سوريا وبرّي إلى إيران فأرمينيا والراعي إلى واشنطن

لم يسترح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد من همّ مصير طلب انضمام فلسطين الى الأمم المتحدة دولة كاملة العضوية الذي ستبت به اللجنة المعنية بقبول الاعضاء الجدد في مجلس الامن الدولي بعد غد الجمعة بعدما قرر المجلس خلال اجتماعه في نيويورك امس احالة هذه المسألة اليها.

سوريا

وبدورها لم تسترح سوريا من وطأة الحراك الدولي والشعبي، في الوقت الذي أبدت بريطانيا اشمئزازها من أعمال العنف الجارية على الاراضي السورية، ودعت الرئيس بشار الأسد إلى مواجهة حقيقة "أن الشعب السوري يريد التغيير ووضع حد للوحشية".

اما روسيا فأعلنت عن تقديم صيغة جديدة لمشروع القرار حول سوريا، وأمل مندوبها الدائم لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين في ان تساعد هذه الصيغة على "تحريك العملية السياسية في سوريا ووقف العنف هناك، لأنها تتسم بلهجة حازمة، واصفاً مشروع القرار الذي طرحته الدول الغربية بأنه "جزء من السياسة الرامية الى تبديل النظام في سوريا". مبديا اعتقاده بأن التصريحات التي تطلق في بعض العواصم حول شرعية او عدم شرعية انظمة معينة لا تساهم إلا في تصعيد العنف في سوريا".

وفي السياق نفسه، تعتزم تركيا فرض عقوبات على نظام الأسد و"ليس الشعب السوري". ويتوقع أن تعلن قائمة العقوبات الأسبوع المقبل عقب زيارة يقوم بها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى مخيمات اللاجئين السوريين في المناطق التركية المحاذية للحدود مع سوريا. وذكر مسؤولون أتراك إن العقوبات تمس الجوانب العسكرية والمالية وقطاعات الطاقة بين البلدين. وكان أردوغان اكد إستحالة أن يحافظ على صداقته "مع زعماء يهاجمون شعوبهم، ويطلقون النار في اتجاههم ويستخدمون الدبابات وغيرها من الاسلحة الثقيلة".

في غضون ذلك أكد الاسد مضيه في خطواته الاصلاحية، فأصدر مرسوما خاصا بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات فيما ذكرت مصادر سورية ان القيادة في دمشق ستقوم خلال أيام بتشكيل لجنة هدفها البحث في إمكانية تعديل بعض مواد الدستور، وتحدثت عن مشاورات داخل القيادة لإشراك شخصيات معارضة في هذه اللجنة.

واعلن الاسد خلال استقباله الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سليم الحص أمس "ان الحوادث الاليمة انتهت والحمدلله وتستعيد المدن السورية التي تعرضت للحوادث استقرارها الكامل، والسلطة في سوريا تسهرعلى الوضع وتوليه اهتماما بالغا حفاظا على سلامة الشعب العربي السوري وهنائه".

سوريا مستهدفة

وقال الحص لـ"الجمهورية" بعد عودته من دمشق ان محادثاته مع الاسد تخللها حديث طويل عن الشأن القومي، وانه لمس لديه تمسكا قويا بالنهج القومي لسوريا. وأكد "ان سوريا مستهدفة لأنها الدولة الوحيدة التي تؤثر في العالم العربي اكثر من اي دولة اخرى، نظرا الى ما لها من ابعاد عربية".

وأضاف الحص انه لمس لدى الاسد ايضا "تفاؤلا وترقبا لمستقبل افضل لسوريا"، وقال: "ان علاقة سوريا بالدول العربية طيبة وانها متمسكة بقوميتها، ودورها المحوري في المنطقة". ولفت الى ان الاسد "مرتاح الى المواقف التي يعبر عنها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، والتي تشدد على قيم العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في لبنان والمنطقة". واشار الى ان الرئيس السوري اكد له ايضا ان علاقته طيبة بالمسؤولين اللبنانيين و"ان لبنان بكل شؤونه وهواجسه حاضر دوما في قلب سوريا على رغم كل ما تتعرض له، وانها حريصة على امنه وسلامه واستقراره".

وعلمت "الجمهورية" ان الاسد سيستقبل اليوم الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي، على ان تكون له تباعا لقاءات مع قيادات وشخصيات لبنانية أُخرى.

ميقاتي

وفي موازاة ذلك وقبيل إختتامه زيارته للأمم المتحدة ليعود لاحقا الى بيروت أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في لقاء حواري مع أعضاء مجلس السفراء العرب في المنظمة الدولية "إننا نحاول قدر المستطاع عزل الوضع في لبنان عن الأوضاع في المنطقة لا سيما في سوريا، وهذا ما قمنا به في مجلس الأمن عبر النأي بأنفسنا عن التصويت على القرار الدولي، وهذا النأي حافظ على الخصوصية اللبنانية". وقال: "ما نأمله لسوريا هو ما يتمناه الشعب السوري لبلاده. نحن لا نريد التدخل في هذا الامر، لأننا لا نريد التدخل في شؤون الآخرين، ولأننا نريد حماية لبنان من أي تداعيات محتملة". وجدد التمسك بتطبيق القرار 1701 ومطالبة الامم المتحدة بالضغط على إسرائيل لوقف خروقها وإستكمال تنفيذ هذا القرار.

مصادر ديبلوماسية

وكشفت مصادر ديبلوماسية واكبت زيارة رئيسي الجمهورية والحكومة لنيويورك لـ"الجمهورية" ان المسؤولين الدوليين وجهوا للرئيسين ميشال سليمان وميقاتي سؤالين يتعلقان بالوضع الامني في لبنان، الاول عن امن قوات "اليونيفيل" على خلفية بعض الاعتداءات التي تعرضت لها وحداتها، والثاني عن مدى تأثر لبنان بالاوضاع المحيطة به لا سيما في سوريا .

واوضحت المصادر ان هذه الاسئلة كانت للاستفسار ولم تندرج ضمن رسائل التحذير، اذ لم يسمع احد من الوفدين الرسميين كلاما عن تخوف امني خلال اللقاءات التي عقدت على هامش اجتماعات الجمعية العمومية تستجرّه احداث فتنوية او مذهبية او تفجيرات او ما الى ذلك. وقالت المصادر ان كلا من سليمان وميقاتي لمسا لدى الادارة الاميركية بالتحديد قرارا باستمرار دعم لبنان والتواصل معه عبر المساعدات والتشاور السياسي الذي يبقي خيوطا تستطيع واشنطن من خلالها السعي للتأثير في لبنان واوضاعه، بغض النظر عن الجهة التي تتعامل معها.

وذكرت المصادر نفسها ان الاحاديث التي دارت خلال اللقاءات كانت في العموميات والمبادىء العامة، خصوصا مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي لفت الى ان لا شأن للمجتمع الدولي بتفاصيل عمل الحكومة الداخلي، انما المهم هو الاداء المتعلق بالخارج والذي يتمحور حول 3 نقاط اساسية هي القرار 1701 واوضاع قوات "اليونيفيل" في الجنوب، والقرارات الدولية الاخرى وخصوصا المتعلق منها بالمحكمة ومسألة الامن والسلم.

وعما اذا كانت مواقف سليمان وميقاتي حول تمويل المحكمة ستؤثر على علاقاتهما مع مثلث "حزب الله " ـ حركة "امل" – تكتل التغيير والاصلاح برئاسة النائب ميشال عون الرافض التمويل داخل الحكومة، دعت المصادر الى ضرورة الالتفات الى الطريقة التي تعاطى بها كل من سليمان وميقاتي عندما اكدا في اكثر من تصريح ما معناه "اننا ملتزمون تطبيق القرارات الدولية، لكننا في الداخل ملتزمون بتطبيق القوانين الديموقراطية وفقا لما ورد في البيانات الوزارية". فرئيس الجمهورية كان واضحا في هذا الشأن وتحدث كرئيس للبلاد، وميقاتي تحدث كرئيس للحكومة وليس كحكومة، اي انه اعطى موقفا مبدئيا كرئيس للحكومة تاركا الموقف التنفيذي للحكومة ككل.

وكشفت المصادر ان هامشا واسعا من الوقت اعطي لحسم مسألة تمويل المحكمة وهو حتى نهاية هذه السنة، خلافا لما قيل عن مهلة اسبوع او 10 ايام، خصوصا وان احدا لم يسمع من المسؤولين في الامم المتحدة كلاما عن مهل زمنية محددة، لكن المتفق عليه هو تسديد الدفعة قبل نهاية السنة. واكدت المصادر ان الحديث عن محطة آذار المقبل 2012 كموعد يقوم خلاله الطرفان اللبناني والدولي لعمل المحكمة وتجديد مهمتها هو امر يفوق بدقته وحساسيته موضوع التمويل.

 
بري: السير بالنفط

وفيما تغيب الجلسة التشريعية اليوم بسبب سفر رئيس مجلس النواب نبيه بري قريبا الى ايران فأرمينيا، يتجه بري فور عودته الى الدعوة لعقد جلسة نيابية للبحث في موضوع التنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية اللبنانية. ورجحت مصادر نيابية انعقاد جلسة في 18 تشرين الاول يتم خلاها انتخاب هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية واعضائها والمقررين والتي يرجح أن تشهد تغييرات عن ما هي عليه وذلك بعد تحول الاكثرية السابقة الى معارضة وتحول الاقلية السابقة الى أكثرية شكلت حكومة برئاسة ميقاتي.
وجدد بري التشديد على ضرورة الاسراع في السير بملف النفط نحو التنفيذ. موضحا أنه "لا يقبل مطلقاً بأمر واقع اسمه عدم التنقيب في الـ860 كلم مربع في المنطقة الاقتصادية البحرية اللبنانية لأنّ ذلك يعني تسليماً بالادّعاء بأنّ هذه المنطقة متنازع عليها، وهذا غير صحيح على الاطلاق". ومن جهة أخرى حض بري الشباب اللبناني امس على التحرك في إتجاه اقرار قانون انتخابي يعتمد النظام النسبي والدوائر الانتخابية الكبرى.

14 آذار

وذكرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار إن الحكومة التي يترأسها ميقاتي "تضم وزراء من حزب ألله، المتهم حتى الآن بارتكاب الإغتيالات التي شهدها لبنان. ومن الأجدى أن يلتزم أيضاً ميقاتي بتسليم المتهمين أمام القضاء الدولي والذين وردت أسماؤهم ونُشِرَت صورهم على وسائل الإعلام. وشددت على إحترام قرارات الشرعية الدولية خصوصاً القرارين 1701 و 1757 بكامل مندرجاتها، ولا سيما تمويل المحكمة بقرارٍ صريحٍ صادرٍ عن مجلس الوزراء. ورفضت ما ورد على لسان أحد مسؤولي حزب ألله الذي إدّعى أن السلاح ضرورة للعيش المشترك وهي تؤكّد أن هذا السلاح هو غير شرعي وغير ميثاقي وغير قانوني، وهو السبب الأساسي لعدم تنفيذ القانون وعاملٌ تفجيري دائم في وجه اللبنانيين كما أثبتته أحداث 7 أيـار 2008 وحادثة القمصان السود التي أمّنت نتائج الإنقلاب على الأكثرية البرلمانية.

وهبي والبروتوكول

واذ تمنى عضو كتلة "المستقبل" النيابية النائب امين وهبي ان تنفذ المواقف التي اعلنها ميقاتي في نيويورك حول المحكمة وان لا يتم وضع لبنان في مواجهة الشرعية الدولية، ابدى اعتقاده في حديث لـ"الجمهورية" انه "نتيجة عيوب بنيوية في الحكومة بسبب التركيبة المتناقضة لمكوناتها جعلتها تحتاج الى خطابين: خطاب رئيسي الجمهورية والحكومة الذي يكون صريحا احيانا واكثر صراحة احيانا اخرى عند الاشارة الى احترام لبنان التزاماته الدولية. وخطاب لمكونات اساسية في الحكومة كـ"حزب الله" و"التيار الوطني الحر" وقد سمعنا عون يدعو ميقاتي الى تمويل المحكمة من جيبه الخاص. فهذا الافتراق الواسع والتناقض الجلي بين مكونات اساسية في الحكومة يجعلنا قلقين من ان يُدفع لبنان الى ان يكون في مواجهة مع الشرعية الدولية. وعندما نرى خطابين يساورنا القلق ونحن من انصار المحكمة ونريد العدالة ونريد لمسلسل القتل والاغتيالات ان يتوقف، وهذا لن يحصل الاّ من خلال المحكمة".

وعما اذا كانت مواقف ميقاتي الدولية تحظى برضى كل مكونات الحكومة قال وهبي: "اصبحت ميّالا الى الاعتقاد بأنه يتم تبادل ادوار وبات عندي شعور بأنهم ربما يمررون التمويل ولكن ميقاتي يتحدث بلهجة وعون وحزب الله يتحدثان بلهجة اخرى، كي يحاولوا لاحقا عندما يمررون التمويل تمنين اللبنانيين بأنهم قدموا تضحيات هائلة واستثنائية".

وعن امكان تمرير التمويل فيما "حزب الله" يعتبر المحكمة اسرائيلية، قال وهبي: "هذا هو الخطاب الذي ميّزهم دائما، لديهم خطاب "غب الطلب". تذكرون جيدا انهم تكلموا في فترة من الفترات عن البيئة الحاضنة للعملاء وعندما بدأت الاجهزة الامنية تكتشف بعض العملاء في بيئتهم "بلعوا" السنتهم وكفوا عن العودة الى هذا الخطاب وتعاطوا مع الأمر وكأنه شيء عادي جدا ولم يتوقفوا عنده، واعتقد ان هؤلاء العملاء لو ظهروا عند خصومهم السياسيين تصوروا ماذا كانوا سيفعلون. للاسف ان فريق 8 آذار يمتهن وبكفاية عالية الازدواجية في الخطاب والمعايير والازدواجية في كل شيء. ونحن نثق بالشعب اللبناني ونعرف انه يرى هذه الامور وسيقول كلمته بهذا الاداء الملتبس، في لحظة ما".

وعما اذا كان يعتقد ان التمويل سيمر في مجلس الوزراء اجاب وهبة: من طبيعة الاداء الذي نراه يمكن ان يجدوا صيغة تقضي بأن يمر التمويل اما في مجلس الوزراء واما بمرسوم يوقع من خارج المجلس او ان ينسحب بعض الوزراء خلال جلسة التمويل ويبقى الآخرون ولا يطير النصاب ليقر بند التمويل، يمكن ان يجدوا صيغة لأننا نستشف هذه الامر من خلال الاداء الذي نراه".

وعن السبب الذي سيدفع الاكثرية الى التمويل قال وهبة: "سيفعلون لانني اعتقد ان تصويبهم الاساسي هو على موعد تجديد بروتوكول التعاون مع المحكمة في 1 آذار 2012 اكثر مما هو على موعد التمويل، فاذا كانوا يريدون تمرير التمويل، ربما يمررونه وتكون المعركة المقبلة في 1 من آذار".

الراعي

من جهة ثانية وقبيل سفره السبت المقبل الى الولايات المتحدة الاميركية تلقى البطريرك الراعي تهانىء على مواقفه من مفتي دمشق الشيخ عدنان افيوني الذي زار بكركي عصر امس على رأس وفد يرافقه السفير السوري علي عبد الكريم علي.

وعلمت "الجمهورية" ان زيارة الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله الى بكركي غير واردة، وان وفدا من الحزب سيزور البطريرك وينتظر الفرصة المناسبة لإتمام هذه الزيارة لشكر البطريرك على مواقفه الايجابية.

وكان البطريرك قد تلقى دعم المطارنة الموارنة عبروا من خلال ما عبروا عنه في نداءهم السنوي فأيدوا مواقفه، وشددوا على ان "الوجود المسيحي لا يمكنه أن يستمر إلا من خلال انفتاح الأديان بعضها على بعض وخدمة الإنسان والدفاع عن حقوقه وبناء مجتمعنا على القيم الإنسانية المشتركة كالحرية والعدل والمساواة وكرامة الإنسان. ولذلك كان التواصل مع كل القيادات الروحية من خلال القمم الروحية التي عُقدت وهناك سعي لعقد قمة روحية على مستوى الشرق الأوسط". واوضح النداء ان "زيارة الراعي الى فرنسا كانت مناسبة لتبادل الآراء مع كبار المسؤولين فيها وليشهد للحقيقة بجرأة وشجاعة ويطلب من المجتمع الدولي السهر على تطبيق قرارات مجلس الأمن". ودعا للعودة الى "الاصالة اللبنانية وشبك الأيدي والجلوس الى طاولة حوار صادقة شفافة نلقي فوقها شكوكنا وهواجسنا". 

السابق
نصرالله عَ دَعسات بشير !!
التالي
نقطة اللارجوع في تمويل المحكمة