البناء: علامات استفهام حول لقاءات جنبلاط ومواقفه الأخيرة!

حملت الساعات القليلة الماضية مجموعة من التطورات والمواقف سيكون لها انعكاسها الإيجابي على الساحة الداخلية والوضع المحيط بلبنان.
وتمثلت هذه التطورات والمواقف بالنداء الذي صدر عن مجلس المطارنة الموارنة وما تضمنه من تبنٍ كامل للمواقف الأخيرة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والتي تشدد على الانفتاح والحوار والوحدة الوطنية، وأيضاً ما يتعلق بالموقف من سلاح المقاومة والوضع في سورية.

كما برزت أمس مواقف إيجابية ذات أهمية كبيرة خاصة ما نقله رئيس الحكومة السابق سليم الحص عن الرئيس السوري بشار الأسد وتأكيده أن الحوادث الأليمة انتهت، وأن المدن السورية التي تعرضت للحوادث تستعيد استقرارها الكامل، وقال إن الرئيس الأسد طمأنه إلى أن الأيام الصعبة لن تراها سورية مجدداً.
كما برزت أيضاً مواقف جديدة لروسيا من الوضع في سورية، حيث جدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تأكيده أن بلاده لن تدعم أي عقوبات ضد سورية في مجلس الأمن، على الرغم مما صدر من مواقف سلبية لكل من رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، والتي تتماهى مع الموقف الأميركي من سورية، ما يثير الغرابة حول ما تريده كل من أنقره والرياض؟
ميقاتي من نيويورك

وفي ظل هذه المواقف طرحت في الساعات الماضية علامات استفهام حول ما طرحه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في نيويورك، ومن اللقاء غير المعلن الذي عقده مع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان المعروف عنه دفاعه المستميت عن "إسرائيل" وانتهاكاتها المستمرة للسيادة اللبنانية وتحريضه المتواصل ضد سورية.
وسألت مصادر مراقبة هل أن مواقف الرئيس ميقاتي في ما يتعلق باستعداده لتنفيذ العقوبات التي قد تصدر عن مجلس الأمن ضد سورية، وقبلها الالتزام بتمويل المحكمة من دون العودة إلى مجلس الوزراء هي رأي شخصي، في حين أن المطلوب أن تصدر مثل هذه المواقف عن مجلس الوزراء مجتمعاً؟
ميقاتي ـ فيلتمان والـ CIA
ووفق معلومات لـ"البناء" أن الرئيس ميقاتي التقى بعد أن استأذن الوزير منصور، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية السفير فيلتمان لمدة 50 دقيقة، وأعقب ذلك لقاء مع موفد من وكالة الاستخبارات الأميركية الـ CIA لمدة ثلاثين دقيقة أخرى، من دون أن يعرف ما دار خلال اللقاءين.
ولم تستبعد مصادر سياسية مطلعة، أن يكون لهذين اللقاءين تأثير مباشر في المواقف الأخيرة للرئيس ميقاتي سواء لناحية المحكمة الدولية وتمويلها أو لناحية ما يتعلق بتطورات الوضع في سورية.

جنبلاط إلى أين؟
وفي السياق ذاته، تساءلت المصادر عن خلفيات ما أعلنه رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط حول تغيير مواقفه وفقاً للظروف السياسية السائدة، وقوله أيضاً "ماذا ستفعل إذا كان المسدس مشهراً على رأسك"؟ وقالت المصادر هل أن جنبلاط يمهِّد الطريق أمام انعطافة جديدة لإعادة تموضعه داخل الحلف الأميركي ـ الشرق أوسطي الجديد؟ خصوصاً أن هذه المواقف سبقتها مواقف مماثلة من المقاومة والوضع في سورية والوضع العربي بشكل عام.
..ولقاء لـ8 ساعات مع الحريري
وفي هذا السياق، أفادت معلومات لـ"البناء"، أن جنبلاط وخلال زيارته الأخيرة إلى باريس التقى وعلى مدى ثماني ساعات متواصلة مع رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري وشارك في ساعتين منها النائب مروان حمادة.
نداء المطارنة
وكان مجلس المطارنة الموارنة قد دافع في ندائه بعد اجتماعه أمس عن السياسة الانفتاحية والحوارية التي ينتهجها البطريرك الراعي، وقال "إن البطريرك اختار يوم انتخابه شعار "شركة ومحبة" وهو يعمل منذ ذلك اليوم على ترجمته عملياً على كل الصعد وفي كل الوسائل المتاحة".
أضاف البيان، إن "البطريرك دعا في زيارته الرعاوية في القرى والمدن الى التعمق بشراكتهم مع الثالوث المقدس، كما يدعوهم إلى توسيع شراكتهم الأفقية، ولقيت الزيارات ترحيباً وطنياً عالياً وهي ستتواصل في لبنان وفي الخارج إن شاء الله بدءاً من زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية".
وشدد نداء المطارنة على أن "الوجود المسيحي لا يمكنه أن يستثمر إلا من خلال انفتاح الأديان على بعضها البعض.
ولفت النداء إلى انه "منذ اليوم الأول لانتخاب الراعي آل على نفسه أن يدعو الجميع إلى الحوار وإلى الخروج من منطق الحرب إلى منطق السلم ومنها كان لقاء الأقطاب الموارنة".
ودعا نداء المطارنة اللبنانيين إلى طاولة حوار صادقة وشفافة تلغي جميع الشكوك والهواجس.
مفتي دمشق يزور الراعي مهنئاً
وعصر امس استقبل البطريرك الراعي مفتي دمشق الشيخ عدنان أفيوني على رأس وفد يرافقه السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي في زيارة لتهنئته بتوليه سدة البطريركية.
وقال المفتي أفيوني بعد اللقاء "إن الزيارة كانت موفقة، وجرى فيها إيضاح المواقف المشرّفة للبطريرك وشكرناه عليها".
ورداً على سؤال عما إذا كان الوفد قد وجّه دعوة للبطريرك الراعي لزيارة سورية قال "إن شاء الله سيصار إلى التنسيق على أعلى مستوى".
دلالة سياسية
وقال مصدر مطلع إن لزيارة الوفد دلالة سياسية هامة، وإن اللقاء يندرج في سياق الخطاب التوافقي للبطريرك الراعي، وهو خطاب ثمّنت سورية توازنه واتزانه.
وأضاف: إن الجانبين أبديا وعيهما لخطورة ما يحاك للمنطقة كلها لا للبنان وسورية فقط. وكذلك، يخطط للمنطقة كلها سواء لناحية مشروع التفتيت الذي يكمل مشاريع التقسيم التي بدأت في بدايات القرن الماضي، أو لناحية مشروع الدولة اليهودية الصرف التي يسوّق لها الكيان الغاصب، وهو مشروع يهدف إلى إحاطة نفسه بدويلات طائفية ومذهبية وعرقية يبرر عبرها وجوده العنصري ويكون هو الكيان الأقوى بينها.
و"أمانة 14 آذار" تحرّض ميقاتي!

وفي ظل هذه الأجواء دخلت ما يسمى "الأمانة العامة لقوى 14 آذار" على خط التحريض داخل الحكومة بعد أن ظهر عجز هؤلاء ومَنْ يقف وراءهم في دفع البلاد نحو التوتير الأمني. وقالت إن "الحكومة التي يترأسها ميقاتي تضم وزراء من حزب الله، المتهم حتى الآن بارتكاب الاغتيالات التي شهدها لبنان. ومن الأجدى أن يلتزم أيضاً الرئيس ميقاتي تسليم المتهمين أمام القضاء الدولي، والذين وردت أسماؤهم ونشرت صورهم على وسائل الإعلام".
ولم تنس ما يسمى بـ"الأمانة" إطلاق الرهانات على المحكمة الدولية حتى وصل بها الأمر ربط "مصير لبنان" بهذه المحكمة التي أصبحت مجرد ورقة يستخدمها الأميركي و"الإسرائيلي" لخدمة مشروع تفتيت المنطقة.
بري نرفض التخلي عن ثروتنا المائية
إلى ذلك، جدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري التأكيد على ضرورة الإسراع في السير بملف النفط نحو التنفيذ. ونقل النواب عنه أمس في لقاء الأربعاء النيابي القول إنه لا يقبل مطلقاً بأمر واقع اسمه عدم التنقيب في الـ860 كلم مربع في المنطقة الاقتصادية البحرية اللبنانية، لأنّ ذلك يعني تسليماً بالادّعاء أنّ هذه المنطقة متنازع عليها، وهذا غير صحيح على الإطلاق.
وأشاد بري بجولة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في الجنوب، ملاحظاً أنّ غبطته أبدى سروره البالغ بالحفاوة والاستقبال الشعبي الحاشد الذي لقيه في المدن والبلدات والقرى التي زارها. ونوّه أيضاً بالقمة الروحية والمواقف التي صدرت عنها.
من جهة أخرى، دعا الرئيس بري الشباب اللبناني إلى التحرك من أجل قانون عصري للانتخابات على أساس الدوائر الكبرى والنسبية، وخفض سن الاقتراع ومواصلة التحرك الشبابي الذي أجهض قبل أشهر من أجل اتخاذ الخطوات الآيلة لإلغاء الطائفية بدءاً بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغائها.
ويغادر الرئيس بري غداً إلى طهران على رأس وفد نيابي للمشاركة في مؤتمر فلسطين الذي يعقد في العاصمة الإيرانية بحضور وفود عديدة من مختلف الدول العربية والإسلامية.

السابق
الانقلاب: البطرك بعد الأمير والسلطان؟
التالي
الحياة: بري يؤكد ضرورة السير بملف النفط