ماذا يحصل عندما تمر الحدود بين الصالون والمطبخ

 عائلة بدرية من كفر عقب في شرقي القدس درجت على دفع ضريبة الارنونا والتأمين الوطني على نحو دائم – الى أن تقرر قبل سنتين بان بيتها ليس مبنيا تماما في نطاق الحكم البلدي، فنزعت اقامة افرادها. والسبب: في المساحة التي أجراها التأمين الوطني تبين أن معظم مساحة المبنى يوجد خارج نطاق الحكم البلدي. العائلة، التي فقدت حقوقها في التأمين الوطني والتأمين الصحي الرسمي، قررت رفع دعوى الى المحكمة الاقليمية للعمل ولاستعادة مكانة المقيم لديها. ولكن، قبل نحو اسبوعين، ردت المحكمة الدعوى وأبقت العائلة دون مكانة.
حسب مركز الخرائط الحكومي، فان 65 في المائة من المبنى يوجد في أراضي السلطة الفلسطينية وفقط 35 في المائة منه في اراضي اسرائيل. أغلب الظن، في داخل المبنى، توجد الشقة الخاصة لعائلة بدرية في معظمها بالذات في اراضي حكم العاصمة. كما أن أبناء العائلة يدفعون بانتظام الارنونا (ضريبة المسقفات) لبلدية القدس – والتي اعترفت بذلك بان البيت يوجد في اراضي اسرائيل – ورغم ذلك، لم تقبل دعواهم. هذه الحالة ليست الاولى. في السنوات الاخيرة وقعت عدة حالات أعلن فيها التأمين الوطني لعائلات في شرقي القدس عن الغاء مكانة المقيم لديها، بكل ما ينطوي عليه ذلك من ناحية الحقوق الاجتماعية، في أعقاب اجراءات مساحية جديدة أظهرت أن البيت تقسمه الحدود بين اسرائيل واراضي السلطة. وحسب القانون، اذا كان المقيم في شرقي القدس يسكن خارج حدود المدينة فانه يفقد مكانته القانونية فيها.
في حالة اخرى، لمقيمة في عناتا هي ديانا الكرد، والتي بحثت قبل نحو سنتين في محكمة العمل – تدهور النقاش القضائي الى مسألة أين هو مكان غرفة النوم التي درج زوج ديانا الراحل على النوم فيها. فهل سريره كان في نطاق المدينة أم ربما في نطاقات السلطة الفلسطينية؟ وحسب هذه المسألة تقرر حق أرملته بمخصص الخلف. في هذه الحالة ايضا، لم تجدي حقيقة أن بلدية القدس احتسبت البيت في الاراضي الاسرائيلية وجبت الارنونا من الساكنين فيه. الدعوى والاستئناف عليها ردا – وديانا فقدت حقها في تلقي المخصص. "يدور الحديث عن أرملة مع اطفال لا يوجد لها دخل. ولم تكن لديها أي وسيلة كي تعرف بان بيتها خارج القدس. والان لم يلغوا فقط مخصص الخلف بل يطالبونها باعادة مئات الاف الشواكل"، يقول المحامي فراس ابو احمد الذي مثلها.
المساح اشرف الحاج يحيى، الذي أجرى المساحة في بيت عائلة بدرية، يشرح بان كل شذوذ لمليمتر واحد في الخط الذي يرسم على الخريطة – معناه في الواقع خمسة امتار. وهكذا، فان خطأ مليمترين في رسم الخريطة يمكن أن ينقل مبنى كامل من اسرائيل الى السلطة وبالعكس. ولكن، قررت المحكمة بان عائلة بدرية لم تطرح أدلة على ادعائها بان معظم شقتها توجد في اسرائيل، رغم ان المبنى الذي تسكن فيه يوجد في معظمه في اراضي السلطة. كما قررت المحكمة بان القرار بتحديد الاقامة حسب مكان المبنى وليس حسب التقسيم الداخلي لكل شقة معقول. "حسب الحقائق التي ليست موضع خلاف وحسب الادلة الموجودة في الملف، الشقة التي يسكن فيها المدعون توجد في مبنى معظم مساحته تقع خارج نطاق دولة اسرائيل وقلة من مساحته توجد في نطاق اسرائيل"، قرر القضاة. المحامي رمزي نداف، الذي مثل العائلة أعلن بان في نيته الاستئناف على القرار.
من جمعية "عير عميم"، التي كشفت النقاب عن الحالة جاء ان "اسرائيل لا توفر جهدا كي تسحب البساط من تحت أقدام الفلسطينيين في القدس. قرار المحكمة السخيف هذا يجسد حقيقة أن الفلسطينيين مقيمون مع وقف التنفيذ، وهذه مجرد طرف الجبل الجليدي لسلسلة من الانظمة والقوانين التي تستهدف المس بمكانة وحقوق الفلسطينيين في المدينة.
والى ذلك، معطيات استطلاع جديد يبين أنه رغم المصاعب، فان سكان شرقي القدس راضون بشكل نسبي، من حياتهم تحت السيادة الاسرائيلية. وحسب الاستطلاع، الذي اجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الاوسط بالتعاون مع المركز الفلسطيني للرأي العام وجامعة برنستون يكاد يكون نصف الفلسطينيين في شرقي القدس يفضلون البقاء تحت السيادة الاسرائيلية. ويتبين من نتائج الاستطلاع أيضا ان فقط 23 في المائة صرحوا بانهم سيفضلون بيقين مواطنة فلسطينية على مواطنة اسرائيلية. واضافة الى ذلك، قال 42 في المائة انهم سيفضلون الانتقال الى حي آخر كي يبقوا تحت السيطرة الاسرائيلية.
وأعرب محافل بلدية القدس عن رضاها من نتائج الاستطلاع ولا سيما من علامات التقدير العالية، نسبيا، التي تلقتها البلدية ورئيس البلدية نير بركات. ويتبين من الاستطلاع ان بركات يحظى بشعبية 34 في المائة في أوساط سكانه الفلسطينيين، أكثر من الشيخ رائد صلاح (33 في المائة) والرئيس الامريكي براك اوباما (20 في المائة). 

السابق
ستكون هذه سنة رائعة
التالي
يلوحون للسلام