لا مصداقية

سيتطلب الأمر كثيراً من المشقة لاستعادة عدد المرات التي التقى فيها مسؤولو الطوائف الروحية واستذكار مضامين البيانات الصادرة بعد كل اجتماع.
لكن من السهل الافتراض ان جميع البيانات كانت تدعو الى المحبة والعيش والشركة والوحدة الوطنية.
في ما يريده رؤساء الطوائف نقيضان، فليس بينهم اولاً من يمون على القرار السياسي لطائفته، ثم ان البيانات لا تعبّر بدقة عما في النفوس.
الا ان الفاقع في الامر ان كل طائفة تخاف من تكتل الطوائف الاخرى ضدها، وفي الوقت نفسه ترى كل طائفة انها مضطرة الى نسج تحالفات برغم المجاهرة بنفيها.
مع الأسف، فقد رؤساء الطوائف بعضاً من مصداقيتهم خلال العقود الماضية بعدما انخرط معظمهم في حرتقات سياسية متجذّرة في بُعدها المذهبي.

ان دلّ ذلك على شيء فعلى خضوع رجال الدين بمعظمهم للزعماء السياسيين الذين، بحجج او بأخرى، راحوا يقاتلون من اجل مكاسبهم مستندين في ذلك الى هذه الطائفة او تلك.
والمؤلم اننا لا نزال نعتقد ان لبنان بمنأى عما يجري من حوله، فلا نتوقف عن ترداد أنشودة العيش المشترك فيما الخناجر تلمع كلما اقترب موعد وضع قانون الانتخاب.
القانون الانتخابي السليم البعيد عن الطائفية قد يكون هو "المنقذ من الضلال" إذ قد يريحنا من تدخل رجال الدين في السياسة وتدخل رجال السياسة في العلاقة بين المواطن وربّه.
نحن لا نحتاج، على الارجح، الى مزيد من القمم الروحية بقدر ما نحتاج الى روحية العيش المشترك القائم على مرتكزات الديموقرطية والعدالة الاجتماعية.
  

السابق
الانباء: ميقاتي في كلمة لبنان أمام مجلس الأمن: نجدد التزامنا بالقرارات الدولية ومتمسكون بحقنا في ترسيم حدودنا البحرية
التالي
رجل الأعوام الأخيرة