طبخة التعيينات نضجت

تستعد الحكومة لنفض الغبار المزمن عن ملف التعيينات الإدارية، من خلال وضعه على نار حامية، علّها تستطيع في غضون الأسبوعين المقبلين البدء بإصدار ما توافر من تعيينات على جرعات تكون قادرة على ملء بعض الشواغر الأساسية في الإدارات والمؤسسات العامة.
وبات من المؤكد أن الحكومة جادة إلى أبعد الحدود في مقاربة هذا الملف الذي طالما كان يوضع على رف الانتظار بفعل التجاذبات والتدخلات السياسية التي كانت تحكم الطوق حوله وتحول دون إبصاره النور.
وفي هذا المجال يؤكد مصدر وزاري أن غالبية الوزراء أنجزوا ما طلب منهم من أجل ملء الشواغر في وزاراتهم وعلى وجه الخصوص في مراكز الفئة الأولى، وإن هذا الأمر يجري في الدرجة الأولى داخل الإدارة من خلال ترفيع بعض الموظفين وفق خبراتهم وكفاءاتهم ونظافة كفهم، وفي حال تعذّر وجود الشخص المطلوب من داخل الإدارة، يستعان من خارج الإدارة بأشخاص لديهم الشروط المطلوبة.
ويتوقع المصدر أن تكون باكورة التعيينات في المحافظات وأجهزة الرقابة، ومجلس القضاء الأعلى والجمارك وبعض الإدارات الأخرى التي تشكل عصب الحياة اليومية، حيث لم يعد من الجائز ترك هذه المراكز شاغرة، نظراً إلى أن ذلك يشكل عبئاً على الإدارة والمواطن على حد سواء.

ولا يخفي المصدر الوزاري أن هذا الأمر سيكون موضع متابعة واهتمام وافيين بعد عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من زيارته إلى نيويورك، بمعنى أن مجلس الوزراء سيكون جاهزاً لإصدار دفعات من هذه التعيينات التي باتت شبه مكتملة خلال الشهر المقبل، وسيكون لهذه الخطوة إيجابيات كثيرة على مستوى الوضع العام، حيث لم يعد مقبولاً أن تبقى الإدارة على النحو الذي هي عليه اليوم، مراكز شاغرة وهدرٍ في الأموال وفساد في بعض المواقع، والمفروض أن تبدأ الحكومة بضخ دم جديد إلى الإدارة والعمل على تطويرها بما يتناسب والتطور الذي يطرأ على الإدارات في مختلف بلدان العالم.

من هنا فإن مصادر سياسية مواكبة للحراك السياسي الحاصل حول ملف التعيينات، تتوقع أن ينتهي وزير التنمية الإدارية محمد فنيش في القريب العاجل من إنجاز وتحديد المعايير التي يجب توافرها في اختيار المرشحين لتولي المناصب، وإن هذا العمل يجري بالتنسيق الكامل مع مجلس الخدمة المدنية، والوزير فنيش ينطلق في عمله من الآلية التي وافق عليها مجلس الوزراء وتتمثل بوضع كل وزير أسماء ثلاثة مرشحين ويرفع ذلك إلى مجلس الوزراء الذي عليه اختيار اسم واحد من الثلاثة للمركز الشاغر، يرى فيه المؤهلات المطلوبة التي تمكنه من أداء عمله وفق ما هو مطلوب، لأن مرحلة التسيب والمحسوبيات يجب التخلص منها، والتوجه نحو اعتماد قاعدة الكفاءة بعيداً عن قاعدة الاستزلام التي جعلت الموظف عبداً عند الذي أوصله إلى هذا المركز، وبالتالي يرى الموظف نفسه مضطراً لمسايرة هذا الوزير أو هذا المسؤول على حساب الإدارة والمصلحة العامة، من منطلق خوفه من أن يغضب عليه "وليّ أمره" ويأتي بشخص آخر يعمل مكانه.
وفي تقدير هذه المصادر، أن التعيينات المرتقبة ينتظر أن تنقل الإدارة الى مرحلة جديدة من الرقي والتقدم، وتضع حداً للفساد والترهل اللذين عششا في مفاصل هذه الإدارات على مر الأعوام السابقة، حيث كانت هذه الإدارات متفلتة من الأجهزة الرقابية، ويتكئ من يتولى المراكز فيها على العصا السياسية التي تحميه وتجعله عصياً على أي رقابة أو محاسبة، الأمر الذي جعل المصالح الشخصية تتقدم على المصلحة العامة بشكل أضحت معه الإدارات والمؤسسات العامة خاضعة لمزاجية هذا السياسي أو ذاك بدلاً من خضوعها لأجهزة الرقابة. .

ويتوقع في هذا المجال أن يعقد وزير التنمية الإدارية اجتماعات مع كل وزير لوضعه في صورة النتائج التي خلص إليها في إطار تحديد الخيارات لإنجاز هذه التعيينات. وتكشف المصادر، أن ما يعيق بعض التعيينات غياب التوافق حولها، ولا سيما على الخط المسيحي حيث ما زالت العراقيل موضوعة أمام بعض المراكز بفعل استمرار التجاذب والخلافات حولها، وإنه بمجرد الوصول إلى قواسم مشتركة أو انتفاء الأسباب الموجبة التي كانت تعيق الاتفاق على ملء الشواغر، سيصار إلى إنجازها بسرعة، من منطلق الحرص على إعطاء الدفع المطلوب لعجلة العمل شبه المتوقفة بفعل الشواغر الموجودة، وإن هذا الموضوع سينجز بعيداً عن أي نوع من الكيدية أو الثأر كما يحاول البعض الترويج له.   

السابق
اليونيفيل تطّهر ألف متر مربع من الألغام
التالي
مأساة البطريرك