المرأة السعودية: إلى الشورى وممنوع القيادة!

«أرى أنها خطوة جريئة جداً من قبل الملك في تحدّيه لرجال الدين وأفكارهم»، تقول سلمى (25 عاماً) من السعودية، عن قرار الملك السعودي منح المرأة حق «المشاركة في مجلس الشورى عضواً» و«التصويت والترشح في الانتخابات البلدية». طفرة «الإصلاحات» الاستباقية باتت تعمّ المنطقة. لكنها، للمفارقة، تكتسب دلالة وبعداً آخرين في بلدٍ كالمملكة العربية السعودية، حيث تملك السلطة الدينية سطوة في السياسة والاقتصاد والاجتماع. هكذا يصوّر البعض إعلان الملك السعودي باعتباره «إنجازا». فهذان القراران، على أقل تقدير، سيشيعان جواً من النقاش حول المرأة السعودية وحقوقها. ذلك أن النقاش الذي لم يعرفه هذا البلد إلا لماماً، غابت عنه المرأة بشكل شبه كلّي، لكنها كانت وما زالت دائمة الحضور في فوضى الفتاوى و«الاجتهادات» الدينية التي تتناولها بوصفها آلة محرّضة على الجنس! ومنها على سبيل المثال لا الحصر «اجتهاد» للداعية الشيخ محمد العريفي، يقول فيه «لا تجلس البنت مع أبيها إلا بوجود أمها»، محذراً من «فتنة البنت لأبيها!»، وذلك في سياق نصحه لإحداهن بطريقة التخلص من تعرضها للتحرش الجنسي على يد والدها وشقيقها!
هكذا يتحدث الملك السعودي عن «التحديث المتوازن والمتفق مع قيمنا الإسلامية»، رافضاً تهميش دور المرأة السعودية «في كل مجال عمل، وفق ضوابط الشرع الحنيف»، وذلك في وقت يكتنف الالتباس مجمل آليات تطبيق هذين القانونين لجهة دور وموقع المرأة في مجلس الشورى وصلاحياتها فيه. كل ما يعرف عن مجلس الشورى أنه هيئة استشارية ولا صلاحية فعليه له يقدم توصيات في السياسات العامة للدولة ويناقش الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية. . 
قد تشكل المجالس البلدية إذا منحت صلاحيات كاملة في إدارة مناطقها مجالاً خصباً للممارسة الديموقراطية من خلال عملية الانتخابات وحق التصرف في الميزانيات، أو أن يكون رئيس هذه المجالس مستقلا، لا يؤتمر من الدولة، حتى تكون الكلمة الفصل للشعب عبر حكومات محلية مصغرة.
كل ما سبق يفتح الباب على تساؤلات مشروعة: هل يعد القراران فاتحة تحوّل في النظرة إلى المرأة السعودية؟ أي الإيمان بدور اجتماعي وسياسي واقتصادي تؤديه بوصفها كائنا لا يقلّ قدرة عن الرجل؟ أم إن «الشرع الحنيف» أو «الضوابط الشرعية» سيحولان دون ذلك لاحقاً؟ هل سيسمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة أم ستظل عرضة للاعتقال إذا ما تجرأت وفعلت، كما حصل مع منال الشريف التي خالفت تعاليم «الدين الحنيف»؟ إلى أي مدى سيؤخذ برأي المرأة في ما يتعلق بالسياسة العامة للدولة وأهمها التنمية الاجتماعية، ما يعني التطرق إلى قضايا حساسة ينحصر البتّ فيها بالمحاكم والهيئات الشرعية؟
إن إجهاض السعي إلى منح المرأة بعضاً من حقوقها ربما لا يقتصر على ما قد يصدر عن رجال الدين، بل من بعض المجتمع أيضا! إذ إن رصد الآراء التي انتشرت عقب صدور القرار ينمّ عن رضا البعض في حين أن البعض الآخر أفصح عن رفضه وطلبه إلى الملك العودة عن قراره!

محمد مثلاً من المدينة المنورة يسجّل تعقيبا على صدور القرار: «أين كان هؤلاء العلماء الذين أفتوا بجواز هذا (الأمر)؟ وأين أنتم من قول الله تعالى: وقرن في بيوتكن؟ وقوله صلى الله عليه وسلم: خاب قوم ولّوا أمرهم امرأة؟ .. وأين تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم من اختلاط الرجال مع النساء؟»، فيما يكتب آخر على موقع الكتروني: «نحن نطالب الحكومة بالإصلاح وليس الإفساد». أمّا أحمد فيستنتج أن قرار الملك دليل على «أنها بداية النهاية.. والله أعلم»!
في المقابل، أبدت شابات سعوديات ارتياحهن للقرار، مذكرات في الوقت نفسه بالحقوق الأخرى التي لا يزلن يطالبن بها. ليلى، من الإحساء، والتي تعمل في مجال التجميل، تقول لـ«شباب السفير»: «أرى أنها خطوة جيدة، لكنها تأخرت كثيراً أسوة ببقية نساء العالم اللواتي قطعن أشواطاً في التقدم وحصلن على حقوقهن الاجتماعية والسياسية، بينما السعوديات لا زلن يناضلن ليحصلن على حقوقهن».
وتتوقع ابنة الـ25 عاما أن يشكل القرار خطوة إيجابية للمرأة السعودية لاحقاً، كمقدمة لتغيير كل القرارات المجحفة بحقها، ومنحها حريتها واستقلاليتها بالحياة.. «لكن المشوار طويل».
وتروي ليلى مفارقة «مضحكة مبكية» تتمثل باعتقال إحدى السعوديات، واسمها نجلاء الحريري، بتهمة قيادة السيارة، بالتزامن مع صدور القرارين! وتضيف: «مخجل كيف أن الملك يقول نحن نرفض تهميش المرأة، والحكومة تحتجز امرأة وتطالب بمحاكمتها».
الموقف الأكثر تعبيراً عن واقع الحال ربما جاء في تعليق على موقع الكتروني خاص بقضايا المرأة السعودية، موقع باسم «أنثى من فصيلة الإنسان»، تحمل فيه على من يعتبر أن القرار انتصار للمرأة. تقول: «الكل يعتقد انه انتصار، وهو ليس كذلك. قرار المشاركة في الانتخابات البلدية صدر قبل 4 سنوات ولم ينفذ، ولن ينفذ. فهل تعتقدون أن ما يحدث انتصارا؟
وتضيف: «إننا نرزح تحت عادات الجاهلية على يد طبقة لها تأثير في صناعة القرار، وذلك باسم الدين وعلماء الدين، وكلهم ذكور اعتادوا احتكار القرار بصفتهم قوامين على النساء وأرفع درجة عند الله من النساء. اعتقد انه من الأجدر بعد هذا كله أن تبدأوا حملة «أنا إنسان وجنسي أنثى» 

السابق
حزب الله: بيان القمة الروحية وثيقة وطنية تحسم مسار اللبنانيين وتعبر عنهم
التالي
آلان عون: حياد الراعي يزعج البعض والحكومة ستتجاوز إستحقاق تمويل المحكمة