يهربون لإسرائيل وليس إيران!

على أثر الكشف عن وجود عملاء لإسرائيل داخل حزب الله في لبنان، انطلقت الماكينة الإعلامية للحزب من أجل التشويش على الأخبار الخاصة بالعملاء الإسرائيليين داخل الحزب، مرة بحجة عدم دقة العدد، وأخرى حول دقة التوقيت.. لكن هذا ليس المهم بتقديري.
فالأهم من جدلية العدد، وتوقيت اكتشاف العملاء الخاصين بإسرائيل في حزب الله، أمران لافتان؛ الأول أن أكثر حالات ظهور عملاء وجواسيس لإسرائيل في لبنان هي بين صفوف من يدعون المقاومة والممانعة، ويصفون خصومهم، والإعلام المنصف، بالعمالة لإسرائيل، هكذا يقول إعلامهم المزيف، وهكذا يقول كثر من قيادييهم، سواء في حزب الله، أو التيار العوني، أو خلافهم من قوى الكذبة الكبرى؛ كذبة المقاومة والممانعة
والسؤال هنا هو: لماذا لا يظهر العملاء إلا في صفوف من يتشدقون بالوطنية، والمقاومة، والممانعة؟

سؤال مهم يحتاج إلى أن يطرح بشكل جاد، وليس حول وجود عملاء إسرائيل بين صفوف حزب الله، أو حلفائه؛ بل ولماذا أيضا يسهل ظهور عملاء، وجواسيس، لإسرائيل في دولة مثل سوريا، ويكون مسؤولا أيضا عن اغتيال عماد مغنية، بحسب ما أعلن بدمشق مؤخرا، على الرغم من أن النظام الأسدي يعطل كل خطوات إصلاحية، وانفتاحية للبلاد، وطوال أربعة عقود، بحجة محاربة إسرائيل، وعدم تغلغل عملائها في سوريا، ثم يظهر فجاءة عميل إسرائيل بدمشق، ويكون مسؤولا عن اغتيال أهم شخصيات حزب الله الإرهابية عماد مغنية؟ فإما أن النظام الأسدي الممانع والمقاوم، كما يدعي، نظام مخترق من الأساس، ورغم كل الشعارات المزيفة عن الوطنية والممانعة، أو أن النظام الأسدي، الذي لا يجيد شيئا بقدر ما يجيد العمل البوليسي، يريد فقط من ترويج قصة العميل الإسرائيلي استخدامها إعلاميا لأهداف أخرى غير واضحة اليوم، فقد تكون مقدمة لتدشين عمليات الاغتيال داخل سوريا، ومن ثم إلصاقها بإسرائيل، أو أن لدى النظام نية لتصفية حسابات مع آخرين يفترض أنهم حلفاء للنظام الأسدي في لبنان.



والأمر الآخر اللافت بقصة ظهور عملاء وجواسيس إسرائيل، سواء لدى حزب الله، أو حلفائه، أنه كان المفترض، والمعتقد، أن تكون طهران هي الحامية لهذه الجماعات، والعاملين فيها، ومعها، لكن المفاجأة التي نحن أمامها أن هؤلاء يفعلون ما يفعلون بلبنان تحت غطاء التبعية لإيران، والمقاومة، وعندما ينكشف أمرهم فإنهم يهربون إلى إسرائيل، وليس طهران! أمر محير حقا، فهم يسبحون بحمد إيران، ويتفانون بتنفيذ أجندتها بلبنان، والمنطقة، ثم عندما يهربون فإنهم يهربون إلى إسرائيل!
لا شك أن تحت سجاد منطقتنا قدرا مذهلا من الأكاذيب التي تزكم الأنوف، ولو رفع ذلك السجاد لوقعت الصدمة الكبرى، لكن، وهذا المهم اليوم، مع مجرد رفع طرف من السجاد الذي لم يكنس ما تحته لفترة طويلة، ظهر ما ظهر لدينا من أكاذيب ظنها كثر، عن سذاجة أو جهل، حقائق؛ حيث تكشف لنا أن النظام بسوريا أبعد ما يكون عن المقاومة والممانعة، وأن بعض قيادات حزب الله عندما يهربون فهم يهربون إلى إسرائيل!
وبالطبع، فما خفي كان أعظم! 

السابق
خليل: انكفاء دور المسيحيين بسبب الثورات
التالي
الجنود السوريون نحو انتفاضة مسلحة