رجال الدين يحتلون الحياة الامامية

في إمكانك ان تراقب نشرة أخبار واحدة، أو ان تقرأ جريدة ما، وستشاهد حتماً هذا الفيض من رجال الدين، في غير نهارَي الأحد والجمعة، وستكتشف ان هؤلاء فرضوا أنفسهم زعماء في السياسة والمال والإقتصاد والمجتمع أكثر من حضورهم في الدين.
صحيح ان لهم ان يتناولوا شؤون الدين والدنيا، اذ هما مرتبطان ارتباطاً عضوياً، ولكن وجودهم في المقاعد الأمامية في كل الإحتفالات ليس أمراً متعلقاً الا بالدنيا، وكذلك جمع المال الكثير، وشراء العقارات، وركوب أفخم السيارات… ليست الا أموراً دنيوية، وتلبية دعوات العشاء والغداء والترويقة والعصرونية والسهرات على أنواعها لا تتعلق بالدين حتماً، والسفر ليس من الألوهيات…

نشرة الأخبار المسائية، سياسية اجتماعية اقتصادية في المبدأ، تبدأ بنشاط البطريرك الماروني وزياراته ومواقفه السياسية، ولقائه بطاركة ومطارنة، ومفتين ومشايخ يردون عليه إيجاباً أو سلباً، ثم ننتقل الى تقرير عن المواقف الأخيرة لمفتي الجمهورية فيشرح مفتي جبل لبنان وإمام من صيدا أسباب هذا التحول، ثم نشاهد تقريراً عن لقاءات سياسية لمطارنة بيروت، ثم تدشين كنيسة وقاعة ومدرسة، وفي المناطق مطارنة وشيوخ يرعون احتفالات تكريم الناجحين في الإمتحانات الرسمية… ثم يتحدث نائب الأمين العام لحزب ما في مؤتمر ديني، يليه موقف لنائب حزبي وهو رجل دين، ثم تحرك لأهالي سجناء يتقدمهم رجال دين، ويتهم رجل دين آخر بالتعامل مع سجناء بتمييز، ويطالعك خبر عن تشييع ضحايا جريمة وفيه شيخ لا يصلي عن أرواح الموتى بل يدلي بحديث عن التحقيقات…

وعندما يهاجم تيار سياسي مرجعاً يتصدى اجتماع دفاعي برئاسة رجل دين، وعندما ينحشر هذا الزعيم في موقف ما، يسارع الى زيارة مرجع ديني في منزله ويجلس في جوار سريره مفترشاً الأرض…
يقول نائب سابق انه لم يكن يقصد المسجد للصلاة لكن إمام بلدته أقام عليه حملة تحريض وشكاه الى رئيس الكتلة حتى صار ملزماً ان "يؤم" المصلين، وصار يدعو الصحافيين أصدقاءه لنقل صورته وهو يصلي.

 
وفي الطرف المقابل، يدخل وزير سابق ولا يجد مكاناً له في الصف الأول في الكنيسة، وعندما يهم بالخروج يدعوه الكاهن علناً ويطلب له كرسياً يوضع جانباً لجلوسه.
فإلى متى يظل رجال الدين سلطة فوق السلطات، يفرضون أنفسهم على الحياة العامة؟

كاميرا المراقبة تلاحقك الى الباركينغ

قرأت في "نهارك" قبل أمس تحقيقاً عن "الكاميرا تلاحقك أينما توجهت" ويدعوك الى الإبتسام أمام الكاميرا الخفية والظاهرة. قد تكون الظاهرة من هذه الكاميرات مقبولة نوعاً ما، ولكن ماذا عن الخفية التي تقتحم حياتك من دون استئذان؟ صحيح انها في أماكن عامة، ولم تدخل غرفة نومنا بعد (من يعلم؟)، أو بالأحرى ربما دخلت عبر الهواتف الخليوية اذا كان ممكناً تشغيلها من بُعد لمصلحة شركات مشغلة أو أجهزة مخابرات ما.
قد لا نقوم بأي حراك أو تصرف خاطئ في الأماكن العامة، ولكن من حقنا أيضاً ان نضحك، وان نقف أمام المرآة في المصعد، وان يقبّل شاب فتاته في المصعد اذا كانا وحيدين في الرحلة الى الطبقة العاشرة…
في المقابل، لا يحق لشركات الأمن والمراقبة، ان تحتفظ بتلك الصور أو ان تنشرها الى جهاز ما أو الى أي جهة، وحتى ان يتسلى بمشاهدتها العاملون لديها.
مناسبة هذا الكلام وقوعي على شريط يظهر شاباً وفتاة أعرفهما جيداً، وهما يتبادلان قبلة في السيارة في الباركينغ. صحيح ان الباركينغ ملك عام، لكن السيارة ملك خاص، وحياتهما هي ملك أكثر من خاص. وبالتالي يجب فرض قوانين صارمة على شركات الأمن والمراقبة حتى لا تتحول صور الناس، وان غير حميمة، ملكاً عاماً ومشاعاً. 

السابق
دولة فلسطين في عيون أهالي عين الحلوة
التالي
عرس جماعي لأبناء الشهداء والجرحى في حركة امل