حزب الله يضيّق الخناق على مكتبات النبطية بالقرطاسية الحزبية وكتب الإعارة

بدأ الموسم الدراسي: مكتبات النبطية العشرون تكاد تخلو من روادها. معرض القرطاسية التابع لحزب الله يعجَ بالاهالي، ينتظرون أمام المحاسب، يصطفون في طوابير، علامات الرضا تظهر على وجوههم. التجهم والغضب هو حال بعض اصحاب المكتبات، الصمت والاستسلام للواقع حال البعض الآخر منهم. التجارة ربح وخسارة. وبين مساعدة الناس والأهداف السياسية يبحث المواطن عن عشرة آلاف ليرة يوفرها من راتبه آخر الشهر.

فتح معرض القرطاسية أبوابه باكرا هذا العام، وككل عام يستمر لمدة تقارب العشرين يوما: تتهافت الناس من النبطية ومن القرى المجاورة، لتشتري القرطاسية لأولادها، وفي مساحة تقارب الأربعمئة متر مربع، تنتشر الكثير من الأنواع بأسعار وجودة مختلفة، بين الرخيص والغالي.

يصطف الناس قرب أربعة من المحاسبين يحاولون عدم تأخير الناس وخدمتهم على أكمل وجه. نبيلة كجك من رواد المعرض للمرة الأولى، اشترت القرطاسية لأولادها على دفعتين، دفعة أولى من المكتبة، والدفعة الثانية من المعرض: "وجدت الفالرق كبيرا في الأسعار". هكذا إذا: قرطاسية لأربعة أولاد، تمثل عبئا سنويا، وجدت علاجه في المعرض.

أما نسرين شبيب فتشتري النوعية الجيدة من المعرض، بعدما قارنتها بأسعار المكتبات ووجدت فارقا في سعر النوعية نفسها: "مكتبات النبطية تشبه الصيدليات، والتجار لم يعودوا يقبلوا بربح قليل".

ويؤكد محمد نجيب ندماني، مدير المعرض، أن الربح لا يتجاوز الخمسة بالمئة: "الهدف منه تغطية بعض المصاريف، فيما الهدف الرئيسي هو مساعدة الناس والوقوف إلى جانبهم، في ظل هذه الظروف الإقتصادية الصعبة"، مشيرا إلى أن "المستفيدين من المعرض ليسوا جمهور حزب الله فقط". وعن المعارض المقبلة، يشير إلى إمكانية "فتح معرض في بنت جبيل وصور وبيروت بعد معرض النبطية وصيدا".
 
الأهالي يجدون متنفسا لهم في هذا المعرض. الكتب من "مكتبة الإعارة" المجاورة للمعرض، التي تقيمها التعبئة التربوية التابعة للحزب للمرة الثالثة هذا العام. تقدم الكتب المستعملة إلى تلامذة المراحل التعليمية كافة، وبشكل مجاني. فاطمة حرب متطوعة في المكتبة: "الناس تفاعلت بشكل ملفت مع المكتبة هذا العام، بسبب الظروف الإقتصادية الصعبة، منهم من يقدم الكتب، ومنهم من يستعير الكتب، وهذا يشكل نوعا من التكافل الإجتماعي".

في المقابل يبدي معظم أصحاب المكتبات في النبطية إنزعاجهم من هذا الواقع. فالموسم في عزّه، والمكتبات شبه خالية من الزبائن. الكتب تؤمنها المدارس الخاصة من دور النشر مباشرة، والكتب الرسمية لا تربح الكثير، فسعرها واضح ومحدد. القرطاسية لم تعد مرتكزا لربح المكتبات في ظل هذه المنافسة الموجودة.

محمد عليق صاحب مكتبة، إشترك في نقابة أصحاب المكتبات في محاولة للحفاظ على حقوقه، لكنه يؤكد عدم فعالية هذه النقابة المطلبية، كاشفا عن تراجع في المبيعات لديه بنسبة 50 بالمئة، إضافة إلى مصاريف الإيجارات المرتفعة وبدل الكهرباء وبدل إشتراك المولّد الكهربائي، التي لا يتكبدها المعرض بحسب تعبيره، ما يسمح له بتقديم حسومات كبيرة.

يتساءل البعض عن المنفعة من هذا المعرض، في وقت لا يبرز هدفه تجاريا، البعض يعلق أنه لتوسيع شعبية حزب الله والتأثير على الناس سياسيا من خلال لقمة العيش ومستلزمات المدارس، مؤكدين أن مساعدة الناس لا تكون بهذه الاساليب بل بقرارت مصيرية تحلّ مشاكلهم في مجلس النواب ومجلس الوزراء.

هذا ما يرفضه ندماني، مؤكدا أن المعرض جزء مكمل من المساعدات التربوية التي يقوم بها حزب الله، من خلال منح دراسية ومساعدات تعليمية في المدارس والجامعات.

مع كل الإنزعاج الذي يبديه أصحاب المكتبات، إلا أن صوتا مطلبيا لهم لم يرتفع. صاحب مكتبة مهمة يرفض البوح باسمه، يقول إنّه "حتى السيطرة أصبحت على لقمة العيش والمنافسة غير منطقية بين معرض ومكتبة، حتى بنسبة الربح التي يتقاضونها، وهنا يتضح الهدف السياسي، في مدينة أصبحت تتنفس هواء حزب الله".

أما زهير الزين، صاحب مكتبة أخرى، فلا يهتم لوجود المعرض مجاورا لمكتبته، مؤكدا أن "الرزقة على الله"، ولا تنافس فيها، إضافة إلى أنّ "النوعيات الموجودة في المكبتة مختلفة عن المعرض، والزبون في هذه الأيام يعرف الفارق، ولكل مكتبة زبائنها"، معتبرا أنّ "المعرض حل جيد لكثيرين من الفقراء"! 

السابق
الحذر يسيطر على خطوات أوباما
التالي
الناسا تؤكد ان المذنب لن يدمر العالم وليس له أي تأثير