السلطة الفلسطينية أمام استحقاق أيلول

بعد فصول من التعنت الإسرائيلي وضياع عملية السلام من خلال التوسع في عملية الاستيطان وبناء الآلاف من الشقق السكنية والتصميم على وجود الجدار العازل وهدم العشرات من بيوت الفلسطينيين وتدمير معظم المزارع ونهب ثرواتهم الزراعية وحرقها، والاستمرار بالحصار الجائر على قطاع غزة، وتهويد مدينة القدس وتدنيس المسجد الأقصى الشريف، ماذا ينتظر العالم الآن، وماذا تتوقع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بعد؟! أليست فلسطين دولة ذات كيان وسيادة وتتمتع بعضوية كاملة في الأمم المتحدة؟! علينا ألا نلوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ذهابه إلى هيئة الأمم المتهحدة دون أخذ أي تفويض من القوى والفصائل الفلسطينية، فذهابه إلى الأمم المتحدة لنزع الاعتراف الدولي بعضوية دولة فلسطين بحد ذاته أمر ايجابي ويستحق الاشادة كونه أصلا خيار الشعب الفلسطيني على خوض معركة استحقاق أيلول/ فلسطين الدولة 194، واننا على ثقة بأن الشعب الفلسطيني لديه المقدرة على حماية مشروعه الوطني، والتمسك بالثوابت الوطنية حتى ينال الحرية والاستقلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، هذا وقد قام وفد من الحملة الوطنية لفلسطين الدولة 194 بتسليم مدير مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط السيد الكسي ماكلوف رسالة تطالب الأمين العام بان كي مون الاعتراف بدولة فلسطين كاملة العضوية،

وذلك لإنهاء الصراع الدائر بين الجانبين (الفلسطيني – الإسرائيلي) ولايجاد حل شامل لهذه القضية تحت اطار القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، إذ ان الشعب الفلسطيني يأمل هذه المرة بتحقيق حلمه الكبير بالحصول على الدولة الفلسطينية التي من أجلها قدم الكثير من الشهداء والجرحى والأسرى على مدار عقود طويلة، والآن آن أوان السلطة الفلسطينية في أن تتوجه إلى الأمم المتحدة لنيل حقوقها كاملة ابتداء من نيل عضوية دولة فلسطين المستقلة، والتي بدأت هذه القضية تحتل المرتبة الأولى على سلم أولويات المجتمع العربي والدولي بعد «ثورات الربيع العربي»، وبهذه الخطوة التاريخية نأمل أن يقوم ممثل الأمم المتحدة بالضغط على الرئيس الأميركي باراك أوباما للاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم الإنساني حتى تخضع الحكومة الإسرائيلية للأمر الواقع، وقرار الأسرة الدولية سيحسم الأمر كله، في حين نرى الولايات المتحدة تبذل جهودا حثيثة لاقناع الرئيس محمود عباس بالتخلي عن خططه الساعية إلى طلب عضوية كاملة لدولة فلسطين، وفي محاولة أخرى لمنع التوجه الفلسطيني الجديد سيحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه المرتقب في الأمم المتحدة طرح موضوع أهمية المفاوضات المباشرة من جديد مع القيادة الفلسطينية ليؤكد أن إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد لا ينفع ويعرقل جهود المفاوضات التي هي أساسا «عقيمة»،

وهناك تطور ملحوظ في عملية المباحثات التي تجريها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لقبول السلطة اقتراح المفاوضات المباشرة عند الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الدورة المقبلة، ولكن كما نرى ان الأوضاع والمتغيرات الاقليمية لا تحتمل أي تسويف أو تأخير في عملية السلام، وأوساط سياسية تتوقع أن من الممكن أن تخضع الحكومة الاسرائيلية قليلا لمطالب السلطة الفلسطينية والحديث عن حدود عام 67 بين الجانبين خوفا من متغيرات الربع العربي الذي يزداد ثورة وصلابة في الشارع العربي، كما ان هناك تحركات اسرائيلية في الولايات المتحدة الأميركية وآخرها ذهاب نتنياهو إلى نيويورك بناء على طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما، وذلك لعقد لقاء ثلاثي مرتقب يضم الرؤساء أوباما وعباس ونتنياهو لحسم موضوع عضوية دولة فلسطين في المنظمة الدولية ولتجنب المنطقة من اندلاع أي أعمال عنف ودعم العملية التفاوضية بين الدولتين (الفلسطينية – الإسرائيلية) نستطيع القول ان ذهاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على عضوية دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو عام 1967 هي خطوة تاريخية في الاتجاه الصحيح كونه حقا شرعيا يهدف إلى انهاء الاجحاف التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني، غير أن هناك ضغوطا سياسية غير طبيعية أمام الرئيس محمود عباس قد تودي إلى تراجعه عن هذه الخطوة التي جعلها محور سياساته وأهدافه في الآونة الأخيرة، ومن بين الضغوط الصعبة: تهديدات بوقف المساعدات المالية للحكومة الفلسطينية، ورفع الدعم الديبلوماسي، واطلاق يد الاستيطان بقوة والاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية وبالتالي فإن هذه الخطوات من الضغوط قد تساعد على ضعف السلطة وتأثيرها على الثوابت الفلسطينية مثل حق العودة والقدس المحتلة، وهي بالتأكيد تحفظات مشروعة مهمة لنصرة القضية الفلسطينية.
نعم ان السلطة الفلسطينية اليوم مطالبة بألا تتردد في طرح قضيتها العادلة «العالقة» للحصول على عضوية دولة فلسطين وفق عام 1967 في مجلس الأمن الدولي بعد أن يئست من أساليب التسويف والمماطلة في الحقوق أمام الخداع الاسرائيلي وبعد جملة من أحاديث الإدارة الأميركية حول السلام القائم فقط على عملية المفاوضات بين الجانبين، والنتيجة هي مفاوضات عقيمة ارتبطت أجندتها مع التوسع في المستوطنات وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وبناء الجدار العازل والاستيلاء على مدينة القدس والمسجد الأقصى، نعم لقد فشلت الإدارة الأميركية الحالية بقيادة الرئيس باراك أوباما في تطبيق عملية السلام بين الجانبين على أرض الواقع، وهذا خيّب آمال الشعوب العربية قبل الفلسطينيين أنفسهم خصوصا عندما هددت الولايات المتحدة باستخدام حق الفيتو في هيئة الأمم المتحدة، ولكننا في النهاية أمام دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي هم مسؤولون وشركاء في اتخاذ أي قرار لهذه القضية، فلننصف هذا الشعب الذي يعاني منذ أكثر من ستين عاما من ضياع أرضه، والآن يتطلع هؤلاء للعودة إلى أرضهم وهي دولة ديموقراطية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف… «ولكل حادث حديث…». 

السابق
بنك أدمغة يخطّط لمستقبل المسيحيّين في الشرق
التالي
غريب..ليش؟؟