خيوط المؤامرة تتساقط بسرعة والعقوبات الدولية فقدت فعاليتها

 أظهرت معطيات الأيام الماضية، أن سورية تتجه نحو الخروج من الأزمة التي المّت بها منذ حوالى ستة أشهر، بحيث أن خيوط المؤامرة تتساقط تدريجاً نتيجة عوامل متعددة، لكن الأهم أن التجربة التي مرت بها سورية كشفت عن حقائق لا يستطيع حتى أطراف المؤامرة القفز فوقها، وهي تندرج ـ وفق ما ترويه جهات دبلوماسية عربية ـ إلى قسمين:
الأول، له علاقة بالوضع الداخلي السوري من حيث مجموعة أمور وحقائق تمثلت بالآتي:
ـ الحقيقة الأولى، هي أن أكثرية الشعب السوري محصنة وطنياً وقومياً، فلا تؤثر فيها حملة غير مسبوقة استهدفت استقرار بلادها ووطنها وهو ما يمكن ملاحظته من خلال تجنيد عشرات وسائل الإعلام المشبوهة في الخليج، وتلك التابعة لما يسمى بعض أطراف المعارضة هناك، إضافة إلى ما تقوم به مختلف وسائل الإعلام الغربية والأميركية.
ـ الحقيقة الثانية، أن الجيش السوري أثبت أنه عاص على كل المحاولات التي جرت فبركتها للتأثير على دوره المركزي في حفظ أمن واستقرار سورية، وتالياً سقوط كل المحاولات التي قامت بها الجهات المتآمرة لإحداث انقسام في داخله، بحيث تؤكد الوقائع أن كل الأكاذيب التي فبركتها وسائل الإعلام المشبوهة ـ مثل الجزيرة والعربية ـ عن حصول انشقاقات، ليست سوى أوهام من صنع دوائر الاستخبارات المعادية، والذين خرجوا عن انتمائهم الوطني لم يتجاوزوا بضع عشرات معظمهم لا تأثير له حتى على عنصر واحد.
ـ الحقيقة الثالثة، أن كل الضغوط وعمليات الابتزاز ضد القيادة السورية، وضخامة المؤامرة التي حيكت في سبيل إحداث تغيير في نهجها العروبي والقومي، لم تغير في الثوابت التي ميزت مواقفها طوال عقود، بل إنها رفضت المساومة على تغيير قرارها رغم الضغوط من الحلفاء السابقين مثل تركيا وبعض دول الخليج.
أما الحقيقة الثانية فتتعلق بالمعطيات الخارجية وليس أقلها الآتي:
ـ أولاً، أن أحداث الأشهر الأخيرة كشفت عن ضخامة المؤامرة التي شاركت فيها أجهزة مخابرات عربية وغربية و"إسرائيلية"، بالإضافة إلى عشرات المنظمات، تحت مسميات مختلفة، لضرب استقرار سورية وإحداث انقلاب في موازين القوى على مستوى الشرق الأوسط، لمصلحة مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي حاول المحافظون الجدد في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش تسويقه في المنطقة، لكنه تعرض لنكسات كبيرة بعد هزيمة العدو "الإسرائيلي" في عدوان تموز وفشله في ضرب المقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة، وتكفي الإشارة هنا، ليس فقط إلى ما كشف عنه الكاتب السعودي عبد العزيز الخميس الذي كان يعمل سابقاً في صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، ورأس أيضاً تحرير مجلة المجلة السعودية، بل إلى الدور الذي قام ويقوم به الملياردير اليهودي برنارد ليفي، الذي تتحدث تقارير سرية عن أدوار مشبوهة قام ويقوم بها هذا الملياردير في كل الأحداث التي حصلت في الدول العربية بما في ذلك سورية لجهة تحريضه على العنف ودفع الأموال من أجل ذلك.
ـ ثانياً، لقد جرى استخدام العشرات من الوسائل غير الديمقراطية لضرب استقرار سورية، بدءاً من ضخ عشرات مليارات الدولارات من قطر والسعودية ودول أخرى لتمويل وتسليح تنظيمات في المعارضة السورية، خصوصاً المجموعات المسلحة، من أجل تكرار ما حدث في ليبيا. كما جرى تبني مشروع سري لإحداث تغيير في سورية، ولذلك جندت عشرات وسائل الإعلام التي جرى تمويلها بعشرات ملايين الدولارات في سبيل القيام بأكبر عملية ضخ للأكاذيب وفبركة الأحداث عن الداخل السوري، والأمثلة على ذلك لا تحصى، بحيث تجري يومياً فبركة العشرات من الأخبار عن تظاهرات، والادعاء بحصول عمليات قمع، وتكفي الإشارة إلى أن الحياة كانت طبيعية في كل أنحاء سورية خلال الأيام الماضية، باستثناء حوادث قليلة قامت بها مجموعات إرهابية في مناطق محدودة مثل حمص وادلب، لكن وسائل الإعلام المشبوهة أصرت على الاستمرار في ضخ الأكاذيب وعمليات التحريض، مع العلم أن الوقائع أثبتت أن هذه الفبركة يجري الإعداد لها مسبقاً من خلال الاتصال بأشخاص مشبوهين يجري إغراؤهم بالمال للإدلاء بمعلومات كاذبة عن حوادث تحصل داخل سورية، بينما هم في الواقع لا يعلمون شيئاً حتى عن المنطقة التي يتحدثون عنها، والإقالات التي حصلت داخل "الجزيرة تؤكد على ذلك.
ثالثاً، لقد أكدت الوقائع أن كل الضغوط وعمليات الابتزاز لم تترك أي أثر على الداخل السوري، بما في ذلك العقوبات التي لجأت إليها الإدارة الأميركية والغرب، وكل المعلومات التي يجري تداولها بين الجهات الدبلوماسية، تؤكد أن هذه الضغوط والعقوبات لا قيمة لها، وبعض العقوبات ذات الطابع الاقتصادي والمالي لم يعد لها أي مفعول على أرض الواقع، وقد استطاعت سورية امتصاص بعض النتائج السلبية لهذه العقوبات.
رابعاً، تبين أن أكثرية المعارضة السورية لا تأثير لها على الواقع الشعبي، بل ان الكثير من أطراف هذه المعارضة تأكد ارتباطه بالأجنبي، فيما البعض الآخر له أجندات متطرفة ويسعى لجعل سورية موقعاً للتنظيمات الدينية المتطرفة، كما أن الجزء الأكبر من المجموعات المسلحة هو من الهاربين من العدالة وأصحاب سوابق في الإجرام.
من كل ذلك يتأكد أن المؤامرة يراد منها إخراج سورية من معادلة الصراع مع العدو "الإسرائيلي" لإدخالها في مشروع الشرق الأوسط الجديد، ولو أدى ذلك إلى حروب طائفية ومذهبية لعشرات السنين، لكن يتأكد يوماً بعد يوم، أن سورية بكل مكوناتها أكبر من المؤامرة وقادرة على إسقاطها.
 

السابق
تركيا.. حضور.. ودور.. وتحد
التالي
القرى الجنوبية تستعدّ لاستقبال البطريرك الراعي