ثوابت العهد والإستحقاقات الداهمة

 تُشير المعلومات ذات المصادر المطلعة إلى بوادر إنفراجات سياسية في الأيام والأسابيع القليلة المُقبلة، إستناداً إلى مرور أو <تمرير> مشروع الكهرباء بعد مخاضٍ سياسي طويل وحرب <داحس والغبراء> الإعلامية والإصطدام بأكثر من خطّ <أحمر>، يُشكّل تجاوزه إنزلاقاً للجميع يصعب الخروج من تداعياته وتوصيف أخطاره، حيث كان هذا المرور أو <التمرير> بمثابة صدمة كهربائية صحيّة أعادت المنطق الى التفكير السياسي، والمقترحات إلى روح القوانين، والتبصّر إلى الإنفعال، والوطنية إلى الذاتية، والجلوس إلى الوقوف مصافحة والوقوف إلى الجلوس حواراً، وهذا دليلٌ على تحسّس وشعور الجميع بأنّ التفاهم على النقاط الخلافية هو البديلُ الموضوعي عن التصادم بشأنها، وأنّ قضايا ومسؤوليات ومهامّاتٍ وطنيّة كبرى تستوجب تثبيت الإستقرار وتكثيف الجهود ووحدة الصفّ والكلمة والرأي والموقف بين الأطراف، للإنصراف إلى متابعتها والعمل على توفير الفرص والظروف والإمكانات المُتاحة لتحقيقها، وفي مقدّمة الأولويّات على هذا الصعيد ثلاث إستحقاقات:
إستحقاق النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، وإستحقاق قانون الانتخاب الجديد، وإستحقاق الاصلاح الإداري المدروس والشامل، إذ أنّ لكلّ من هذه الاستحقاقات مواقيته وآليّاته ودراساته المُعمّقة في التخطيط، وما يُحيط به من صعوبات وعراقيل لتذليلها، ففي إستحقاق النفط والغاز يؤكّد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي على حق لبنان الطبيعي في إستخراج هذه الثروة وأنّه لا تفريط فيها ولا مساومة عليها، ولا رضوخَ لأيّة ضغوطات دوليّة وتهديدات إسرائيلية، سواءٌ كانت ضغوطات سياسية ودبلوماسية وإعلامية في مجلس الأمن، أو عسكرية على الأرض من جانب إسرائيل، وفي هذا الصدد أكّد قائد الجيش العماد جان قهوجي كامل الجهوزية الميدانية لردّ أيّ عدوان اسرائيلي يستهدف منع وتعطيل إستخراج الثروة النفطيّة والغازية اللبنانية، كما أنّ الحكومة أعدّت الدراسات الجيولوجية والقانونية بغية إرسالها إلى مجلس الأمن لتثبيت هذا الحقّ وإسقاط المزاعم الإسرائيلية القادمة على قضم مساحاتٍ من المياه الإقليمية اللبنانية·

وعلى صعيد قانون الإنتخاب الجديد، فإنّ الجهات والدوائر المختصة والمتخصصة منصرفة الى وضع الدراسات الكاملة لوضعه موضع التنفيذ في الإنتخابات النيابية المُقبلة، كي يأتي هذا القانون عصريّاً وديمقراطياً ويوفّر التمثيل النيابي الصحيح لكافة شرائح ومكوّنات الشعب اللبناني، وهذا ما يؤكّد عليه أيضاً الرئيس سليمان بإستمرار وفقاً لقاعدة النسبيّة في هذا الشأن، حيث أن ترجيحات ومعلومات تُشير الى إعتماد هذه النسبيّة في نهاية المطاف لإنقاذ الإنتخابات من <الصناديق> المذهبية والطائفية والمناطقية والنفوذ الذاتي في هذا الطرف أو ذاك، ويبقى إستحقاق الإصلاح والتطوير والتحديث الإداري مطلباً جوهريّاً لقيام الدولة اللبنانية المتقدمة في عصر المتغيّرات والتحولات الكُبرى سياسيّاً وإقتصاديّاً وقانونياً في المحيطين العربي والإقليمي· 

السابق
الأزمة السوريّة تجاوزت خيارات التسوية
التالي
أوباما والكرامة العربية