«جلسة الحق والاستحقاق»: ترقّب في مخيمات الشمال واحتفالات في صيدا

 لم يمرّ يوم واحد خلال الأسبوعين الماضيين في مخيمي البداوي والبارد، من دون أن تشهد طرقاتهما وساحاتهما نشاطاً أو تحركا داعماً لموقف السلطة الفلسطينية في التوجه إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف الدولي بدولة فلسطين. وعلى الرغم من الثغرات بطريقة التعبئة الشعبية، لجهة إبراز أهمية تلك الخطوة سياسياً، بعيداً عن الخلافات الداخلية، وهو ما تجلت ملامحه على الأرض من خلال انكفاء بعض الفصائل عن المشاركة، وغياب الكثير من المظاهر المواكبة للاستحقاق، حيث غابت اللافتات المفترض أن تغزو الشوارع والطرق على غرار مناسبة أخرى أقل أهمية، اكتفى البعض برفع علم فلسطين، وبوضع ملصقات على الجدران كتب عليها «أيلول حقّ واستحقاق»، «الدولة الفلسطينية حق لا رجوع عنه».
لكن المسائل الشكلية، لا تلغي حقيقة مواقف ومشاعر غالبية أبناء المخيمين، الداعمين «قلبا وقالبا» لتلك الخطوة، التي يعتبرونها شكلاً من أشكال المقاومة، وفرصة من شأنها أن تنقل القضية الفلسطينية بقوة إلى مركز القرار العالمي، بغض النظر عن النتائج، وإن كانوا جميعهم يمنون النفس باعتراف دولي بوطنهم، يسبق عودتهم المأمولة إلى بلدهم الأم بعد سنوات من التهجير والنزوح.
لا شيء في مخيمي البداوي والبارد يعكر فرحة أبنائهما باليوم التاريخي المنتظر، الذي سيقف فيه العالم بأجمعه لمناقشة قضية وطنهم، ولا حديث يتقدم في المجالس العامة والخاصة على أبعاد تلك الخطوة وتأثيرها على مستقبل القضية الفلسطينية، حتى لا يكاد يجتمع اثنان إلا ويكون ثالثهما حديث جلسة الأمم المتحدة. حالة من الترقب على أبناء المخيمين من دون استثناء كبارا وصغارا، رجالا ونساء وشيوخا، بانتظار انعقاد الجلسة والتصويت على اقتراح السلطة الفلسطينية، وإن كان جواب الرفض على ذلك الاقتراح واضح للجميع، انطلاقا من المواقف المسبقة لبعض الدول وفي مقدمتها أميركا. في الطرق الرئيسية والفرعية لمخيم البداوي، قلة هم من رفعوا أعلام فلسطين على شرفات المنازل وأعمدة الكهرباء، إلى جانب لافتات تؤيد موقف السلطة الفلسطينية، لكن الردّ يأتيك سريعا على لسان كل من تصادفه «هذا يوم تاريخي بالنسبة لنا، لقد سئمنا تجاهل العالم لمطالبنا، سنبقى نناضل حتى نحصل على حقنا». عبارات يرى فيها أبو محمد صادق من مخيم البداوي على أنها من صلب ثقافة الشعب الفلسطيني «الذي عاش وسيموت وهو يطالب بدولته وبحقه ويقاتل حتى تحقيق هذا الحلم»، ولا يتردد صادق في التأكيد على أحقية الشعب الفلسطيني بنيل حقه في إقامة دولته وعاصمتها القدس. ويقول صادق: «لا نريد ان نستبق الأمور، فهناك دول عديدة نعرف موقفها مسبقا من القضية الفلسطينية، وهي سوف تقف عائقا أمام نيلنا لهذا الحق، ولكن أيا تكن النتائج فالمهم بالنسبة لنا، إن قضيتنا انتقلت إلى مرحلة جديدة سنكون فيها أقوى على الصعد كافة». ويضيف: «أنا قاتلت العدو الصهيوني في الجنوب اللبناني، وكنا حينها خارج المعادلة الدولية، أما اليوم فان المقاومة ستكون أقوى بفعل الحراك الدولي ولن يستفرد فينا أحد بعد اليوم».
أما في مخيم البارد الذي شهد سلسلة نشاطات وتحركات شعبية مؤيدة لموقف السلطة الفلسطينية، فيؤكد خالد الناصر على أن «الشعب الفلسطيني أمام محطة مفصلية في تاريخ صراعه مع العدو الصهيوني. ويقول: «أنا أقيم في إحدى البراكسات منذ نحو ثلاث سنوات، بانتظار إعادة إعمار منزلي في المخيم القديم، وكل ما أتمناه ان يأتي ذلك اليوم وأعود فيه إلى فلسطين وارتاح من انتظار عملية إعادة الاعمار ومن النزوح من مخيم إلى آخر».
وشهد مخيم البارد اعتصاما عشية جلسة الأمم المتحدة، بدعوة من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، تحدث خلاله مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في مخيم البارد أبو وسيم غريب رئيس بلدية ببنين ـ عكار كفاح الكسار وامين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في الشمال أبو جهاد فياض، واختتم الاعتصام بإضاءة شموع كتب بها الرقم 194 الذي يرمز الى عضوية الدولة الفلسطينية التي ستحمل الرقم 194 عدد دول الأمم المتحدة.
وفي صيدا (محمد صالح)، أقيم عصر أمس احتفال حاشد في ساحة الشهداء، دعماً لتوجه القيادة الفلسطينية بالذهاب إلى الأمم المتحدة للحصول على العضوية الدائمة، وذلك بدعوة من قيادة فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» في منطقة صيدا، وبحضور ممثلي كافة القوى الوطنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية. وتخلله كرنفال احتفالي حيث قدمت «فرقة القِرب» الفلسطينية مقطوعات ومعزوفات تراثية فلسطينية، إضافة إلى فرقة الكوفية التي قدمت الدبكة الفلسطينية. وتخلل الاحتفال كلمات لكل من صلاح اليوسف باسم «جبهة التحرير الفلسطينية»، وأبو أحمد زيداني باسم «منظمة التحرير» و«حركة فتح» في لبنان، ومحمد ظاهر عن «التنظيم الشعبي الناصري». وشددت الكلمات على «أن القيادة الفلسطينية المدعومة من أكثر من 130 دولة في العالم، ستصل إلى إعلان دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وأن الفضل يعود لدماء الشهداء من كل الأطياف الفلسطينية والعربية، ولكل الأسرى والمعتقلين. وانه مهما كان موقف مجلس الأمن فالمقاومة في فلسطين ستعلن بسواعدها وبنادقها الدولة الفلسطينية. وأعربت الكلمات على أنه «يجب أن يكون هناك دولة اسمها فلسطين. وعلى مؤسسات الشرعية الدولية أن تعترف بهذه الدولة، وبحق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن كرامته ووجوده كيفما يشاء وحينما يشاء، وبحق العودة لكل فلسطيني في كل أنحاء العالم فنحن نعتز ونفتخر أننا من أمة منها شعب فلسطين. 

السابق
زيت الزيتون الحاصباني بعهدة السفارة الإيرانية
التالي
تهديد مدير «ثانوية الصباح» في النبطية