المستقبل: حسن خليل ينعى التضامن الوزاري.. والحكومة تسلّم أمرها لبري اليوم

 كتبت "المستقبل" تقول ، بعد هزيمته الأولى في مجلس الوزراء، ومن ثم الثانية في اللجان النيابية المشتركة، مُني الجنرال النائب ميشال عون بهزيمة كهربائية ثالثة "ثابتة" في مجلس الوزراء مساء أمس نتيجة إصراره على مواجهة الجميع، معارضة وموالاة، بمشروع "صهره" وزير الطاقة والمياه جبران باسيل "الناقص"، فاضطر حلفاؤه في الأكثرية المستجدة أن يلقّنوه ضربة ثالثة، وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ذهب ممثله في الحكومة وزير الصحة علي حسن خليل الى حد إبلاغ مجلس الوزراء "أن كتلة "التنمية والتحرير" خارج التضامن الحكومي بعد الكلام الذي سمعناه الليلة"، مضيفاً في رد مباشر على الوزيرين باسيل وشربل نحاس "هذا ليس موقفي الشخصي وحسب، انما أبلغكم إياه باسم كتلة تضم 16 نائباً، أننا لن نمشي إلا بمشروع القانون المعدل وفق قرار مجلس الوزراء في جلسة مجلس النواب غداً (اليوم)".
جاء ذلك اثر التوافق الذي جرى في جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس بإدارة بري، على مشروع قانون معدل يتضمن اقتراحات نواب "14 آذار"، واستياء وزراء "التغيير والإصلاح" الذين كادوا يقاطعون جلسة مجلس الوزراء مساءً لولا ضغط ملحوظ من "حزب الله" على العماد عون، وقبوله بإرسال وزرائه الى جلسة السرايا، ولو متأخرين.
أما في تفاصيل ما جرى في الجلسة التي انتهت، بحسب مصادر وزارية لـ"المستقبل"، الى رضوخ وزراء "التغيير والاصلاح" لإجماع الوزراء الباقين على تبني الصيغة التي تكفل الرئيس بري بطرحها اليوم في الهيئة العامة لمجلس النواب، وهي التي يفترض أن تدخل في متن الأسباب الموجبة لمشروع القانون مقررات مجلس الوزراء، أن الوزير باسيل منذ بداية الجلسة أبدى عتباً على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعلى حلفائه بسبب عدم مواجهتهم لما سماه "المس بالكرامات" في جلسة اللجان المشتركة.
ورغم تأكيد ميقاتي ان "كرامة باسيل هي من كرامتنا"، أوضح الأخير أنه ألغى مناقصة جاءت لمصلحة أحد أصدقائه، ورغم ذلك "ما زالت الاتهامات تطالنا وتطال كرامتنا". مضيفاً أنه ملتزم بقرار مجلس الوزراء لكنه لا يرى لزوماً لادخال النقاط الاجرائية التي اتفق عليها في الحكومة في الأسباب الموجبة، لأن التفاصيل الكاملة لقرارات مجلس الوزراء لا تدرج عادة في الأسباب الموجبة، غامزاً من قناة الرئيس بري في إشارته إلى "أن إدراج أي قرار لمجلس الوزراء في القانون هرطقة دستورية لأنه يضرب الفصل بين السلطات".
واعتبر باسيل أن ما يجري هو في السياسة، بدليل مطالبة البعض يوماً بعد يوم بأمور مثل دفتر الشروط والأثر البيئي، داعياً مجلس الوزراء إلى توضيح ما حصل ولو تطلب الأمر عودة الأمور الى نقطة الصفر .وتساءل عما اذا كان القرار قد عُدل لتأمين الأكثرية لمشروع القانون "أم أننا نحن أكثرية بالفعل"، مؤكداً أنه لو لم يكن حريصاً على العمل الحكومي لما صبر كل هذا الصبر، لكنه كرر السؤال: أريد أن أعرف هل نحن متفقون على خطة الحكومة، أو على الأقل، علامَ نحن متفقون؟.
وأوضح باسيل، حسب المصادر الوزارية، أن صفة العجلة لا تسمح بالاستعانة بالصناديق، سائلاً الوزراء عما اذا كان مشروع واحد تم تمويله من الصناديق قد أنجز قبل 10 سنوات، معتبراً أن القانون 462 غير قابل للتطبيق، وأنه وافق عليه رغم أنه كان عبارة عن "كأس مرّة". وأضاف ان ادارة المناقصات للمشروع أمر طبيعي، واطلاع المجلس أيضاً، ولكن هل يحتاج ذلك الى إدخاله في متن القانون، أم أن الموضوع إرضاء لفريق معيّن.
أما الوزير نقولا فتوش فأيّد فكرة باسيل وانتقد المعارضة معتبراً أنها أقلية مجتمعة فيما الأكثرية متفرقة، مفسحاً في المجال أمام باسيل ليوجه السؤال من جديد الى الرئيس ميقاتي قائلاً له: أريد أن "أعرف رأيك يا دولة الرئيس كي لا نصطدم بعضنا ببعض في مجلس النواب غداً (اليوم)، هل تريد أن تحوّل قرارات مجلس الوزراء بهذا الشأن الى قانون؟ وكيف سيصاغ هذا القانون؟".
غير أن الوزير محمد فنيش الذي حرص طيلة الجلسة على تهدئة الأجواء، أشاد بباسيل، مهاجماً المعارضة التي اتّهمها أنها تتعاطى مع المشروع من زاوية سياسية وليس تقنية، وأنها تسيء وتشوّه السمعات، ملوّحاً بقبوله بالإشارة الى قرار الحكومة في الأسباب الموجبة.
وفيما حذر وزير العدل شكيب قرطباوي من خطورة تحويل قرار مجلس الوزراء الى قانون، دعا الرئيس ميقاتي الى ترك هذا الأمر الى الرئيس بري الذي يتقن اخراجه.
وبعد مداخلة من الوزير نحاس، طلب الوزير علي حسن خليل الكلام مستنكراً بعض ما سمعه في الجلسة، وخصوصاً استخدام تعبير "هرطقة دستورية" في اشارة الى مخرج طرحه الرئيس بري من قبل الوزير باسيل الذي كان مشاركاً في جلسة اللجان ولم يفتح فمه، على حد قول خليل.
وأضاف أنه يرفض إعطاءه دروساً في الدستور من أحد "فنحن تحملنا الكثير، ولا نقبل بالصمت بعد الآن. فليسجل في المحضر، نحن خارج الاتفاق. أبلغكم ذلك باسم كتلة التنمية والتحرير. البعض يريد الحكومة أو لا يريدها هو حر". فتدخّل الرئيس ميقاتي محاولاً تهدئة خليل الذي خرج من القاعة ولحق به عدد من الوزراء لتطييب خاطره. فسارع الوزير نحاس الى تطرية الجو موضحاً "ان ما نطالب به هو مجرد معرفة ماذا سيجري في الجلسة غداً (اليوم)"، فيما سارع باسيل الى القول: "نحن لم نستهدف أحداً، ولم نقصد أحداً، ولسنا متمسكين لا بخطة الكهرباء ولا بأي شيء آخر".
في هذا الوقت عاد خليل الى القاعة، بعد أن تردد أنه اتصل بالرئيس بري، وقال للمجتمعين: "أريد أن أبلغكم أن لا تضامن حكومياً بعد الكلام الذي سمعته اليوم، هذا ليس موقفي الشخصي بل أبلغكم قراراً باسم كتلة تضم 16 نائباً. لن نوافق إلا على قانون معدل وفق قرار مجلس الوزراء، لقد تحملنا الكثير. كان يكفي أن يطلب منا البعض حل الموضوع لكنهم تصرفوا بطريقة خطأ".
وبعد محاولة ثانية من باسيل لتطرية الجو مؤكداً أنه لم يتطاول على أحد وأن تكتله ليس متمسكاً لا بمشروع الكهرباء ولا بالحكومة ولا بأي شيء آخر، سارع ميقاتي الى القول: "المخرج لدى الرئيس بري وهو تعهد بتظهيره غداً (اليوم)"، فلنتكل على حكمته".
وبعد محاولة أخرى من خليل للرد على باسيل، تدخل فنيش ليؤكد التمسك بالتضامن الحكومي وتقديره لدور الرئيس بري، مؤكداً لخليل "ان حزب الله ضنين بالدفاع عن الرئيس بري في وجه أي كان".
هنا طلب خليل الكلام مجدداً ليضيف أن كتلته لم تستهدف الوزير باسيل في أي لحظة ولكنها كانت حريصة على إيجاد بعض الضوابط المشروعة للمشروع، مذكراً بدور الرئيس بري في ايجاد مخرج لما حصل، وهو اتصل بالعماد عون بعد جلسة اللجان ليشرح له ما جرى، "لكن للأسف جاءت ردة الفعل عكسية، وإذ ببعض الزملاء الآن يتحدثون عن "هرطقة دستورية" وكأن الرئيس بري ارتكب مذمة، هذا كلام لا تقبله، الرئيس بري يطرح صيغة في الهيئة العامة غداً (اليوم) وسنصوت عليها، وإذا أراد البعض اعتبار هذه الصيغة خرقاً للتضامن الحكومي فهو حر".
هنا تدخل وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي ليبدي أسفه لما وصلت إليه الأمور، موضحاً أنه اذا طرح نائب فكرة جيدة فيجب أن نستفيد منها ولو كان في المعارضة، معتبراً ان الحكومة أمام فرصة وانجاز، ولا يجوز كلما تحدث وزير بأمر ما أن نتهمه بوجود خلفية سياسية لديه. وأشاد بدور الرئيس بري وبحنكته السياسية وهو من بين اثنين أو ثلاثة في البلد يتقنون اللعبة السياسية، وهو صاحب شعار الصديق اللدود وليد جنبلاط، وقد أنقذ وجنبلاط البلد مراراً لأنهما يفهمان على بعضهما البعض، لكننا في هذه الحكومة وللأسف لا نفهم على بعضنا البعض. ودعا الوزراء الى العودة الى اقتراح الرئيس ميقاتي والوزير خليل وترك الصيغة المناسبة للرئيس بري.
إذاً، سقط "لا منطق" عون وصهره أمام منطق الدولة ومؤسساتها في مجلس النواب وفي مجلس الوزراء، فلم يمر مشروعه الكهربائي "الناقص" على اللجان المشتركة أمس، ولن يمر في الهيئة العامة اليوم، طالما أن التوافق رسى على العودة إلى قرار مجلس الوزراء بشأن مشروع الكهرباء الذي ينسجم مع إقتراحات نواب "14 آذار" لجهة تحصين القانون بالضمانات والشفافية والنوعية المطلوبة.
ولم يكن باسيل راضياً عن سقوط مشروعه "الناقص". كان مجبراً على القول :"أنا راضٍ كل يوم"، طالما أن أحداً لن يحاسبه على "تهريب" مشروع الكهرباء إلى مجلس النواب بما يخالف ما تم إقراره في مجلس الوزراء، وهو الذي التزم "الصمت" طوال جلسة اللجان، وبدا "مصفر الوجه" "شديد الإنزعاج" في دقائقها الأخيرة، بحسب ما أبلغت مصادر نيابية "المستقبل".
إذاً، يُنتظر أن يًصوت مجلس النواب اليوم على مشروع جديد للكهرباء. وعكست مواقف نواب "14 آذار" عقب الجلسة ارتياحاً ملحوظاً لما اعتبروه انتصاراً للبنانيين حفاظاً على المال العام من خلال التعديلات التي اصروا على ادخالها على المشروع بناءً على قرارات مجلس الوزراء نفسها. وكانوا قد عقدوا، قبل بدء الجلسة، اجتماعاً لتنسيق الموقف في مكتب نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري في المجلس، في موازاة استقبال برّي في مكتبه في ساحة النجمة كلاً من ميقاتي والنائب روبير غانم.
ولم يحجب الإهتمام الداخلي بمشروع الكهرباء الانظار عن الحدث اللبناني في نيويورك والمتمثل بإلقاء رئيس الجمهورية ميشال سليمان كلمة لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكداً "أن لبنان ملتزم دوما احترام قرارات الشرعية الدولية بما فيها المتعلقة بالمحكمة الخاصة بلبنان، وفقا لما اكدت عليه بيانات الحكومة".
وإذ أعلن أن "لبنان سيواكب المسعى الفلسطيني المحق للاعتراف بالدولة الفلسطينية والفوز بعضويتها الكاملة بالأمم المتحدة"، دعا إلى مواكبة التطورات في المنطقة "بطريقة تحول دون انزلاق العالم العربي الى الفوضى او التشرذم على اسس مذهبية او طائفية"، لافتاُ إلى انه " لا يمكن النظر الى موجة الاعتراض الشعبية كانها تنبع من منطلق مطلبي محض، ولا يجدر الاكتفاء بدعم الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الدول التي امست في مرحلة انتقالية بل يجب البحث عن السبل الكفيلة بتبديد مظاهر الظلم اوالقمع جراء تهميش الشعوب وتعثرها".
أما في بيروت، فحضت الأمانة العامة لقوى "14 آذار" رئيسي الجمهورية الحكومة، ومعهما مجلس الوزراء على "الانتقال من مرحلة الكلام والوعود في مسألة الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي الى مرحلة التنفيذ العملي". وطلُبت من الحكومة اللبنانية "الإقلاع عن سياسات المماطلة والتسويف والهروب الى الأمام لأنها لن تؤدي بها وبلبنان إلا إلى مزيد من الغرق في الرمال المتحركة للأزمات والصراعات التي تديرها المحاور الإقليمية الخارجة عن الشرعية الدولية".
ودعت الى "العودة الى الدستور اللبناني والقوانين المنبثقة عنه، والتمسك باتفاق الطائف كمرجعية ميثاقية وطنية باعتباره الضامن الوحيد للاستقرار ولقيام الدولة ومؤسساتها بواجباتها في حماية لبنان واللبنانيين".
وأكدت "14 آذار" دعمها المطلق للشعب الفلسطيني في مطالبته بقيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، عاصمتها القدس الشرقية". 

السابق
السفير: سليمان: نلتزم بالمحكمة… ونحتفظ بحق التحرير بكل الوسائل
التالي
الديار : صعقت الكهرباء باسيل والتيار وفاز مشروع الحكومة