العلاقة الجنسية قبل الزواج بين ضد… ومع ولكن!

 نرمين: لا أعاني عقدة خطيئة
 ربيع: دعاة الشرف يناقضون أقوالهم
 هي تريده حباً عذرياً. هو لا يكتفي بذلك.
 هي لا تمانع بإقامة علاقة جنسية "من برا لبرا"، ولكنها تخاف المجتمع. هو يحاول اقناعها وتبديد خوفها.
 هي وهو يمارسان الجنس بأقصى درجات الحيطة والحذر.
هو قد يعترف صراحة أمام الملأ باستعداده لممارسة الجنس خارج إطار الزواج، أما هي فتعدّ للعشرة قبل ان تقول رأيها، فتبتكر جواباً ديبلوماسياً، إذ ان ضريبة ما قد تعترف به باهظة ومجتمعها الذكوري لا يرحم، ولا يسامح.
لم يزل المجتمع الشرقي ذو الغالبية المسلمة عاجزاً عن تقبّل فكرة اقامة علاقة جنسية خارج إطار الزواج جملة وتفصيلاً، وخصوصاً بالنسبة الى الانثى. فنظرة المجتمعات الى العملية الجنسية تختلف باختلاف الموروث الثقافي من عادات وتقاليد وضوابط دينية. فإمكان تقبل المجتمع السعودي أو الإيراني مثلاً لهذا الموضوع وكيفية مقاربته والتعامل معه تختلف حتماً عن كيفية تعامل المجتمع اللبناني. وحتى ضمن المجتمع اللبناني الواحد نلاحظ اختلافاً واضحاً بين سكان المناطق المحافظة ذات الصبغة الدينية كالضاحية الجنوبية أو بعض قرى الجنوب والشمال مثلاً، وبين سكان المناطق الأكثر انفتاحاً وتحرراً كالأشرفية وجونيه والبترون، مع الأخذ في الاعتبار ان للقاعدة استثناء دائماً.
"لا أرى كارثة في ممارسة الجنس مع الرجل الذي أحب حتى خارج إطار الزواج، ما دامت الثقة موجودة بيننا ، ونحن في حاجة دائمة بعضنا الى البعض، جسداً وروحاً"، تقول نرمين (25 سنة). وتتابع: "طالما ان الجنس ينشأ بدافع الحب، فلا مشكلة فيه على الاطلاق، فالخطيئة في نظري تكمن عندما يكون الجنس من أجل الجنس فقط، وهنا تصبح المشاعر رخيصة وتافهة". تعترف بأن المجتمع العربي لا يرحم، وهو يحاسب بقسوة، فالألسن فيه "لا تتكلم الا لتجرح وتذم، لذلك أحرص على سرية العلاقة الجنسية مع شريكي، فنختار المكان والزمان المناسبين لذلك، رغم ان كل من حولنا تقريباً يعلم بقصة حبنا". وترى ان التفاهم ما بين الطرفين هو الأساس لبناء الثقة ومن بعدها الحب، ثم الجنس، وفي حال خسر أحد الطرفين ثقة الآخر ستكون النتائج وخيمة خصوصاً للفتاة، ناصحة من يرغبن في ممارسة الجنس مع من يحبنّ بأن يتأكدن أولاً من حب وإخلاصه ووفائه، قبل منحه ثقة قد لا يكون أهلاً لها.
ربيع فياض، شاب ثلاثيني يرى ان "للمرأة كما الرجل حرية القيام بما تريده من دون تدخل دعاة الشرف وحراس الاخلاق، الذين في معظمهم يفعلون سراً عكس ما يرفضون جهراً". ولكنه يشترط النضج الفكري والعمري حتى لا تتحول الحرية فوضى واستغلالاً. "فلندع كل شخص، أكان امرأة أم رجلاً، يستمتع بحياته، كلٌّ بطريقته، ولنكن مسؤولين عن أفعالنا وتصرفاتنا أمام أنفسنا وضميرنا في الدرجة الاولى والاخيرة". ويضيف: "من لا يملك ضميراً قادراً على معاقبته كلما أخطأ، فالأجدر به ألا يدعي الحرية والقدرة على الاختيارالصحيح، ولينتظر من المجتمع ان يعلمه كيف يتصرف ويحاسبه ويقرر عنه".

العذرية ليست غشاء بكارة فقط
ميرفت عيسى (28 سنة)، فتاة يسارية متحررة من موروثات الدين وتقاليد المجتمع الذي تعيش فيه. ترى ان الأديان معاملة ومحبة واحترام الانسان لأخيه الانسان، والباقي في رأيها، بدع. وموضوع العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج تقاربه بالقول: "مع تطور الأزمنة وانفتاح العالم بعضه على البعض عبر وسائل الاتصال المتطورة وأهمها الانترنت، تغيرت مفاهيم العذرية ولم تعد مرتبطة فقط بغشاء البكارة. فالغرب تجاوز هذه المشكلة وانطلق يبحث في مجالات أخرى. أما الشرق فلم يزل متقوقعاً في هذا الموضوع، لا يفعل شيئاً سوى قمع حرية الجسد، مما يؤدي الى تراكم المكبوتات والعقد النفسية التي تحد من الانطلاق والراحة والحرية والابداع". وتؤكد ان الطب تطور لدرجة انه أصبح في الامكان إعادة العذرية ساعات معدودة قبل ليلة الزفاف وذلك عبر عشرات الطرق والمستحضرات الطبية. وتقول انها على استعداد لإقامة علاقة جنسية إذا ما وجدت الانسان المؤهل لذلك، الا انها لم تجد بعد الرجل الذي ستحبه حباً حقيقياً، وتقدم له جسدها باسم هذا الحب. "الزواج ليس فقط أوراقاً وتوقيع شهود أمام رجل الدين، انه بالنسبة اليّ تفاهم وحرية قرار، وانا حرة بجسدي وقراري بوجود عقد الزواج أو من دونه".

…والجنس ليس كل شيء
ترفض أميرة (22 سنة) ممارسة الجنس قبل الزواج ولو بلغ بها الحب حد الجنون. هي فتاة مسلمة "أخاف الله، ولا أعصاه، إذ ان الدين الاسلامي يرى ان الجنس خارج الزواج يعد زنى وهذه إحدى الكبائر في الاسلام". تتساءل عن شعور أولئك الفتيات بعد انتهائهن من العلاقة الجنسية، "هل يكن سعيدات؟ هل يشعرن بالندم؟ ألا يشعرن بتأنيب الضمير وعقدة الذنب؟ ألا يحسسن بالرذيلة والعار؟". ثم تشكر الله لأنه وضع في طريقها شاباً "مؤمناً وغير متطلب"، وهي مقتنعة بخياراتها، فالجنس بالنسبة اليها والى حبيبها "ليس كل شيء، والله نظّمه في اطر معينة متعارف عليها بالزواج والا اختلط الحابل بالنابل وانحدر البشر من المستوى الانساني الى درك الحيوان الذي يقارب الحياة بغرائزه". وتتابع: "فلنتخيل مجتمعاً تحكمه الغريزة الجنسية وأفراده يمارسون الجنس بلا قيود أو ضوابط دينية وأخلاقية واجتماعية بحجة الحرية، فبأي شريعة غاب كنا لنعيش؟". وتضيف: "قرأت اخيراً عن حالات حمل بعض الفتيات، معظمهن تحت سن الحادية والعشرين، جرّاء علاقات جنسية متهورة كهذه، فهل من فتاة عاقلة تقبل على نفسها وعلى أهلها موقفاً كهذا، "مش لاحقة؟"، إضافة الى ان غالبية الرجال، مهما بلغ بهم حد ادعاء الحرية والانفتاح، الا انهم في لحظة غضب ما قد "يهتّون" الفتاة بشرفها إذا أقامت قبل زواجها علاقة لا شرعية، فتنعدم الثقة وينقطع الاتصال بين الطرفين وتبدأ المشكلات بالظهور والتفاقم".

أقبلها على نفسي لا على أختي!
لا يخجل أسامة قانصوه (26 سنة) من القول وبالفم الملآن ان المرأة "بربع عقل، تبيع نفسها وجسدها للرجل باسم الحب، وفي أكثر الأحيان تكون من نصيب رجل آخر". هو شاب لا يثق بالنساء "فمعظمهن خائنات، ووحده الرجل الحقيقي من يقدر على إقامة علاقة جنسية لإشباع رغباته من دون ان يتعلّق قلبه بأيّ منهن". لقد "عاشر" عشرات الفتيات كما قال، الا انه لم يعشق سوى واحدة، تلميذة في الـ16 من العمر، حياتها عبارة عن بيت ومدرسة. "هكذا أضمن، فزوجتي ستكون الفتاة التي "مش بايس تمّا إلا إمّا"، وإلا لن أكون رجلاً شريفاً، ولن تكون من جهتها أماً فاضلة لأولادي". ويتابع: "سبق وشرحت الأمر لحبيبتي، وأوضحت لها اني رجل تحكمني الغريزة الجنسية، ولا مفر من اشباعها ولكن مع من هنّ أهل لذلك"، فتقبلت الأمر بسرور على قاعدة ان حبيبها يخاف عليها وعلى شرفها وهذا هو الحب الحقيقي! وأوشك أسامة على فقدان صوابه لدى سؤاله عن رد فعله في حال اكتشف ان لشقيقته علاقة برجل ما قبل الزواج، فأجاب: "بقتلها"!

النعام والتراب
إذا كانت الغريزة الجنسية مشابهة لغريزة الجوع والعطش، لا بل أشد منها في بعض الأحيان، فكيف يشبع المرء رغبته إذا لم يكن متزوجاً، ولا سيما في ظل غلاء المهور ومتطلبات الزواج المادية المرهقة؟ ألا يولّد هذا كبتاً وربما اكتئاباً ويؤدي بالشباب الى تعويض النقص من خلال مشاهدة الأفلام الإباحية، وانتشار العادات السرية؟ وإذا كانت ممارسة الجنس قبل الزواج في الغرب تتم غالباً عبر اتصال مباشر بين الأعضاء التناسلية، فإن الملامسة والتحسس من فوق الملابس قد تفي بالغرض في الشرق والبلاد الاسلامية. فهل ستظل مجتمعات كهذه تدفن رأسها كالنعام في التراب، فتفعل سراً ما ترفضه علناً ثم تحاسب عليه بقسوة؟ لا بد من ثقافة جنسية شاملة ومدروسة، بدءاً من العائلة وصولاً الى المدرسة والجامعة. إلا ان المجتمع العربي لا يزال عاجزاَ عن التفريق بين الثقافة الجنسية والاباحية. فالجنس بكل أشكاله لم يزل "تابو" و"بعبعاً". كما تهدف برامج التوعية الجنسية الى التشديد على دور العقل وارادة الانسان في اتخاذ أي قرار بنضج ومسؤولية، بما في ذلك الارتباط والزواج، للحد من الاستغلال والتحرّش والأمراض الجنسية والشكوك والوسواس والندم والاكتئاب، وحتى لا يصبح كل ممنوع مرغوباً فيه بعبثية وفوضى. 

السابق
فلسطين: أبعد من “الدولة” وأقرب من “الربيع”
التالي
المعهد العالي للدكتوراه يطلق 772 طالباً في الماستر البحثي