الشرق الأوسط : أوباما : المفاوضات هي الطريق إلى الدولة الفلسطينية

 كتبت "الشرق الأوسط " تقول ، كرر الرئيس الأميركي أمس دعمه لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، في خطاب أمام الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة. لكنه أعلن رفض بلاده التوصل إلى تلك الدولة من خلال الأمم المتحدة. وفي خطاب مطول عن الحريات والتغيير، طالب أوباما الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية بالتوصل إلى اتفاق مبني على التفاوض، من دون تقديم أفكار جديدة للتوصل إلى مثل هذا الحل. وفي خطاب طوله 35 دقيقة، استعرض أوباما ما قام به خلال رئاسته لدعم السلام، ولكنه أيضا أقر بأن النزاع العربي – الإسرائيلي يمثل هذا الأسبوع "اختبارا للمبادئ واختبارا للسياسة الخارجية الأميركية".
وذكر أوباما في خطابه مواقفه تجاه منطقة الشرق الأوسط، وقال: إنه قبل عام وقف على المنصة نفسها وطالب بـ"فلسطين مستقلة، آمنت حينها وآمن الآن بأن الشعب الفلسطيني يستحق دولة له، ولكن قلت أيضا بأن السلام الحقيقي يتحقق فقط بين الإسرائيليين والفلسطينيين". وأضاف، حتى الآن لم يتمكن الفلسطينيون والإسرائيليون من "سد فجوة الخلافات" بينهما، لكنه اعتبر أن الأسس التي أوضحها في خطابه في مايو (أيار) الماضي، تمثل أرضية ممكنة للتفاوض بينهما. ويذكر أن تلك الأرضية هي دولة فلسطينية على حدود 1967 مع تبادل أراض و"دولة يهودية" للإسرائيليين. إلا أنه لم يوضح تلك النقطة أمس، والتزم القول: "الأساسي واضح، ومعروف لنا كلنا، يجب أن يعلم الإسرائيليون أن أي اتفاق يجب أن يعطيهم ضمانات لأمنهم ويستحق الفلسطينيون أن يعرفوا أساس الأراضي لدولتهم". وعلى عكس العام الماضي، لم يقاطع المشاركون أوباما بالتصفيق وهو يلقي خطابه، بل كانت القاعة هادئة ما عدا التصفيق عند دخوله وخروجه، وهو التقليد المعتاد لأي من المتحدثين. وكرر أوباما عبارات عدة في خطابه مثل أن "السلام أكثر من عدم وجود الحرب.. إنه يعتمد على شعور بالعدالة والحرية والكرامة، يحتاج إلى التنازل والشعور بإمكانية السلام". وكرر عبارة "تحقيق السلام صعب" 4 مرات، من دون توضيح كيف يكن تحقيقه. وقال بعد قليل: "السلام صعب ولكن ليس مستحيلا – علينا تذكر ذلك وستقودنا آمالنا وليس مخاوفنا".
وقال أوباما: "أعلم أن الكثيرين محبطون من عدم التقدم – أؤكد لكم أنا أيضا. السؤال حول كيف يمكننا أن نصل إلى هدفنا. السلام لن يأتي من خلال بيانات في الأمم المتحدة، لو كان ذلك سهلا، لتحقق". وكانت هذه العبارة الأشد في التعبير عن رفضه للتحرك الفلسطيني في الأمم المتحدة. وأضاف: "في النهاية يجب أن يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون بسلام – السلام يتطلب التنازل كي يعيش الناس مع بعضهما البعض بعد الخطابات والقرارات"، موضحا: "المفاوضات بين الطرفين ستكون الطريق إلى دولة فلسطينية.. لا شك أن هذه الرؤية تأخرت كثيرا".
وشدد أوباما على حق "إسرائيل بالاعتراف، وأصدقاء فلسطين لا يخدمون فلسطين بتجاهل هذا الأمر – هذه هي الحقيقة – لدى الطرفين حقوق ومخاوف". وأضاف: "علينا الاعتراف بالواقع الذي يعيشه الفلسطينيون والإسرائيليون، سننجح فقط إذا شجعنا الطرفين على الجلوس والتحدث إلى بعضهما البعض.. لا توجد طرق مختصرة، وهذا ما يجب أن تركز عليه الأمم المتحدة".
وبينما كان موضوع السلام في الشرق الأوسط الأهم في خطاب أوباما، إلا أنه انتهز الفرصة لاستعراض الإنجازات التي قام بها من حيث إنهاء الحربين في العراق وأفغانستان منذ توليه الرئاسة. وقال: إن "في نهاية العام عملية الولايات المتحدة العسكرية في العراق ستنتهي وستكون لدينا علاقة طبيعية مع دولة سيادية عضو في مجتمع الدول". وأضاف: "بينما ننهي الحرب في العراق، الولايات المتحدة وحلفاؤنا بدأوا الانتقال في أفغانستان. بين الآن و2014، ستكون حكومة أفغانية وقوات أمن متقدمة في تحمل مسؤولية بلادهم". ولفت إلى أنه عندما تولى الرئاسة عام 2009، كان هناك 180 ألف جندي أميركي في أفغانستان والعراق، اليوم العدد أقرب إلى 90 ألفا. وتابع: "يجب ألا يكن هناك شك، مد الحرب يتراجع". وأشار إلى مقتل زعيم "القاعدة" بشكل غير مباشر قائلا: "أسامة بن لادن، الرجل الذي قتل الآلاف من عشرات الدول لن يهدد سلم العالم بعد الآن". وأضاف: "أسامة بن لادن راح وفكرة أن التغيير يأتي فقط من خلال العنف دفنت معه".
وربط أوباما بين الأحداث في العالم العربي من ثورات واحتجاجات ويقظة سياسية مع انفصال جنوب السودان في عام شهد "تحولات استثنائية". وقال: "قبل عام آمال الشعب التونسي كانت مقموعة ولكنهم اختاروا كرامة التظاهر السلمي على حكم القبضة الحديدية.. وقبل عام كانت مصر تعرف فقط رئيسا واحدا منذ 30 عاما"، في إشارة إلى الرئيس المصري السابق حسني مبارك. ولكنه قال: إن الشباب المصري "أظهر القوة الأخلاقية للعمل السلمي" وأنهوا ذلك الحكم. وتحدث أيضا عن ليبيا، وانتهاء حكم "أطول عهد لديكتاتور في العالم" في إشارة إلى إسقاط نظام العقيد معمر القذافي. واعتبر أن التحالف الذي ساعد الثوار الليبيين في إسقاط نظام القذافي نموذجا عن "كيف يجب أن يعمل المجتمع الدولي.. الدول تقف سويا من أجل السلم والأمن والأفراد يأخذون حقوقهم". وبينما عبر عن تفاؤله بمصر وليبيا وتونس، لفت إلى الصعوبات في سوريا. وقال: "الشعب السوري أظهر الكرامة والشجاعة في السعي إلى العدالة، والتظاهر السلمي والوقوف في الشوارع بصمت والموت من أجل المبادئ التي يجب أن تقف من أجلها هذه المنظمة"، أي الأمم المتحدة. وطرح أوباما سؤالا على قادة العالم، قائلا: "هل سنقف مع الشعب السوري أم مضطهديه؟". وبينما تحدث أوباما عن العقوبات التي فرضتها بلاده على سوريا، طالب "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بفرض العقوبات على النظام السوري والوقوف إلى جانب الشعب السوري". وقال: إن في كافة أرجاء المنطقة يجب الاستجابة للمطالبة بالتغيير، بما في ذلك في اليمن ومساعدة الإصلاح في البحرين. وتعهد بأن "الولايات المتحدة ستواصل دعم تلك الدول التي تنتقل إلى الديمقراطية مع التجارة والاستثمار كي تلحق الحرية الفرص".
وفور انتهائه من إلقاء خطابه، توجه أوباما إلى لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قاعة خاصة في مقر الأمم المتحدة. ومن المثير أن نتنياهو لم يحضر بداية النقاش العام لدى الجمعية العامة ولم يكن متواجدا في القاعة عندما ألقى أوباما خطابه، بل كان يمثل إسرائيل وزير الخارجية المتطرف أفيغدور ليبرمان. وأثنى نتنياهو في مستهل اجتماعه مع أوباما على الرئيس الأميركي وخطابه أمام الجمعية العامة، قائلا: "لقد أوضحت بأن الفلسطينيين يستحقون دولة ولكنها دولة يجب أن تبرم سلاما مع إسرائيل.. لذا فإن أي محاولة لاختصار هذه العملية وعدم التفاوض حول السلام ومحاولة الحصول على عضوية الأمم المتحدة لن تنجح".
ومن جهته، قال أوباما: "لا يمكن كسر الروابط بين الولايات المتحدة وإسرائيل.. لا يمكن فرض السلام على الطرفين، يجب أن يتم التفاوض عليه.. الهدف النهائي لنا هو دولتان تعيشان جنبا إلى جنب في سلام". وأضاف: "رئيس الوزراء (الإسرائيلي) يعلم أن التزام الولايات المتحدة لن يتزعزع". 

السابق
الحياة : يبحث وعباس ” رزمة شاملة ” لتفعيل عملية السلام وامهال مجلس الامن ….
التالي
عون يحاول إصابة سرب عصافير بـ«حجر» الكهرباء!