التعليم جنوباً(6): عن “المقاصد” في صيدا

في العام 1879 تأسست جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا لتلعب دوراً أساسياً في تعليم أبناء المدينة والمنطقة بأكملها وعلى الرغم من مرور نحو قرن ونصف على تأسيسها فهل ما زالت قائمة تعمل على تحقيق أهدافها في التعليم والتربية.
في النصف الأول من القرن التاسع عشر سمحت الدولة العثمانية بموجب "نظام الملة" أن تتولى كل طائفة تعليم أبنائها في مدارسها من دون أن تتدخل السلطة الرسمية مباشرة في ذلك. وعرفت الإرساليات الأجنبية طريقها إلى لبنان منذ القرن السابع عشر بهدف التبشير بالمسيحية وتدفقت بأعداد كبيرة في القرن التاسع عشر يدافعين أساسين الأول: انفتاح الحكم المصري في بلاد الشام وتشجيعه الإرساليات الأجنبية، والثاني دعم الأوروبيين للطوائف المسيحية.
وفي صيدا كانت أولى مدارس الإرساليات الأجنبية مدرسة "الأرض المقدسة" التي أقامتها الراهبات الفرانسيكانيّات داخل صيدا القديمة عام 1853 ثم مدرسة راهبات ماريوسف الظهور عام 1854. وفي عام 1862 أنشأت الإرسالية الإنجيلية مدرسة للبنات وفي عام 1881 مدرسة للصبيان.

جمعية المقاصد ورسالتها
تقول المديرة الإدارية لجمعية المقاصد هناء حلبي: وجد المسلمون في صيدا أن الطوائف الأخرى قد سبقتهم بإنشاء المدارس الأجنبية والأهلية، مما جعل الهوة تتسع بين أبناء المسلمين وأبناء المسيحيين وخصوصاً أن السلطة العثمانية كانت لا تشجع أبناء المسلمين على الالتحاق بمدارس الإرساليات الأجنبية. لذلك كانت المبادرة إلى تأسيس المدارس الإسلامية الخاصة وخصوصاً بعد تنامي الشعور الوطني بعد اتساع سياسة التتريك.
وتضيف حلبي: كان بيان تأسيس المقاصد يدعو إلى الوحدة والتكاتف من أجل الدفاع عن الوطن، وكانت الجمعية بارقة أمل في المجتمع الصيداوي المسلم فالتف حولها الصيداويون وأمدوها بالدعم المادي والمعنوي، ولعبت الجمعية دوراً في تاريخ صيدا.
وتشير حلبي إلى تحمل الجمعية مسؤولية تعليم ما يقرب من نصف الطلاب سنوياً مجاناً. كما أن الجمعية حاولت أن تفتح مدرسة للصبيان مقابل مدرسة للبنات لإتاحة المجال أمام كل فئات المجتمع للاستفادة من التعليم.

الواقع الحالي
يتبع للجمعية حالياً المدارس التالية: مدرسة الدوحة، ثانوية المقاصد، ومدرسة حسام الدين الحريري بالإضافة إلى مدرسة عائشة أم المؤمنين المجانية. وهذا ما يظهر انحرافاً في الهدف المرسوم لدورها، ففي السابق كان نحو نصف الطلاب يدرسون مجاناً، أما الآن فإن نسبة ما بين 20 – 25% من الطلاب فقط يستفيدون من مجانية التعليم ويدفعون الأقساط المحدودة من قبل وزارة التربية.
وتوضح حلبي بأن "أقساط مدرسة حسام الدين الحريري هي الأغلى بسبب المستوى التعليمي العالي واستخدام التقنيات التعليمية الحديثة ومستوى المدرسين الممتاز.
فهل ما زالت جمعية المقاصد الإسلامية في صيدا على أهدافها أم تحولت إلى مؤسسة تعليمية تتنافس مع غيرها من المؤسسات التعليمية الخاصة؟

السابق
جنبلاط في وضعيّة “غير مستقرّة” و”حرجَة”
التالي
شُــرّد مــن بيتــه لكثــرة الضحــك!