كرسي لـدولة فلسطين

من المضحك تماما ان تهدد اسرائيل الفلسطينيين بأن ذهابهم الى الامم المتحدة للحصول على عضوية كاملة في المنظمة الدولية، سيؤدي الى الغاء "اتفاق اوسلو"، الذي بقي حبرا على ورق.
مع بداية الجمعية العمومية، نجح محمود عباس في جعل قضية عضوية فلسطين احد ابرز المواضيع التي تشغل الامم المتحدة، وبدا ان الكرسي الرمزي الذي يحمل اسم "دولة فلسطين"، حُضِّر ليحتل مكانه في قاعة الجمعية العمومية، يمثل ما يشبه كرسي الاعدام بالنسبة الى اميركا واسرائيل، في حين يكشف استفتاء اجرته هيئة الاذاعة البريطانية في 19 بلدا حول العالم ان 49 في المئة يؤيدون عضوية فلسطين وان 19 في المئة يعارضونها.
حتى اللحظة الاخيرة حاول باراك اوباما، الذي يسترضي الصوت اليهودي عشية معركته الانتخابية، ان يُثني ابو مازن عن الذهاب الى الامم المتحدة، مستعملا التهديد وملوحا بالفيتو، في حين كان مبعوثاه دنيس روس وديفيد هيل يحاولان مع طوني بلير، اقناع السلطة الفلسطينية بالتراجع في مقابل وعود سخيفة وحقيرة ايضا، اقل ما يمكن ان يقال فيها انها تمثل ازدراء بالفلسطينيين.

كل وعود اوباما السابقة بقيام الدولة الفلسطينية كان يفترض ان ترى النور الآن تحديدا، لكنها انهارت تماما كانهيار الالتزامات الاسرائيلية و"اتفاق اوسلو" الذي يهدد نتنياهو بالغائه، ويا للمسخرة، فكيف يستطيع روس وهيل وبلير محاولة اقناع الفلسطينيين بقبول مجرد "وعد بالحصول على دولة Attribution for a State" بعد تاريخ من الوعود الكاذبة؟! 
وكيف يستطيع اوباما تهديد ابو مازن بالفيتو والعقوبات (600 مليون دولار) ولا يرى ان الانحياز الى اسرائيل لا يدمر فرص السلام مع الفلسطينيين فحسب، بل يخلخل السلام المبرم مع مصر والاردن.

وكيف لا يرى بالعين المجردة ان كل هذا يغذي عناصر اليأس والتطرف ويزيد الفرص امام قوى اقليمية تحاول توظيف الانحياز الاميركي الاعمى لتوسيع نفوذها وتأجيج تدخلها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة؟
ثم كيف يستطيع اوباما ان يتعامى عن ان موقفه ليس ضد الفلسطينيين وحدهم بل ضد كل الدول العربية وحتى ضد اكثر من 138 دولة تؤيد عضوية فلسطين. وفي هذا السياق دأبت السعودية على تكرار التحذير من استعمال الفيتو الاميركي، كما سبق لخادم الحرمين الشريفين ان حذر من سحب "المبادرة العربية للسلام" اذا لم تتمكن اميركا من دفع اسرائيل الى التزام شروط التسوية العادلة والشاملة، منبها الى مغبة هذا الامر وانعكاساته السلبية المحتملة على العلاقات الاميركية مع السعودية ومع الدول العربية؟
الامير سعود الفيصل وهو عميد وزراء الخارجية في العالم، وصل الى نيويورك لقيادة هجوم ديبلوماسي هدفه اظهار الحقيقة البشعة التي سيعكسها استعمال الفتيو، الذي ستكون له آثار "محملة بالمصائب" كما كتب الامير تركي الفيصل، كما انه سيوسع الفجوة بين العالمين العربي والغربي. 

السابق
يوسف: نشك بباسيل بسبب صفقاته المشبوهة
التالي
النهار: سليمان في نيويورك إيذاناً بدور لبناني بارز والحكومة تواكبه بإقرار المنطقة الاقتصادية