قل وقَّع.. ولا تقل سيوقِّع

إذا كان من نصيحة يجب أن تقال اليوم للمسؤولين عن ملف نقل السلطة السلمي في اليمن، وتنحي الرئيس علي عبد الله صالح، سواء من اليمنيين، أو السعوديين، وحتى من الأميركيين، فهي ضرورة عدم إعطاء مهلة، أو إعلان أوقات محددة لمراسيم توقيع التنازل عن السلطة.
فمع كل إعلان عن أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ينوي توقيع اتفاق نقل السلطة، وفقا للمبادرة الخليجية، أو خلافه، تتفاقم الأمور في اليمن، وتأخذ منحى التصعيد الخطير في الشارع. والمستفيدون من ذلك كثر، سواء من دائرة الرئيس، أو حتى من المعارضة بكافة أطيافها. وهنا سيقول قائل: كيف؟ الواضح أن المعارضة كلما لمست أن لحظة التوقيع قد اقتربت تقوم بالتحرك في الشارع اليمني لتظهر لحظة التوقيع المنتظرة من صالح وكأنها جاءت بسبب الضغط الشعبي، على الرغم من أنها كذلك فعلا، وهناك مؤشرات عدة على ذلك، آخرها ما حدث بالأمس في اليمن من صدامات وقتل، إثر التسريبات الإعلامية الصادرة أمس من مصدر يمني، وآخر سعودي، تقول إن صالح سيفوض نائبه في التوقيع على المبادرة الخليجية خلال 10 أيام، وفي هذا مخاطرة من قبل المعارضة، وتسارع، كما أنه من المعلوم أن في معسكر الرئيس اليمني من هو متضرر من تنحيه، خصوصا من يسيطرون على مقاليد الأمور على الأرض، ولا تزال بأيديهم مفاتيح كثيرة، وأخطرها المفاتيح الأمنية.

وخطورة الأوضاع في اليمن ليست بسبب المجهول، بل بسبب المعلوم، الذي لا يعلم أحد متى يحدث؛ فالجميع يعي أن الأمور قد حُسمت في اليمن، ولم يعد بمقدور الرئيس صالح الاستمرار كما كان.. وبالتالي فإن هناك من سيتضرر جرَّاء تنحيه، ويحاول إطالة الوقت، أو تعزيز فرصه على الأرض، أو حتى في الخارج، في حال اضطروا للخروج من اليمن، وهذا هو المتوقَّع. ويلتقي ذلك مع مشاعر ملتهبة من قبل المعارضة، وهذا أمر متوقع وطبيعي، مثلما قد يكون هناك من يحاول تأجيج تلك المشاعر، ناهيك عمَّن هو مترقِّب من أطراف أخرى داخلية وخارجية، مثل الحوثيين و«القاعدة»، داخليا، وإيران خارجيا؛ لذا فإن أخطر شيء على اليمن اليوم هو التوقيت، واللعب على الوقت.

ومن هنا، فإنه ليس من مصلحة أحد، اليوم، الاستمرار في لعبة التسريبات الإعلامية والقول إن الرئيس صالح سيوقع بعد أيام، أو أسبوع؛ لسبب بسيط، هو أن هناك كثيرين يتربصون لإفساد هذه اللحظة المرتقبة، وبالتالي فإن النصيحة لكل من هو معني بالملف اليمني، ونقل السلطة سلميا هناك، أن يتأكد من أن يكون الخبر الخاص بنقل السلطة في اليمن وفق الصيغة التالية: لقد وقع الرئيس، وليس سوف يوقع؛ فاليمن كله اليوم على شفا الانفجار، ولا يتحمل أي تأخير أو تسويف، ومن الخطر استسهال لعبة التصريحات الإعلامية، خصوصا مع مشاعر منفعلة، وأيدٍ على الزناد، وأصحاب مصالح يعتقدون أن حياتهم، وما جمعوه، في مهب الريح.
فالرجاء عند التعامل مع ملف نقل السلطة في اليمن قل: وقَّع، وليس سيوقِّع.
  

السابق
هل يمكن الرئيس انقاذ الصيغة؟
التالي
الكتاب المدرسي: السعر قبل العلم