العاصفة تنفخ في البيت العونيّ!

دخل منذ عدّة أشهر عنصر فاعل ومؤثّر حلبة القيادة في "التيّار الوطنيّ الحرّ" بزواج العميد شامل روكز من كريمة النائب ميشال عون كلودين، وهو يشغل منصب قائد فوج المغاوير في الجيش اللبناني، ويتمتّع بمزايا قياديّة وبالجرأة والإقدام، ممّا خلق مع انخراطه البيت "العونيّ" منافسة لوزير الطاقة جبران باسيل الذي حاز على ألقاب عدّة ضمن اللعبة السياسيّة ومن بينها "الصهر المدلّل" و"وليّ العهد العونيّ".

هذا التطوّر الذي طرأ على مستوى حلقة القيادة، لا بدّ وأن يؤثّر على الشؤون الداخلية في التيّار الوطنيّ الحرّ، بعدما أكّد العديد من الكوادر أنّ "نسيب" الجنرال الجديد سيشكّل عنصراً مساعداً على فرض بعض الإصلاحات داخل التيّار، وقطع الطريق على عمليّة الاستئثار والتفرّد التي مارسها ويمارسها الوزير باسيل طيلة السنوات الماضية، والتي تحفَّظ عليها الكثيرون داخل التيّار. ويضيف هؤلاء أنّ روكز لم يكن بعيداً عن الأجواء الداخلية، السياسية وغير السياسية، التي كانت تحيط بالتيّار، وهو الذي كان على تواصل دائم مع عدد من القيادات المعارضة فيه، يسمع شكواهم ويتفهّم تحفّظاتهم واعتراضاتهم حتى قبل أن يصبح أحد أقرب الأنسباء.

وفي هذا المجال يقول احد الكوادر البارزين في التيّار إنّ ابن شقيق النائب عون، نعيم، الذي كان في طليعة تحرّك "الثلاثاء الأسود" الشهير داخل التيّار منذ حوالى ثلاثة أعوام، قد عاد في الفترة الأخيرة إلى الابتعاد عن القيادة الحزبيّة بعد حالة الفتور والتوتّر التي شهدتها الرابية، في ظلّ غياب أيّ عمل جدّي يعيد التواصل بين العماد عون وبين القيادات المعترضة والتي باتت غير قليلة وفي مقدّمهم "الحكماء الأربعة".

من هنا، فقد سجّلت الأسابيع القليلة الماضية اتّصالات مكثّفة واجتماعات بين عدد من كبار القيادات في التيّار لدرس آخر التطوّرات وكلّ الخيارات المتاحة، لاسيّما منها تلك المتعلّقة بالتطوّرات الإقليميّة وما قد ينتج عنها من تداعيات على صعيد الشارع المسيحيّ، في ظلّ حالة الإحباط التي يعيشها المسيحيّون، إضافة إلى الهواجس التي تطرح من هنا وهناك، والتي تثير خشية من أن يتعرّض هؤلاء إلى حملات تهجير على غرار ما حصل في العراق وفي بعض الدول الأخرى.

وعلم في هذا الإطار، أنّ أحد المواضيع الأساسية التي تمّت مناقشتها تتمحور حول أهمّية تعزيز التواصل ضمن كادرات التيّار الوطني الحرّ في مرحلة أولى، ومع القواعد الشعبيّة للتيّار في مرحلة ثانية، والحرص على وحدة الصفّ مهما كان الخلل على مستوى القيادة، لأنّ الأشخاص يتبدّلون، لكن ثمّة "قضيّة" أساسية ناضل القدامى في التيّار من أجلها، سواء أكانوا لا يزالون اليوم يتولّون مناصب داخل التنظيم أم لا، عِلماً أنّه ليس من الضروري تجميد وشلّ الموقف والمسار الحزبيّين في حال وجود أخطاء ترتكب داخل التيّار، بصرف النظر عن المسؤولين عن هذه الأخطاء، لأنّ الأولوية تبقى لوحدة الصفّ واستمراريّة الخط والتنسيق الدائم خدمة للمبادئ التي قام لأجلها التيّار الوطنيّ الحرّ.

أحد المنسّقين السابقين في التيار في جبل لبنان، اعتبر أنّ الانحراف الحاصل في هذه الفترة لن يدوم طويلاً، وسرعان ما سيتمّ تصويب الأمور وتصحيح الخلل لأنه لا يمكن عزل التيّار عن التداعيات الإقليميّة، وذلك بعدما تحالفت قيادته مع استراتيجيّة عقائدية طائفية ومذهبية، ومع نظام إقليميّ بات في دائرة الخطر بشهادة حلفائه قبل خصومه، ومن شأن كلّ ذلك أن يؤدّي إلى أمر واقع جديد داخل هذا التيّار يقوم على إيجاد حالة من الممانعة الذاتية والحصانة في حال ضربت رياح العاصفة الإقليميّة البيت العونيّ.  

السابق
أحمد الحريري:رئيس بدل من ضائع
التالي
أحلامنا في مخيم برج البراجنة: بدنا نشوف السما .. ونرسم الأمل