لبنان يتجه نحو المزيد من التصعيد بين قوى 8 و14 آذار

تقول شخصية مقربة من قوى 8 آذار «إن القيادات السياسية في هذه القوى اتخذت قراراً بتصعيد الحملة على تيار المستقبل وقوى 14 آذار والرد عليها بقسوة، وان هذه الحملة بدأت من خلال سلسلة المواقف والتصريحات لمسؤولي حزب الله، إضافة إلى ردود الرئيس نبيه بري على ما نشرته جريدة «المستقبل» من وثائق ويكيليكس ونشر تقارير عن حرب تموز 2006».
وأضافت هذه الشخصية «انه بانتظار حسم الوضع في سوريا وجلاء ملف المحكمة الدولية ستتجه الأوضاع في لبنان نحو المزيد من التصعيد سياسياً وإعلامياً وشعبياً، كما قد يؤدي ذلك الى حصول بعض التوترات الأمنية في بعض المناطق، وخصوصاً في المناطق الحدودية السورية – اللبنانية وذلك بسبب استمرار التدهور على صعيد الوضع السوري الداخلي وانعكاس ذلك لبنانياً.
وأضافت الشخصية «ان لبنان يشهد حالياً صراعاً سياسياً مستمراً بين جميع الأطراف وذلك للضغط على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وإبقاء حالة التوتر في لبنان ولمنع حصول أي تقدم في أداء الحكومة أو اتخاذها لقرارات عملية تنعكس ايجاباً لصالح المواطنين، وان لبنان يمر حالياً بمرحلة انتقالية بانتظار حسم الوضع في سوريا ووضوح مسار الأوضاع هناك، كذلك بانتظار بلورة ملف المحكمة الدولية ونشر المزيد من القرارات الاتهامية وبدء المحكمة العلنية».
لكن ما هي الأسباب الحقيقية وراء ازدياد السجالات السياسية والاعلامية بين قوى 8 آذار و14 آذار؟ وإلى ماذا ستؤدي هذه السجالات؟ وهل ستتطور الى أحداث أمنية أو توترات شعبية شبيهة بمرحلة ما بعد الحملة التي شنت على حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وأحداث أيار 2008 وان كان ذلك بصورة معاكسة (أي ان يتولى تيار المستقبل تحريك الشارع ضد الحكومة وقوى 8 آذار)؟
أسباب السجالات
بداية ما هي أسباب السجالات السياسية والاعلامية المتصاعدة بين قوى 8 و14 آذار في كافة الاتجاهات؟
تقول مصادر سياسية مطلعة «انه منذ نجاح قوى 8 آذار بإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري ومن ثم تشكيل حكومة جديدة بالتعاون مع الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، اتخذ تيار المستقبل وقوى 14 آذار قراراً ببدء معركة سياسية واعلامية وشعبية واسعة ضد الحكومة وحزب الله، وكان التركيز بداية على ملف سلاح حزب الله والدعوة إلى نزعه، لكن مع بدء الأحداث في سوريا وصدور القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية بدأت الحملة تتخذ أبعاداً أخرى وقررت قوى 14 آذار شنّ حملة شاملة على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والسعي إلى زعزعة «التحالف السياسي» القائم حالياً بين أركان الأكثرية الجديدة.
وقد استفادت قوى 14 آذار من بدء التحركات الشعبية في سوريا لانه حسب مصادر قيادية في هذه القوى «ان أي تغيير يحصل في سوريا سيكون له تداعيات سياسية على حلفاء سوريا في لبنان وسيؤدي إلى إسقاط حكومة الرئيس ميقاتي». لكن بعد مرور عدّة أشهر على الأحداث في سوريا وعدم حسم الأوضاع فيها ونجاح حزب الله في استيعاب تداعيات نشر تفاصيل القرار الاتهامي وقدرة الحكومة على تجاوز بعض العقبات والمشكلات بين أركانها، كان لا بدّ من تصعيد الحملات السياسية في كافة الاتجاهات، وخصوصاً ضد الشخصيات القيادية في 8 آذار كـ(الرئيس نبيه والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله) والعمل لخلخلة العلاقة بين أركان الأكثرية الجديدة لعل يؤدي ذلك الى المزيد من الضغط على الحكومة الميقاتية.
أفق التصعيد سياسياً وشعبياً
لكن ما هي نتائج هذا التصعيد السياسي والاعلامي؟ وهل سيكون له انعكاسات عملية على الصعيد الشعبي أم انه سيؤدي إلى حصول توترات أمنية في بعض المناطق؟ وهل ستعمد قوى 14 آذار وخصوصاً «تيار المستقبل» للقيام بتحركات شعبية لإسقاط الحكومة تحت عناوين مختلفة؟
تقول الشخصية المقربة من قوى 8 آذار «ان الأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات وان التصعيد السياسي والاعلامي سيؤدي الى إيجاد بنية صالحة للتوترات الأمنية وقد بدأنا نشهد بعض هذه التوترات في بعض المناطق. مع الاشارة الى ان قيادة الجيش اللبناني قد اتخذت أخيراً قراراً بالعمل لضبط الأوضاع وخصوصاً في المناطق الحدودية اللبنانية – السورية وذلك لمنع حصول أية تداعيات لما يجري في سوريا على الحدود أو في المناطق اللبنانية».
أما عن إمكانية قيام قوى 14 آذار وتيار المستقبل بتحركات شعبية وتصعيد الحملة السياسية – الاعلامية نحو تحركات ميدانية بهدف اسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فإن بعض القياديين في هذه القوى لم يستبعد اللجوء الى مثل هذا الخيار وخصوصاً اذا امتنعت الحكومة عن تمويل المحكمة الدولية او تحت عناوين أخرى، كما ان بعض الأوساط السياسية توقعت الاستفادة من بعض التحركات النقابية والشعبية ضد الحكومة لأسباب معيشية والاستفادة من ذلك لزيادة الضغوط على الحكومة واركانها.
وبالمقابل تكشف المصادر القريبة من 8 آذار «ان الرئيس نجيب ميقاتي يحاول استيعاب الحملة على الحكومة من خلال العمل لتمرير تمويل المحكمة الدولية دون الاصطدام بحلفائه في الحكومة وخصوصاً حزب الله، كما ان ميقاتي يسعى لعدم السماح لقوى 14 آذار و«تيار المستقبل» بالاستفادة من ملف بعض الموظفين المحسوبين عليهم وذلك عبر تبني هؤلاء الموظفين وابقائهم في مناصبهم في هذه المرحلة بانتظار انتهاء مدة عملهم أو لحين تبلور الظروف المناسبة».
اذن يعيش لبنان حالياً مرحلة شديدة التعقيد سياسياً واعلامياً وشعبياً، والأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات، وذلك بانتظار حسم الأوضاع في سوريا أو تبلور ملف المحكمة الدولية ان على صعيد التمويل أو لجهة صدور قرارات اتهامية جديدة وقد ساهمت التصريحات التي اطلقها البطريرك بشارة الراعي في باريس حول الشأن السوري وسلاح حزب الله بزيادة الأجواء السجالية، كما برزت بعض التباينات بين موقف قوى 8 آذار ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ما يعني ان التصعيد مستمر والأمور مفتوحة على كل الاحتمالات.

السابق
إتحاد الشباب الديموقراطي من عدلون: قوى الأمر الواقع حاولت تعطيل ذكرى جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية
التالي
حديث مع غبطته