نوبل !!؟

لطالما حيّرتني يا إخوان بعض الأسماء التي حصلت على جائزة نوبل للسلام (تحديداً). حيث بينها مَن كان تاريخه لا يتناسب ولا يتناسق مع القواعد والأسس التي وضعتها لجنة الجائزة.. عدا عن الإشكالية الخاصة بالمناخ السياسي الذي كان يترافق عادة مع إعلان الأسماء الفائزة، ويدفع باتجاه اختيارها.
أنور السادات مثلاً حصل على تلك الجائزة نتيجة اتفاقه مع الإسرائيليين. علماً أنّ ذلك الاتفاق قسّم العالم العربي وأنتج شلالات من الدم إن كان في لبنان أم على المستوى الفلسطيني. ومناحيم بيغن بدوره حصل عليها! الإرهابي الذي كان مطلوباً من قِبَل "الانتربول" بتهم تفجيرات وعمليات قتل طاولت مدنيين من العرب والانكليز عدا عن تاريخه في الموضوع الفلسطيني.
لكن ما لنا وللتاريخ. فلنبدأ من الآن!
الجائزة في راهننا العربي تبدو ملائمة تماماً لرئيسين عربيين سابقين. الأوّل حسني مبارك والثاني زين العابدين بن علي. وكي لا تطول السيرة، فإنّه تكفي رؤية ومتابعة وقراءة ما فعله ويفعله نظراؤهما في سوريا وليبيا واليمن، كي يكون ذلك مبرّراً كافياً وأكيداً لمنحهما ذلك التكريم الجليل!

يحاكَم مبارك أمام محكمة خاصة في القاهرة. يكفي أنّه بقيت هناك محكمة ومَن يحاكمون وبقيت هناك قاهرة! ويكفي أنّه لم يتمترس خلف مؤيّديه وعناصر أمنه كي يُشعلها حرباً أهلية مدمّرة.. وليقل مَن يشاء ما يشاء من مطوّلات الذمّ والتفخيت به وبما فعله نظامه في أيّامه الأخيرة، لكن يكفيني كمواطن عربي بسيط أنّه لم يربط مصير بلده، وأهل بلده واقتصاد بلده وبنيان بلده وجيش بلده ومستقبل بلده بشخصه أو بعائلته أو بحاشيته المقرّبة، ولم يدمّر كل تلك الدنيا تبعاّ لذلك الربط!
ومثله بن علي تونس. بل هو ربما يستحقها قبل مبارك وأكثر منه.. إذ إنّه على الأقل أبدى جزءاً حرزاناً ومرموقاً ومنشافاً من المشاعر الإنسانية النبيلة والكريمة عندما زار محمد البوعزيزي في المستشفى حيث كان يُعالَج من حروقه. وجلس قبالة سريره محترماً آلامه، وآلام التونسيين عموماً.. قال لهم "فهمتكم"، وانتبه بسرعة قياسية إلى أنّ حكمه انتهى، ودقّت ساعة الأفول. فخرج ولم يعد!
ومرّة أخرى، لمَن يشاء أن يقول ما يشاء عن الرجلين، الرئيسين السابقين، لكنهما قياساً إلى ممارسات العقيد في ليبيا والعنيد في اليمن وصولاً إلى جارنا في سوريا، فإنّهما يستحقان تلك الجائزة الدولية المشعّة وعن جدارة كبيرة.  

السابق
توضيح !!؟
التالي
المشهد العربي من اسطنبول