صور: سوريا ليست بخير

ينظم احد المنتديات الثقافية في مدينة صور الثلاثاء المقبل مهرجانا سياسيا تحت عنوان :سوريا بخير. يتحدث خلاله عدد من الشخصيات الحزبية في قوى 8 آذار الى جانب السفير السوري في لبنان عبد الكريم علي. احد الاصدقاء الجنوبيين علّق: لو كانت بخير لشو المهرجان؟ . وعلق صديق آخر على "فيس بوك": وكأن النظام والشبيحة يقتلون كل يوم عشرين صهيونياً ويقصفون تل أبيب بالبوارج والطائرات والدبابات ويأسرون اكثر من ثلاثين الف "مستوطن"!
فات المنظمين ان النادي الثقافي يفترض ان يكون معنيا بتحفيز وعي المواطنين على تبني قيم الحرية والديمقراطية ومقاومة الظلم، وبثقافة احترام حق الانسان بالحياة الحرة والكريمة. والثقافة في الغالب تطالب بنبذ الانظمة الاستبدادية المستقوية على شعبها ببطش الاجهزة وشبيحتها، وانظمة الحزب الواحد والشخص الواحد الاحد، باعتبارها صارت من مخلفات الماضي الآفل في دول تحظى بقدر من احترام الانسان والمواطن. لم يدرك المنظمون ان قدر هذه الانظمة الظالمة، في تكوينها ، ان تواجه المظلوم وان يقابلها الشعب ولو بعد حين بثورة سعيا لدفع الظلم عنه والاستبداد عن موطنه.
المعيب ان الدعوة لم تكن موجهة من قبل جهة سياسية، او امنية، بل من ناد ثقافي! بالتأكيد يصعب ايجاد عذر تبريري للمنظمبن، لكن يمكن القول انه ارتكب "ثقافيا" بايعاز سياسي، خصوصا ان المتحدثين كلهم منخرطون في العمل السياسي الحزبي… اما القول بأن ثمة قناعة بدعم النظام السوري والة القتل التي لاتتوقف عن حصد ارواح الثائرين على الظلم، فهو ما يهز وجدان اي انسان سوي، ويستثير فيه حمية التضامن مع الشعب السوري بالقول او بالقلب وهذا اضعف الايمان كما يقال في الموروث. ذلك ان الشعب السوري الذي يثبت يوما بعد يوم انه لا يواجه اعتى انظمة القهر فقط بل يواجه ايضا نظام مصالح اقليمي ودولي مازال يدعم بقاء النظام الاسدي. .
 
معيب ايضا ان يقام هذا المهرجان الوحيد في العالم العربي والاسلامي والعالم تضامنا مع النظام السوري وبرعاية من ممثليه في مدينة صور، لهو ما يدعو الى الخيبة والتساؤل حول الانتهاك التاريخي لهذه المدينة، التي يضج ماضيها القريب والبعيد بمآثر لاتزول من وجدان الاحرار منذ حاصرها الاسكندر قبل الفي عام الى وقوفها الشهير مع ثورة الجزائر واحرار العالم وثورة الشعب الفلسطيني وقبل ذلك وبعده في وجه الاحتلال الاسرائيلي. حري بمن يقف حارسا وحاميا لهذا التراث العريق اللا يسمح لهذا المهرجان انيمر دون اعتراض، مهما بلغ حجم التسلط الذي يعرفه الجميع. اذ لا يليق بالجنوب الذي اعطى من دمه ومن ارواح ابنائه على مذبح الحرية والكرامة، ان يتيح لقلة على ارضه ان تتغنى بمجزرة القتل المستمر لاحرار الشعب السوري. ومظلومية الشعب السوري ليست محل نقاش، وصموده الاسطوري امام آلة القتل مأثرة من مأثره بها سيسجل له انه انجز اهم ثورة عرفها العرب في تاريخهم الحديث. واستبداد النظام السوري لا جدال فيه، والمحاولات المملة عبر ترويج ممانعته لتبرير استبداده بائسة وساقطة.
ثمة نظام من القيم الغريب العجيب يحاول البعض "بلف" الجنوبيين به، نظام قيم يجري ترويجه بما يخالف منطق التاريخ، اذ ثمة من يريد القول لنا ان شعوبا تعاني العسف والظلم والاستبداد قادرة ان تنتصر على العدو، وان مجتمعات تعيش في جمهورية الخوف قادرة ان تقول كلمتها وتحرر ارضها من الاحتلال. من حقائق التاريخ الراسخة ان الاستبداد لا يولد الا الهزائم. الهزيمة الداخلية اولا، هي جائزة كبرى تقدم لكل عدو سواء كانت اسرائيل، او كان التخلف عن ركب العالم المتحضر كما هو الحال في سورية منذ عقود.
الجنوب ساحة للاحرار وصدى لاصوات الشعوب الحرة، ولن يكون هو من يحتفي بقمع الشعوب وقتلها، ولا ملاذا لانظمة القمع مبيضا لصفحات قمعها الحمراء 

السابق
“كان زمان”… أعاد المجد لحياة القرية القديمة
التالي
تكريم الطلاب الناجحين في الامتحانات الرسمية في بلدة عدلون