السفير: أردوغان يدعو أتباع القذافي للاستسلام كرّ وفرّ في بني وليد وسرت … وحكومة جديدة غداً

راوحت الاشتباكات الدائرة في مدينتي بني وليد وسرت مكانها، بين كر وفر، فيما دخل رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، خلال زيارته الى العاصمة الليبية طرابلس أمس، على خط المعركة، حيث حث أتباع العقيد معمر القذافي على إلقاء أسلحتهم، وذهب أبعد من ذلك بإسقاط الحدث الليبي على الوضع السوري، قائلا إن عصر القادة «الطغاة» قد ولى، مشيراً إلى أن تركيا ستتخذ قرارها النهائي حول ما يحصل في سوريا قريباً، وأنه سيكون على الرئيس السوري بشار الأسد ان «يواجه العواقب».
ووعد أردوغان، الذي يحاول الحصول على حصة من «كعكة» إعادة إعمار البلد، بمساعدة الليبيين على إعادة إعمار المدارس ومراكز الشرطة وبناء مستشفى ومقر البرلمان المقبل ودار للأيتام في مصراته.
وفي حين تعرض الثوار الى نكسة بعد اضطرارهم للانسحاب من بني وليد، أعلن مسؤولان من المجلس الوطني الانتقالي أن «الحكومة الانتقالية الجديدة» ستعلن غداً الأحد وستمثل جميع الليبيين. وقال احدهما إن «هذه الحكومة ستضم 30 عضواً. وستمثل جميع العائلات السياسية وكل المناطق. وستضم نساء».
ويأمل أردوغان أن يجني مكاسب سياسية واقتصادية من حكام ليبيا الجدد لما قدمته أنقرة من مساعدات لهم في حربهم ضد القذافي، وذلك بعد تردد في بداية الحرب، خوفاً على الاستثمارات التركية هناك التي تقدر بمليارات الدولارات.
وجاءت زيارته غداة استقبال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في طرابلس وبنغازي. وكان سلاحا الجو الفرنسي والبريطاني ساعدا قوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي على اجتياح طرابلس وحمل القذافي على الفرار.
وقال أردوغان، بعد أداء صلاة الجمعة في ساحة الشهداء التي كانت سابقا الساحة الخضراء في طرابلس، «أنا سعيد بأن أكون شاهداً على النصر وقيام الديموقراطية في ليبيا». وأشاد، خلال هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها منذ الإطاحة بنظام القذافي في 23 آب الماضي، «بذكرى الشهداء الليبيين الذين استشهدوا من اجل وطنهم ودينهم كما فعل عمر المختار».
وقال أردوغان «أتحدث إلى من لا يزالون يواصلون القتال في سرت وسبها وكل إخواني هناك. تعالوا واتحدوا مع طرابلس. تعالوا واتحدوا مع بنغازي. لا تدعوا المزيد من الدماء تراق هنا». وأضاف إن «توحيد الصفوف سيساعد على تنمية ليبيا ليجعل منها أفضل بلدان المنطقة».
وتابع «لقد أثبتم للعالم انه لا يوجد نظام يمكن أن يسير ضد إرادة شعبه. وهذا ما يتعين أن يفهمه أولئك الذين يقمعون الشعب في سوريا». وأضاف من دون أن يشير إلى الأسد بالإسم «على هذا النوع من القادة أن يفهم أن زمنه قد ولى لأن عصر أنظمة الطغيان قد ولى».
وفي مؤتمر صحافي مع رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل، اكد اردوغان ان «ليبيا لكل الليبيين الذين سيقررون مستقبلها»، مشددا على ان هذا البلد «لن يكون عراقا» جديدا. ووعد بمساعدة الليبيين على اعادة اعمار المدارس ومراكز الشرطة وبناء مستشفى ومقر البرلمان المقبل ودار للايتام في مصراتة. وأضاف «سنرسل غداً مساعدات انسانية» الى سرت وبني وليد وسبها حيث يهاجم الثوار قوات القذافي.
وأعلن اردوغان ان نهج تركيا تجاه سوريا تغير، وأن انقرة ستعلن قريبا قرارها «النهائي» بشأن سوريا مع حلول موعد اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك الاسبوع المقبل. وقال «نهجنا الآن تجاه بشار لم يعد مثلما كان قبل شهر أو شهرين. بعد كل هذه الاحداث سيكون عليه ان يواجه العواقب. وعلى أبعد تقدير سنعلن قرارنا النهائي بشأن هذا بعد اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة».
وقال عبد الجليل، من جهته، «نتطلع الى دولة ديموقراطية اسلامية تستلهم نموذجها من تركيا، ان الاسلام قادر على النهضة والتنمية».
وأعلنت الحكومة النيجيرية ان نيامي لن تعيد الى ليبيا في الوقت الراهن الساعدي القذافي اللاجئ لديها. وقال المتحدث باسم الحكومة مارو امادو، ردا على سؤال حول ما اذا كانت النيجر ستسلم الساعدي الى السلطات الليبية الجديدة، «كلا، ونظراً الى التزاماتنا الدولية، لا نستطيع اعادة احد الى بلد لا تتوافر له فيه أي فرصة للحصول على محاكمة عادلة، وحيث يمكن أن يتعرض لعقوبة الإعدام».
إلى ذلك، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح منح مقعد ليبيا في الأمم المتحدة للمجلس الوطني الانتقالي. وصوتت الجمعية، المؤلفة من 193 عضواً، بغالبية 114 عضواً مقابل 17 لصالح السماح لممثلي المجلس بتولي أمور بعثة ليبيا في الامم المتحدة رغم معارضة عدد من حكومات اميركا اللاتينية، بينما دعت عدد من الدول الافريقية الى تأجيل القرار.
وتسمح هذه الخطوة لعبد الجليل بحضور اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة الذي سيحضره عدد من زعماء العالم في نيويورك الاسبوع المقبل. وسعت مجموعة مؤلفة من فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا وغيرها من الحكومات اليسارية إلى منع حصول المجلس الليبي على المقعد.  
ووصف مندوب فنزويلا لدى الامم المتحدة جورج فاليرو المجلس الوطني الانتقالي بأنه «مجموعة تعمل تحت تعليمات الولايات المتحدة وحلف الاطلسي وليس لها اية سلطة قانونية او معنوية». ودعت مجموعة «مجتمع تنمية افريقيا الجنوبية» الى تأجيل القرار الى حين الحصول على مزيد من المعلومات عن الاحداث في ليبيا.
إلى ذلك، خفف مجلس الأمن الدولي، في قرار بالإجماع، من العقوبات المفروضة على البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط بهدف تمكين المؤسستين من استئناف نشاطهما.
وتبنى قراراً يرفع بشكل جزئي تجميد الودائع الليبية وينص على إرسال بعثة لمساعدة النظام الجديد على تنظيم انتخابات وصياغة دستور جديد. وأعرب عن ارتياحه في القرار «لتحسن الوضع» في ليبيا كما أعرب عن عزمه التأكد من أن عشرات مليارات الدولارات من الودائع الليبية المجمدة في آذار الماضي، «ستوضع في أقرب وقت ممكن بتصرف الشعب الليبي».
ميدانيات
ميدانياً، أعلن الثوار انسحاباً تكتيكياً من بني وليد، بعد اشتباكات ضارية مع المقاتلين الموالين للقذافي. وقال قائد ميداني «لا يفيد بشيء الاحتفاظ بمواقع خلال الليل في بيئة معادية»، مشيراً إلى ان عدداً كبيراً من القناصة المتحصنين وسط بني وليد يشكلون خلال الليل تهديداً لرجاله.
وقال شهود إن المقاتلين انسحبوا في حالة من الفوضى من بني وليد بعد قتال ضار دام ساعات، ومع استمرار القوات الموالية للقذافي في قصف مواقعهم داخل البلدة وخارجها. وقال مقاتل «نحن بحاجة لإعادة تنظيم القوات وتخزين الذخيرة. ونحن بانتظار الأوامر بالعودة مرة أخرى».
وقال المقاتل حاتم تاجوري إن «انصار القذافي يتحصنون في حي واحد هو حي الديوان». وذكر شهود أن عشر سيارات إسعاف نقلت 15 جريحاً من الثوار.
وكان الثوار اعلنوا تقدمهم داخل مدينة سرت حيث تدور معارك عنيفة للسيطرة عليها. وشاركت عشرات السيارات المدججة بالسلاح وثلاث دبابات من تعزيزات المجلس الوطني الانتقالي التي اتت من الغرب في المعركة.
وقال ابراهيم صويب، احد مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي، إن «الثوار باتوا يسيطرون حتى الآن على نصف سرت وإن شاء الله سنسيطر على النصف الثاني». وأعلنت قوات المجلس الوطني الانتقالي مقتل 11 من عناصرها وجرح 34 في معركة سرت حتى الآن.
لكن المتحدث باسم القذافي، موسى ابراهيم قال، في اتصال هاتفي مع قناة «الرأي»، إن انصار القذافي «على اتم الاستعداد» ومصممون على «المقاومة حتى النصر»، مؤكداً ان «المعركة لم تنته بعد». وقال «سيشن الاطلسي غارات على مدن سرت وبني وليد وسبها التي تقاوم، وعلى بضع جبهات وبضعة محاور، لكننا على اتم الاستعداد وسنصد هذا الهجوم».  

السابق
النهار: تظاهرات الجمعة تستمر وتُجابه أيضاً بالرصاص
التالي
العرب يكتشفون النظام السوري!