أسبوع للفرح في النبطية… ولا فرح!

غاب الفرح عن مدينة النبطية، التي حملت مآسي الإمام الحسين بعد إسمه. مدينة الحسين غلب عليها طابع الهدوء والحزن في الفترة الأخيرة. أرجاؤها لا تتكلم، وزحمات السير الخانقة لا تغضب الناس. كآلالات يتحركون، يغيبون عن حركة فكرية ثقافية تجول العالم، إلا قليل منهم، جمهور معدود الحضور. اليوم نهضة جديدة للعودة إلى الحياة: "أسبوع الفرح" تعيشه المدينة: مسرح وفن وموسيقى، زجل وشعر، وعادات تراثية للعودة الى الماضي الجميل.

إجتمعت الاندية والجمعيات المدنية في النبطية لتحدد أسبوعا للفرح من العاشر من أيلول حتى السابع عشر. سبعة أيام تحول المدينة إلى واحة من الإحتفالات، كل يوم نشاط لجمعية، ومع مقاربة أعداد الجمعيات الأهلية المختلفة الإهتمامات، وهي خمسين، فإن الفرح تعنون بسبعة أيام.

سبعة أيام حدد برنامجها، بمسرحية "سوق التفاهم" لشبكة مجموعات شبابية، وعرض للوحات فنية يقوم به "إتحاد الشباب الديموقراطي" في ساحة المنشية، إلى حلقة من الشعر التراثي في "المجلس الثقافي للبنان الجنوبي"، ولقاء فرح في "مركز جمعية تقدم المرأة"، ولقاء ثقافي مع الوزير الدكتور عدنان السيد حسين في نادي الشقيف، والختام مع مسيرة تراثية وعشاء قروي في "مركز كامل جابر".

الفرح الذي قارب أيامه الأخيرة لم يغير وجه المدينة الحزين. تفاوتت المستويات، بين حفلات متواضعة الامكانات وحضور متواضع، وبين مسرحية حصدت جمهور المسرح المكبوت في النبطية، فكان عدد المشاهدين يربو إلى المئتين، وكان التنظيم ومستوى الضيافة والترتيب والإهتمام شديد الرقيّ. أما بالنسبة للنشاطات الفكرية الاخرى، فإنها تنذر بتدني جمهور المثقفين في المدينة وجوارها. أعداد الحاضرين القليلة لا تبشر بنهضة مواكبة لما يجري، إلا إذا كانت النشاطات الثقافية قد فشلت في التقاط نبض المدينة.

الغائب الأبرز عن النبطية هي السينما، التي لم تصل إلينا بعد، والمسرح عالم آخر، تفرضه المناسبات الدينية في أكثر الأحيان، أما الشباب فقضية منع الكحول هي حديث ساعاتهم، والمقاهي العجوز تهرم بسرعة، أمام فتوّة محال الانترنت ومقاهي النسكافيه. واللافت أنّ المكتبة العامة تغيب عنها نشاطات أسبوع الفرح، ومكتبة النادي الحسيني، يغيب عنها روادها عن طبقة ضئيلة من المتخصصين، والمكاتب الخاصة لا تبيع أكثر من قرطاسية.

كل ما تعيشه النبطية من تراجع فكري ثقافي مرهون بالجوّ الحزبي الموجود فيها، مرهون بالمشاحنات، في وقت تحصد الاحتفالات الحزبية جماهير لا تحصى، تفتقر النشاطات الثقافية إلى الجمهور، وتضيع الشخصيات المهمة في تواضع حفلات صغيرة، تقتات على ما يتبقى من صدى لبيروت – الحياة المتنوعة.

في المحصّلاة أسبوع الفرح لم يكن اسبوعا. المدينة لم تتغير أحوالها، أهلها غارقون في عوالمهم، في اهتمامتهم السياسية والحزبية. الفرح يمر سريعا على المدينة، يترك خلفه خيالات المثقفين الهرمين. الشباب فرحهم من نوع آخر… فقد ولّى زمن الندوات الشعرية والمثقفين.  

السابق
يتلذذ بشرب زيت المحركات وأكل شحم السيارات
التالي
السبيل الصحيح لمواجهة الإرهاب