فيما لا تزال الحكومة تحت وطأة ملف الكهرباء الذي انتقل الى مجلس النواب، رزحت امس تحت وطأة سجال بين مكوناتها يتعلق بدفع حصة لبنان من تمويل المحكمة الخاصة بلبنان وسلاح "حزب الله".
وترافق هذا المشهد الحكومي مع مواقف لافتة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ومحادثات اجراها الموفد الشخصي للرئيس الروسي دمتري ميدفيديف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي ميخائيل مارغيلوف.
السرايا وساحة النجمة
وفيما تبدو جلسة مجلس الوزراء عصر اليوم في السرايا برئاسة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي عادية في الشكل، استناداً الى جدول اعمالها المؤلف من 89 بنداً، فإنها قد تصير مهمة في المضمون اذا ما تسربت الى مناقشاتها حماوة السجالات بين مكوناتها في اليومين الاخيرين، مع العلم ان اوساط الرئيس ميقاتي قالت لـ"النهار" تعليقاً على الانتقادات الحادة التي وجهها اليه امس رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون إنه "حريص على عدم الدخول في اي سجالات مع الحملات الاعلامية انطلاقاً من الاداء منذ انطلاق الحكومة وهو العمل للمصلحة العامة".
أما في ساحة النجمة، فقد جرى امس توزيع نص الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد جلسة للجان المشتركة غداً الخميس مرفقاً بنص مشروع قانون الكهرباء الذي أرسلته الحكومة.
ولاحظت مصادر نيابية ان المشروع ليس مطابقاً لقرارات مجلس الوزراء التي تخصص بندين لقانون البرامج وبنوداً اخرى للتمويل من الصناديق العربية وتأليف لجنة وزارية لالتزام القانون 462 وتشكيل مجلس ادارة مؤسسة الكهرباء وطرق اجراء المناقصات وانشاء الهيئة الناظمة والطلب من وزير الطاقة اطلاع مجلس الوزراء دورياً على التفاصيل. وقد بدت كتلة "المستقبل" في البيان الصادر عنها بعد اجتماع برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة امس في اجواء هذه الملاحظات، فيما استبق عون مناقشات مجلس النواب بقوله: "الله يتممها على خير". وتوقعت المصادر ان تكون المناقشات "معمقة بكل ما في الكلمة من معنى".
الراعي
على صعيد آخر، قارب البطريرك الراعي، الذي كانت له امس جولة رعوية في المتن الاعلى، في تصريحاته الجدل الذي رافق مواقفه في باريس، فطمأن الى عدم دخوله في "اي خلافات فئوية لا في لبنان ولا خارج لبنان". ودعا الى نسيان "ما طلع من اجتزاءات ربما متعمدة (…) ليس لها علاقة بمواقفي الشخصية الاساسية".
المحكمة والسلاح
وصدرت أمس مواقف صريحة لعون ورئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد ضد المحكمة. فقال عون إنه "غير موافق" على تمويل المحكمة، فيما اعتبر رعد المحكمة "مسيسة ومن يعمل فيها هو موظف لدى جهات استخبارية دولية". وتجاهل الاخير في رده على سؤال يتعلق بمطالبة رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط بخطة تدريجية لاستيعاب السلاح في اطار الدولة، مكتفيا بالقول: "دعونا الآن نبحث في موضوع الانتخابات والقانون الذي سيعتمد في الانتخابات النيابية".
ورد جنبلاط على الحملة الاعلامية لقوى 8 آذار على مواقفه في جريدة "الانباء"، فقال: "ما قلته ليس سوى تذكير بما تم الاتفاق عليه الى طاولة الحوار الوطني وليس اعادة تموضع. فمن المفيد أن يتذكر الشخص الامور بين الحين والآخر".
وعما قصده رعد بعد لقائه الرئيس السابق اميل لحود بقوله "دعونا ننتظر قليلا حتى نتبين الامر حيال مواقف جنبلاط"، قال الاخير: "لم أفهم ما قصده رعد".
وسئل عن قول الوزير السابق ميشال سماحة إن قنوات الاتصال بين مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان وجنبلاط عادت، فأجاب: "انا لم أسمع كلام سماحة وأعتقد انه يفهم بملفات الصين أكثر".
مارغيلوف
وجاءت تعليقات جنبلاط على هامش لقائه الموفد الروسي مارغيلوف الذي جال ايضا على رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيسين ميقاتي والسنيورة.
وعلم ان المحادثات مع رئيس الجمهورية تركزت على تعزيز العلاقات الاقتصادية والمساعدات العسكرية للبنان وخصوصا بعدما تقرر استبدال طائرات "الميغ" بطوافات، كما تطرقت الى تطورات سوريا.
وفي السرايا فهم ان الزيارة استطلاعية وتهدف الى الاستماع الى موقف لبنان من الاوضاع في المنطقة وفي سوريا تحديدا، واطلاع ميقاتي على اتصالاته مع مستشارة الرئيس بشار الاسد بثينة شعبان التي التقاها في موسكو الجمعة، وكذلك على اتصالاته مع وفد المعارضة السورية الذي زار موسكو الاسبوع الماضي. وعلم ان الموفد الروسي نقل الى ميقاتي موقف بلاده المتمسك بمشروع القرار الروسي أمام مجلس الامن مخافة الوصول الى النموذج الليبي، معربا عن أمله في تجنب سوريا العنف واستعادة استقرارها.
واسترعت الانتباه في لقاءات أخرى اشارة مارغيلوف الى محادثاته مع شعبان، اذ قال: "سمعت منها محاضرة تصلح في ظل الاتحاد السوفياتي".
وبعد لبنان توجه مارغيلوف الى النيجر قبل ان ينتقل الى نيويورك للالتحاق بالرئيس الروسي.
