اللواء: تمويل المحكمة..رفض الحلفاء يفاجئ السراي

سمّمت التصريحات غير المبررة التي رمى بها النائب ميشال عون رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، حيث خاطبه تكراراً <بأنك انت المخالف وأنت المستهدف>، من على منبر الرابية، بنبرة انفعالية تمزج بين الوصاية والعدائية، مع ان عون أقر بصفته كنائب انه يعارض تمويل المحكمة الدولية، خالطاً على نحو غوغائي بين الصفة والموقع، وضرب عرض الحائط بمقام رئاسة مجلس الوزراء وبالرئيس ميقاتي الذي ما يزال على الرغم من امتعاضه البالغ من الاداء العوني، محافظاً على ضبط النفس، ومبتعداً عن كل ما من شأنه ان يضعف التضامن الحكومي، او يساهم في السجالات الدائرة في اغلب الاحيان، على خلفيات تتلاقى على كل شيء إلا المصلحة الوطنية العليا·
وحرصت اوساط الرئيس ميقاتي، على التأكيد بأنه ماضٍ في عدم الدخول في سجالات، مشيرة الى ان الرد سيكون بالافعال، وان الوقت هو للعمل والانتاج والالتفات الى مطالب الناس، وليس للتساجل مع العلم بأن لكل انسان الحق بإبداء الرأي الذي يرتاح اليه·

وكان عون اتهم الرئيس ميقاتي بعد اجتماع تكتل <التغيير والاصلاح> بأنه يتحدث بكلام مذهبي ويخالف القانون، في رد مباشر على تصريحات رئيس الحكومة الى محطة تلفزيون <الجديد> يوم الاحد الماضي، حيث دافع بقوة عن الموظفين السنّة الستة الذين طالب عون بإقصائهم عن المراكز التي يشغلونها في الادارة بسبب مخالفتهم للقانون·

وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده توجه عون مباشرة الى الرئيس ميقاتي مخاطباً اياه قائلاً: <لا، السنّة ليسوا مستهدفين لكن انت تحمي اشخاصاً مخالفين، انت مصر على المخالفة، وستتحمل مسؤوليتها، وهذا الامر يضعف موقفك السياسي>·

وتابع قائلاً: <انت مخالف للقانون لا عبد المنعم يوسف او (العقيد) وسام الحسن، لانه لا يمكن ان توقع للاول مرسوماً تسند له ادارتين، شعبة المعلومات ايضاً انت تخالف يا دولة الرئيس لانها مخالفة للقانون وبيدك قرار حلها>·

وسأل: <من هو المسيحي الذي دافعنا عنه اذا كان مخالفاً، انت المستهدف يا دولة الرئيس، وانت المخالف، وليس كل ساعة تقول ان السنّة مستهدفون، ونحن لا ننتقد السنّة بل اداء مخالفاً للقانون>·

ولاحظت مصادر مطلعة ان الرئيس ميقاتي ابدى امتعاضاً بالغاً من طريقة تعاطي عون معه بفوقية، وكأنه هو رئيس الحكومة، واعتبرت ان هذه الطريقة من شأنها اذا ما استمرت ان تضع ميقاتي امام خيارات يفترض أن تحفظ هيبة الدولة ومقام رئاسة الحكومة التي يحرص على عدم المس بها·

وفي تقدير هذه المصادر، أن هذا الأمر لا بدّ أن ينعكس على أجواء الحكومة، والتعاون بين رئيسها ووزراء عون، الذي لا يزال يعتقد أن الرئيس ميقاتي وراء عرقلة تأخير إقرار مشروع الكهرباء، لافتاً إلى انه منذ ان قدم اقتراحه في 5 نيسان الماضي، بلغت خسارة الدولة مليارين و601 مليون ليرة، وكل يوم تزداد الخسارة 17 مليوناً·

غير أن أوساط ميقاتي، ردّت على هذه التوقعات باعتبار انها مبالغ فيها، مشيرة إلى انها لا تعير هذا الأمر أهمية، باستثناء الحرص على مقام رئاسة الحكومة وعلى التعاون بين الوزراء من أجل اطلاق عجلة العمل الحكومي، والتركيز على المشاريع التي تهم الناس، لكنها لم تستبعد أن تكون تصريحات عون، جزءاً من حملة منظمة تستهدف شخص الرئيس ميقاتي، في إشارة الى المواقف والاتهامات العنيفة التي وجهها الوزير السابق ميشال سماحة الى عائلة الميقاتي بالذات، على خلفية دفاع ميقاتي عن الالتزامات الدولية، ومنها مسألة تمويل المحكمة الدولية·

 
كمين تمويل المحكمة وقالت مصادر مطلعة، أن هذه المسألة قد تكون <أم المعارك> الخفية داخل الحكومة، وأن كانت أطرافها أو الحلفاء داخلها لم يجاهروا بهذا الأمر حتى الآن، في انتظار أن يكشف الرئيس ميقاتي اوراقه، ولاحظت ان الكلام الذي قاله الوزير السابق وئام وهّاب بعد لقاء عون في الرابية، معلناً أن <المحكمة أصبحت وراءنا وتمويلها لن يُقرّ، ولا يهددنا احد بالمجتمع الدولي>، رسالة إقليمية مباشرة لرئيس الحكومة، خاصة وانه اردف هذا القول بعبارة انه <اذا اراد ميقاتي تمويلها (المحكمة) فليمولها من جيبه>·

وزاد بأن <المحكمة انشئت لافتعال الفتنة، ولن نمولها لنخرب بيتنا>·

واللافت أن هذه المواقف، تزامنت مع تجديد رئيس كتلة <الوفاء للمقاومة> النائب محمّد رعد التأكيد على أن المحكمة مسيسة، متهماً من يعمل فيها بأنه موظف لدى جهات استخبارية دولية·

ولفتت المصادر إلى أن هذه المواقف توحي وكأن مسألة تمويل المحكمة أصبحت كميناً نصبه الحلفاء للحكومة ويمكن أن يهدد وحدتها في اللحظة الحاسمة·

ميقاتي – جنبلاط وفي المقابل نقل مصدر مقرب من النائب وليد جنبلاط تأكيد الأخير أنه <اتفق مع رئيس الحكومة على أن لا تراجع عن تمويل المحكمة الخاصة بلبنان تحت أي ظرف من الظروف<·

وأضاف المصدر أن <جنبلاط وميقاتي تفاهما على أكثر من صيغة للتمويل بما فيها صيغة تتجاوز مسألة التصويت داخل مجلس الوزراء بحيث يجاز التمويل من خلال مرسوم يوقّع عليه كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزيري المال والعدل>·

وعما إذا كان وزير العدل شكيب قرطباوي ملتزم بالصيغة المذكورة كونه ينتمي إلى تكتل التغيير والاصلاح لم يستبعد المصدر التزام قرطباوي، رغم أن عون أعلن أمس أنه غير موافق على تمويل المحكمة حتى ولو وافق حزب الله، كونه غير دستوري·

وكان جنبلاط قد أعلن أمس أن مواقفه الأخيرة ليست سوى للتذكير على ما اتفق عليه بطاولة الحوار وليست إعادة تموضع·

ونقلت قناة <أخبار المستقبل> عنه قوله على هامش لقائه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الفدرالي الروسي ميخائيل مارغليوف أنه لم يفهم كلام النائب رعد الذي دعا للانتظار لقراءة موقف جنبلاط·

ورداً على سؤال، أعلن جنبلاط أنه لم يطلب موعداً للقاء الرئيس السوري بشار الأسد كما لم يطلب موعداً للقاء الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله·

غير أن مصادر مطلعة كشفت لـ <اللواء> أن دمشق قررت تجميد العلاقة مع جنبلاط على خلفية المواقف الأخيرة التي أعلنها من الأحداث الجارية في سوريا·

وأبلغ مسؤول سوري رفيع قيادياً سابقاً في الحزب التقدمي الاشتراكي وعلى علاقة حالية مع المختارة، بضرورة إنهاء علاقته مع جنبلاط، مؤكداً أن العاصمة السورية أقفلت أبوابها أمامه·

وكشفت مصادر وزارية ليلاً لـ <اللواء> أن السيد نصر الله أوفد أمس الوزير محمد فنيش والنائب علي عمار للقاء الرئيس ميقاتي، حيث أبلغاه رسالة منه مؤداها أن حزب الله يعرب عن استيائه من مواقف النائب جنبلاط، لا سيما لجهة الكلام عن السلاح، وعلى أساس أن هذا الموقف يشكل إخلالاً بما سبق أن التزم به في العام 2009 مع الحزب، وإخلالاً أيضاً بالبيان الوزاري للحكومة الحالية، فضلاً عن أنه محاولة لفرط الحكومة·

وعلم أن ميقاتي أبلغ الوزير وائل أبو فاعور الذي زاره لاحقاً بما جرى مع موفدي نصر الله، الأمر الذي دفع أبو فاعور لزيارة الرئيس نبيه بري بعد ذلك، ناقلاً إليه إستياء جنبلاط من تصريحات سماحة <الذي يفهم بملفات الصين اكثر>·

مجلس الوزراء الى ذلك، اكد مصدر وزاري لـ <اللواء> ان لا تعيينات ادارية او رقابية على جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم، وان البارز سيكون اصدار الاحداثيات المتعلقة بالمنطقة الاقتصادية البحرية بمرسوم للحاق بالقانون الذي اصدره مجلس النواب حول الحدود البحرية·

غير ان المصدر لفت الى ان التعيينات في الهيئات الرقابية وضع على نار حامية، حيث تجري مقابلات مع عدد من المرشحين لهذه الهيئات وعندما يتم التفاهم على اي موقع يرسل الى مجلس الوزراء للموافقة عليه·

وحول موضوع تمويل المحكمة اكد المصدر الوزاري ان لا شيء على الطاولة بعد، وان ما يحصل مجرد ابداء آراء غير انه وكما هو معلوم، هناك انقسام بين مؤيد لهذا التمويل ومعارض له، وان موقف <حزب الله> وحركة <امل> والتيار الوطني الحر من المحكمة سيكون نفسه من مسألة تمويلها·

مواقف الراعي وعلى صعيد تداعيات مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي خصص يومه لجولة راعوية في عدد من قرى المتن الاعلى، فقد كان لافتا حرصه على حصر تداعيات هذه المواقف بالدعوة الى نسيان ما اجتزيء منها، مبدياً أسفه لما حصل بعد زيارة فرنسا، مؤكدا ان الشركة والمحبة هي الباقية قائلاً: <نحن عكس ما صدر من اجتزاء لكلمات، نطمئن الى اننا لا نتخلى مع مطارنتنا وشعبنا وكنيستنا عن الشركة والمحبة ولا ندخل في أي خلافات فئوية لا في لبنان ولا في خارجه· ودعا الى نسيان الاجتزاءات المعتمدة ربما عن حديث له وكلمات قيلت في فرنسا لا علاقة لمواقفه الشخصية الأساسية بها>·

وفيما لوحظ انحسار المواقف المعترضة على تصريحات الراعي، في مقابل المواقف المؤيدة، وابرزها امس من النائب سليمان فرنجية، فقد برز توجه لدى الحزبين الرئيسيين في قوى 14 آذار، وهما الكتائب و<القوات اللبنانية> الى عدم مقاطعة اجتماع بكركي في 23 الحالي، خلافا لما تردد امس الاول·

ويعقد في الديمان غدا الخميس لقاء بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والبطريرك الراعي على هامش المشاركة في الاحتفال السنوي في حديقة البطاركة حيث تشكل مناسبة لبحث المستجدات والتطورات الداخلية والاقليمية، على ان يجتمع البطريرك يوم الجمعة المقبل مع الرئيس ميقاتي في السياق نفسه·
 

السابق
فقدت مظلتها…!
التالي
إعتداء غريب