البناء: علامات استفهام حول مواقف جنبلاط الملتبسة .. ورعد يدعوه لعدم التسرّع

خرج اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيانه الختامي أمس، وفي الكلمات التي ألقيت خلال الاجتماعات من كل من الأمين العام للجامعة نبيل العربي وأمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، وصولاً إلى رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، عن الهدف الحقيقي والمطلوب من الجامعة ومن الدور المطلوب منها في التعاطي مع الوضع في سورية.
وقد ذهب بيان الجامعة والكلمات التي ألقيت إلى حدود تبني حملة التحريض والأكاذيب التي تمارسها ما تسمى المعارضة السورية ومعها بعض القنوات الفضائية التي لا دور لها سوى التحريض على الفتنة، خصوصاً الجزيرة والعربية.
تحفظ لبناني ـ سوري
وبدا واضحاً أن البيان الذي صدر بعد الاجتماع تشتم منه رائحة ضغوط الولايات المتحدة وحلفائها العرب بحيث أن البيان أغمض عينيه عما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة من اعتداءات وأعمال عنف وقتل ضد المدنيين والعسكريين على حد سواء. ولم ير سوى بعض الإجراءات التي تقوم بها القوى الأمنية لإعادة الاستقرار، والتصدي للمجموعات المسلحة التي يجري تمويلها بالمال والسلاح من بعض دول الخليج.
ودعا البيان إلى ما وصفه "وقف إراقة الدماء في سورية فوراً!". ورأى أن وقف العنف يتطلب اتخاذ الإجراءات العاجلة لتنفيذ ما اتفق عليه من نقاط أثناء زيارة العربي إلى دمشق". وأشار إلى أنه سيُرسل "وفد رفيع المستوى من الأمانة العامة للجامعة للقيام بالمهمة الموكلة إليه بهدف وقف إطلاق النار وكل أعمال العنف".
مصدر دبلوماسي
وعلمنا من مصدر دبلوماسي متابع لأعمال اجتماع وزراء الخارجية العرب أن أصابع جيفري فيلتمان تكاد تكون هي التي أملت البيان الثاني الذي صدر في القاهرة بعد أن كان يلاحق المؤتمرين منذ الاجتماع التحضيري الذي عقد في الدوحة خلال شهر آب الماضي، إذ كان مساعد وزيرة الخارجية يتنقل من رواق إلى آخر في المبنى المخصص للاجتماع، ويدخل من غرفة إلى أخرى خصوصاً مع المسؤولين القطريين.
وقد أثار الريبة والاستغراب معاً أن يعمد السفير الفلسطيني أمس في اجتماع القاهرة والذي لم يمض يومان على تسلمه رئاسة المؤتمر إلى التنازل عن موقع الرئاسة بشكل مفاجئ إلى وزير خارجية قطر، ما ضاعف علامات الاستفهام حول الخلفيات الحقيقية لهذا الاجتماع وللبيان الذي يبدو للقارئ السياسي أنه أملي إملاءً على الحاضرين.
وفي ساعة متأخرة من الليل أعلنت سورية رسمياً رفضها القاطع للبيان، معتبرة إياه عملاً عدائياً غير مبرر كما أعلن لبنان رسمياً تحفظه على البيان.
وكان الأمين العام للجامعة نبيل العربي قد دعا في كلمة له خلال الاجتماع سورية إلى ما سماه "وقف العنف وفتح الحوار". ورأى أن "الجامعة أصبحت عاجزة عن التعامل مع الأزمات العربية".
وبدوره، دعا أمير قطر إلى "وقف العنف والوقوف عند مطالب الشعب وفتح الحوار مع المعارضة".
أما رئيس وزرائه حمد بن جاسم آل ثاني فقال في مؤتمر صحافي مشترك مع العربي بعد انتهاء الاجتماع: "لا يمكن للعرب أن يقبلوا باستمرار ـ حسب زعمه ـ آلة القتل في سورية".
أما رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان فكان قد أعلن قبيل إلقاء كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب أن كلمته "ستشمل رسالة الى الرئيس الأسد قد تكون بمثابة كلمة تركيا الأخيرة له" ورأى أنه "إذا لم تستجب دمشق لهذه الرسالة، فإن سورية ستخسر العلاقات مع تركيا لأنها تقترب إلى النقطة التي سيفقد فيها الحكم شرعيته كلياً".
لكن أردوغان خلال كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية لم يتطرق مباشرة إلى الوضع في سورية، فتحدث في العموميات "وإن كان المقصود بذلك سورية". وقال: "علينا عدم قمع المطالب الشرعية واستعمال القوة وإراقة دماء المطالبين بها"، مشددا على "ضرورة عدم التأخر في إجراء الاصلاحات بالتزامن مع مطالب الشعب المشروعة"، لافتا الى أن "أمامنا مسيرة صعبة وعلينا الحذر من جهات تحاول عرقلتها".
والظواهري على "الموجة" نفسها
ويلاحظ أيضاً أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري دخل على خط دعم مواقف واشنطن وحتى الجامعة العربية، فهاجم في رسالة له "الحكم في سورية، داعياً المجموعات المسلحة إلى "مواصلة القتال ضد الحكم".
وفيلتمان يرعى اجتماع المعارضة
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر دبلوماسية أن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان مهندس مخططات فريق الرابع عشر من آذار هو الذي سيرعى اليوم في أنقرة اجتماعاً لما تسمى المعارضة السورية للاتفاق على تشكيل "مجلس انتقالي".
ويتضح من كل ذلك مدى ترابط خيوط المؤامرة التي تشرف عليها واشنطن ضد سورية وموقعها الوطني والقومي.
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الوطن" السورية إنه "في وقت لا تتردد السلطات السعودية بإطلاق النصائح شمالاً ويميناً بشأن ضرورة الإصلاح في بعض الدول، ولم تكن سورية بمنأى عن هذه النصائح السعودية، باتت المطالبة بوجود دستور في السعودية جريمة يحاكم عليها القانون". 
ولفتت الى ان "محكمة سعودية وجهت الى المحامي المدافع عن حقوق الإنسان وليد أبو الخير تهمة المطالبة بإقرار الملكية الدستورية في المملكة، بحسب شبكة "راصد" الإخبارية".
أما في المواقف الغربية من الوضع في سورية فقد نقلت وكالة "رويترز" عن وزير الدفاع البريطاني وليام فوكس قوله: "إن لا إمكانية لتدخل حلف الأطلسي في سورية".
وكذلك نقلت وكالة "أكي" الإيطالية عن مصدر أوروبي قوله إن المجلس الوزاري الأوروبي بصدد الإعداد لحزمة جديدة من العقوبات ضد سورية سيجري الإعلان عنها الأسبوع المقبل". وقالت إن هذه الحزمة ستطال القطاعين الاقتصادي والتجاري".
وقد أدان الاتحاد الأوروبي مقتل الناشط السوري غياث مطر.
"القاعدة" تشارك في الاعتداءات
أما على الصعيد الأمني، فقد أكد مسؤول عراقي رفيع المستوى لوكالة "نوفوستي" الروسية ان "قوات الحدود العراقية قامت خلال الشهرين الماضيين باعتقال عشرات من أعضاء تنظيم القاعدة أثناء محاولتهم العبور إلى سورية". ‏
وأضاف: "إنه صودرت أيضاً ثلاثة باصات وشاحنة كانت محملة بالكثير من الأسلحة متجهة أيضا إلى سورية". ‏
واشار الى ان "المسلحين قدموا من محافظة نينوى شمال العراق والأنبار في الغرب اللتين أصبحتا جسراً أرضياً لنقل الأسلحة والذخيرة من العراق". ‏
وأوضح ان "مسلحين من تنظيم القاعدة يدخلون إلى سورية قادمين من العراق عبر الحدود للمشاركة في عمليات ضد قوات الأمن والجيش السوري".
واعترافات لأحد "الإرهابيين"
وأمس بثت قناة الإخبارية السورية اعترافات مذهلة "للإرهابي" هايل حسن الحمود حول مشاركته مع مجموعات إرهابية مسلحة بقتل عناصر قوى الجيش وحفظ النظام والمواطنين في محافظة حمص، مشيراً إلى أن الدعم كان يصل لهذه المجموعات من سعد الحريري.
وادعت نقلاً عن هؤلاء الذين وصفتهم بــ"النشطاء" أن ألفي جندي تعززهم عشرات المركبات اقتحموا بلدات سهل الغاب شمال غرب حماه.
وفي الإطار ذاته، أفادت قناة "ANB" عن مقتل عسكريين اثنين وجرح 3 بهجوم على سيارة عسكرية شرق حمص.
الراعي… واعترافات "14 آذار"
وعلى الصعيد المحلي، لم تفلح اعتراضات فريق "14 آذار" على مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي بخصوص سورية وسلاح المقاومة في ثنيه عن التمسك بهذه المواقف لما لها من انعكاسات إيجابية على تعزيز الشعور الوطني والقومي، بل على العكس فكل الضغوط التي مارستها قوى المعارضة الجديدة أدت إلى نتائج عكسية من حيث تمسك البطريرك بما كان قد أعلنه وصولاً إلى تأكيده أمس أنه لن يكون مع فريق ضد آخر.
في مقابل ذلك، تبرز إلى واجهة الاهتمامات السياسية والنقابية والشعبية الأزمة المعيشية والحياتية التي تعاني منها غالبية الشعب اللبناني في وقت لم تعط الحكومة حتى الآن هذا الملف ما يتطلبه من عناية واهتمام سعياً وراء تخفيف الضائقة المعيشية والدخول في حوار جدي مع الهيئات النقابية والعمالية لتحقيق بعض المطالب المحقة بدءاً من معالجة الفوضى في الاسعار وفي مقدمها أسعار المحروقات إلى تصحيح الحد الأدنى للأجور وإعادة التوازن إلى القدرة الشرائية للفئات الفقيرة.
ومن المتوقع أن ينفذ اتحاد السائقين العموميين إضراباً عاماً يوم غد مع تظاهرات سيارة احتجاجاً على عدم تنفيذ الاتفاق الذي أقر سابقاً وأعطى السائقين بموجبه 12 صفيحة بنزين ونصف الصفيحة شهرياً، بالإضافة إلى تحديد سقف لأسعار المحروقات والحد من الفوضى في استخدام السيارات العمومية.
وكان فريق "14 آذار" قد واصل حملته على البطريرك الراعي على خلفية المواقف التي أعلنها من باريس حول سورية وسلاح المقاومة، إذ لوحظ ان رئيس "القوات" سمير جعجع يسعى الى ابتزاز بكركي من خلال إعلانه أنه سيدرس مع قياديي "القوات" مشاركته في الاجتماع المسيحي الرباعي الذي سيعقد في الصرح البطريركي في 23 الشهر الجاري.  

السابق
النهار: الحكومة تتكهرب بالمحكمة والسلاح …الراعي: الإجتزاء ليس مواقفي
التالي
فقدت مظلتها…!