هل ستخفض رواتب الرؤساء التنفيذيين؟

في خطابه حول الوظائف، لم يذكر الرئيس الأميركي أوباما الكثير عن رواتب المسؤولين التنفيذيين. وكانت الإشارات التي ذكرها تركز على المساواة في الدخول. ويلاحظ أن الملياردير وارن بافت يدفع ضريبة أقل مما تدفعه سكرتيرة، وهذا الفارق المثير والغريب سبب غضبا شديدا مما دعا إلى ضرورة إصلاحه. وهذه الدعوة للإصلاح قريبة للغاية من دعوته للشركات الأميركية بأن تنفق الـ1.8 مليار دولار الاحتياطية على العاملين الجدد بدلا من الرؤساء التنفيذيين. ويعد هذا تحولا في موقف الرئيس الأميركي مقارنة بما ذكره في الشهر الأول لتوليه السلطة، حيث قال في فبراير (شباط) 2009 «إننا لا نستخف بالثروة، لكن ما يزعج الناس، وهم على حق في ذلك، أن المسؤولين التنفيذيين يحصلون على مكافآت عند فشلهم أيضا».

هل شهدت أميركا من قبل عهدا انخفضت فيه رواتب المسؤولين التنفيذيين بدلا من أن ترتفع بشدة؟ نعم – لكن منذ فترة طويلة. وفقا لدراسة نشرها المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية الشهر الماضي، فإن الأشخاص الذين يحصلون على أكبر قدر من صافي الأجور كانوا في حال جيدة قبل إذاعة مسلسل «ذي هونمونرز». و«تمثل الأربعينات من القرن الماضي فترة فريدة شهدت انخفاضا في القيمة الحقيقية لرواتب المسؤولين التنفيذيين»، حسب ما كتبه الخبيران الاقتصاديان كارولا فريدمان ورافين مولوي في كتابهما «تخفيض رواتب الرؤساء: رواتب المسؤولين التنفيذيين في الأربعينات من القرن الماضي». وذكر المؤلفان أنه بعد الحرب العالمية الثانية ربما وافق الرؤساء التنفيذيون على رواتب أقل لأن الناس كانوا يتوقعون ذلك، «فقد عممت الحرب أفكارا عن «المساواة في التضحيات» وربما غيرت أيضا المفهوم العام عن العدالة.
لكن، هل كان يحصل الرؤساء التنفيذيون في عهد ترومان على رواتب أقل لأنهم كانوا يشعرون باستياء حيال حصولهم على رواتب أعلى؟ يذكر مؤلفو هذه الدراسة عوامل أخرى – بصورة أكثر تحديدا، الاتحادات – التي أجبرت الرؤساء التنفيذيين على أن يحضروا كميات أقل من لحم الخنزير إلى منازلهم.
 
وزعم المؤلفان أيضا أن «الارتباط السلبي المتزايد بين تكوين نقابة عمال ورواتب الرؤساء التنفيذيين خلال الأربعينات من القرن الماضي تشير إلى أن الرؤساء التنفيذيين كانوا قادرين على الحصول على نسبة أصغر من المزايا، حيث إن القدرة النسبية على المساومة تحولت ناحية الاتحادات النقابية»، وعلى الرغم من أنه من المحتمل أن يحد نظام «التحسينات في إدارة الشركات» من رواتب التنفيذيين، فإن تأثير الحركة العمالية لا يمكن تجاهله. ووفقا للدراسة، فإن رواتب التنفيذيين النسبية قد انخفضت بصورة متزايدة في القطاعات التي تؤثر عليها النقابات بدرجة كبيرة بصورة تفوق القطاعات الأخرى، مشيرين إلى أن «نفوذ الاتحادات العمالية لوضع قيود على مكافآت المسؤولين قد تزايدت بصورة تدريجية خلال العشر سنوات».
ولكن، هل من الممكن أن يحدث هذا مرة أخرى؟ هناك شك في ذلك: ففي أواخر العقد الأول من القرن الحالي، لم تتمكن الحكومة من وضع حد للعلاوات في الشركات المالية التي قدمت لها مساعدات إنقاذ؛ فعضوية النقابة الأميركية الهزيلة تشهد ضعفا متزايدا منذ سبعين عاما؛ ولم تؤد الحرب على أفغانستان والعراق إلى تقوية رغبة العمال في تضحيات مشتركة. وربما سيكون العمال الأميركيون في وضع أفضل للمطالبة برواتب أعلى إذا ما بدأت معدلات البطالة بالانخفاض. وهذه نتيجة من الممكن أن تسعد رالف كرمدن كثيرا 

السابق
هل يمكن إنقاذ الاقتصاد الأميركي؟
التالي
انطوان سعد: البطريرك الراعي متمسك بثوابت بكركي