مئة مليار دولار لضرب الإستقرار

يعتقد بعض المتابعين للوضع في سورية، ان ما يحصل من تظاهرات وأعمال تخريب وإرهاب ليس له امتدادات خارجية، وبالأحرى لم يجر التحضير له من دوائر بعض الإستخبارات الأميركية والعربية تحت لافتات ومسميات مختلفة تأخذ احيانا الوانا "ديمقراطية وتغييرية". لكنها في الحقيقة تعطى "كليشيهات" ديمقراطية في سبيل تمرير ما يحاك من مؤامرت تستهدف ضرب مواقع المقاومة والقوة في الساحة العربية، تمكينا للأميركي من السيطرة على المنطقة، تحت عناوين مختلفة مثل "مشروع الشرق الأوسط الجديد".
ومن خلال المعلومات والتقارير المختلفة، يتأكد ان هناك دولا عديدة، بما في ذلك أجهزة استخباراتها، وكثير من التنظيمات التي تحمل مسميات مختلفة، متورطة في المؤامرة على سورية ـ حتى لو كان البعض لا يدركون ابعاد ما تورطوا به ـ لكن ما سيكتشف تباعا سيظهر حقيقة هذه المؤامرة، ولو ان امورا كثيرة لم تتوضح حتى الآن، بينما هناك امور اخرى لم يجر الحديث عنها حتى من جانب الذين يملكون معلومات ووثائق عن تورط جهات مختلفة عربية وغربية في هذه المؤامرة.
قد يكون من المهم والمفيد للكثيرين القاء الضوء على بعض ما كشف عنه الكاتب السعودي عبد العزيز الخميس الذي تحدث بداية عما يسمى "منتدى المستقبل" الذي عقد في الدوحة العام 2006، واضطر في بدايته الاقتصادي السعودي المعروف عبد العزيز الدخيل الى الإنسحاب من المنتدى الذي وصفه بانه منتدى لاعداد المؤامرات من قبل المخابرات الاميركية" ثم اوضح كيف ان بيل كلينتون وابنته كانا يتنقلان من غرفة الى اخرى. وانه في منتديات أخرى كانت كونداليزا رايس تضع يديها على طاولات فندق "الريتز" القطري متسائلة "ماذا بعد؟".

ويذهب الخميس، ليكشف عن الدور الذي لعبته احدى المنظمات ومركزها بريطانيا واسمها "أكاديمية التغيير" الى ان هذه الاكاديمية منشأة غربية موجهة وممولة من المخابرات الغربية، او ثري يهودي مهووس بالتغيير في العالم العربي، لعل وعسى ان يعود ذلك بالخير على "إسرائيل" موضحا ان هذه الأكاديمية لها فرع في الدوحة يزوره كثير من "الناشطين" العرب ويتدربون في صمت منذ العام 2009.
ويقول ان هدف هذه الأكاديمية هو تفكيك النظم الحالية وتغيير بنية المجتمعات وتهديد استقرارها.. وهي جزء من مشروع قطري "احتوائي" هدفه السيطرة على أنظمة عديدة" ويوضح، ان ابرز ادوار هذه الاكاديمية تعليم الكوادر الشبابية عبر الانترنت ومواقع اليوتيوب.. واستغلال الإعلام الجديد في الدعاية مع التدرج السريع في رفع سقف المطالب وتنفيذ خطوات العصيان المدني، وابراز بعض المعاني مثل حمل المصاحف ونشر وسائل التصدي لقوات الأمن. واشار الى ان هذه الاكاديمية يديرها صهر الشيخ الإخواني يوسف القرضاوي".

ويكشف الخميس، انه جرى حشد شركات كبرى لدعم المشروع الأميركي ـ القطري لما يسمى "التغيير" مثل غوغل وفيسبوك وبيسبي وأم تي في الاميركية ومحطات تلفزيونية اميركية. واشار ايضا الى انه في عام 2008 عقدت في نيويورك "قمة تحالف الحركة الشبابية" وساهم في القمة تمويلا ومشاركة كل من غوغل وفيسبوك ومسؤولين حكوميين من الإدارة الاميركية.. ويخلص الخميس الى القول، ان قطر بوضع يدها في يد "الإخوان" ودعمها لهم، لا تعرف انها يوما ما، لن تجد من يشرّع وجود عائلتها الحاكمة في سدة الحكم، لان ذلك يتعارض مع النظرة الإخوانية للحكم الشرعي".

 
ما كشف عنه الكاتب السعودي هو جزء بسيط ما جرى ويجري اعداده في "الغرف السوداء" تحت مسميات مختلفة، وتكفي الاشارة هنا، الى ما اكدته مصادر دبلوماسية عربية حول ما حصل في اجتماع وزراء الخارجية العرب الاخير الذي انعقد في القاهرة، وجرى فيه تمرير بيان باسم الاجتماع دون معرفة اكثرية الوزراء الحاضرين، أو بعضهم على الاقل، وصولا الى محاولة توريط الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في مواجهة دبلوماسية مع سورية، وصولا الى السعي لاستخدام الجامعة مظلة لاستدعاء التدخل الخارجي في شؤون سورية، وتكشف المصادر ان بعض وزراء خارجية دول الخليج ارادوا من وراء توريط العربي وايفاده الى دمشق باسم الاجتماع، ان تصل الأمور الى الفشل، اي ان ينتهي لقاء الأمين العام للجامعة العربية مع القيادة السورية دون نتائج، ليصار في ضوء ذلك الى تحميل دمشق مسؤولية فشل المسعى العربي، والأخطر ان يصار الى استخدام الجامعة مظلة للتدخل الخارجي في الشأن السوري بعد سقوط محاولات واشنطن وحلفائها في مجلس الأمن لاستصدار قرار ضد سورية تهيئة للتدخل الغربي.

واذا ما اضفنا الى ذلك، ما حصل ويحصل من عمليات تمويل بالسلاح والمال للمجموعات الإرهابية المسلحة من جانب بعض الحكام في الخليج والغرب، وكثير من دوائر الاستخبارات العربية والغربية، بالاضافة الى ما يقدم من تمويل لقوى المعارضة او معظمها في الحد الأدنى من جانب هذه الدوائر والدول، حيث تتحدث المصادر عن ان المبالغ التي صرفت للنيل من سورية ودورها القومي تتجاوز المئة مليار دولار. يتضح جليا مدى اتساع القوى المتآمرة ضد سورية. ورغم ذلك، استطاعت سورية ان تتجاوز القسم الأكبر من هذه المؤامرة، بل ان الامور اصبحت في نهاياتها، وهذا ما تؤكده المعطيات القائمة على ارض الواقع، سواء من تراجع التظاهرات الى حدودها الدنيا، او ضرب المفاصل الأساسية للمجموعات الإرهابية.
 

السابق
مهرجون بلا حدود في برج الشمالي
التالي
عيب يا شباب…