النهار: بكركي تفتح أبوابها لحوارات الهواجس والاعتراضات انتقادات جنبلاط تثير استياء حزب الله

لم تحل عودة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى بيروت وتوضيحاته للمواقف التي عبّر عنها في زيارته لفرنسا، دون استمرار التفاعلات السياسية لهذه المواقف وتصدّرها واجهة المشهد السياسي الداخلي.
وفيما فتحت أبواب الصرح البطريركي في بكركي بعد ظهر أمس أمام عدد من الزوار السياسيين في بداية جولة مشاورات ينتظر أن تتسع في الأيام المقبلة، كشفت مصادر معنية بهذه الحركة لـ"النهار"، أن لقاءات البطريرك مع القيادات والسياسيين المتعددي الاتجاه شكلت انطلاقة حوارات تكتسب أهمية على صعيد تناول الهواجس التي أبداها وردود الفعل المختلفة التي أثارتها مواقفه، سواء من حيث الازمة السورية وانعكاساتها على لبنان، أم من حيث الموقف من السلاح غير الشرعي في لبنان.
وأوضحت المصادر ان البطريرك كرر أمام زواره أمس ان مواقفه وتصريحاته تعرضت للاجتزاء والتحوير، وفهم من كلامه أنه لا يقصد الاجتزاء الصحافي والاعلامي فحسب بل السياسي ايضا، إذ لم يخف الراعي عتبه على ما اعتبره تسرعا في اطلاق الاحكام قبل الوقوف على حقيقة المواقف، كما أنه أعاد شرح هذه المواقف. وأضافت ان الموجة الاولى من لقاءات البطريرك مع زواره اتسمت بانفتاح متبادل إذ سمع من شخصيات في قوى 14 آذار كلاما صريحا فنّد المآخذ التي خلفتها مواقفه وايضاحات لنظرة هذه القوى الى مسلّمات بكركي.
وأبلغت المصادر "النهار" ان ثمة حديثا عن إمكان مبادرة بكركي الى عقد اجتماع للبطاركة الكاثوليك لتداول التطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة وانعكاساتها على وضع المسيحيين، انطلاقا من المخاوف التي أبداها البطريرك الراعي، وأن هذا التوجه يستند الى اعتبار جميع الطوائف المسيحية معنية باتخاذ موقف جماعي مما يجري.
وكانت لقاءات بكركي بدأت امس مع استقبال البطريرك شخصيات من 14 آذار، من أبرزها النواب مروان حماده وهنري حلو وانطوان سعد والنائبة السابقة نايلة معوض، ثم استقبل رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون الذي أكد تأييده لمواقف الراعي "لأنه المؤتمن على السينودس من أجل لبنان والشرق". ويتوقع ان تشهد بكركي تباعا لقاءات كثيفة وخصوصا قبل انتقال البطريرك الى الديمان الخميس.

 
جنبلاط
على أن التطور الأبرز الذي سجل أمس في سياق التداعيات التي أثارتها مواقف البطريرك، تمثل في انتقادات وجهها رئيس "جبهبة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط وحملت دلالات مهمة. ذلك أن جنبلاط اعتبر ان "ربط مصير لبنان بتحرير مزارع شبعا وربط مستقبله بنزاعات المنطقة بأكملها مرفوض"، كما شدد على ان "ربط السلاح بمسألة التوطين سيبقي لبنان معلقا الى ما لا نهاية في اطار النزاعات الاقليمية". وقال: "اذا كانت بعض الاوساط قلقة على الوجود المسيحي في لبنان، فان الطريقة المثلى التي يمكن البطريرك الراعي انتهاجها، وهو الحريص والمؤتمن على هذا الوجود (…) ان يشكل لجنة من المتمولين المسيحيين للحؤول دون بيع الأراضي وربما تسييل أملاك الكنيسة لمصلحة الفقراء من المسيحيين". كما انتقد ما وصفه بـ"الكلام التخويفي الذي قيل حول صعود التيارات السلفية أو الأصولية، وهو كلام غير دقيق يستعمل كالفزاعات".
وكشفت مصادر في قوى 8 آذار أن موقف جنبلاط أثار انزعاجاً واستياء لدى بعض القوى البارزة في هذا الفريق وخصوصاً من حيث تناوله مسألة السلاح. ولفت في هذا السياق الى أن محطة "المنار" التلفزيونية الناطقة باسم "حزب الله" تناولت كلام جنبلاط بانتقاد لاذع إذ تحدثت عن "ثبات البعض على مواقعهم وتأرجح البعض بين بين، واعادة البعض تموضعه بحسب اتجاه الرياح الاقليمية". وتحدثت عن "اقتراب النائب جنبلاط من القوات (اللبنانية) ومتفرعاتها بانضمامه الى منتقدي البطريرك، ان كان لجهة الموقف من سلاح المقاومة أو التوطين أو حتى مما وصفه جنبلاط بالكلام التخويفي عن التيارات السلفية الصاعدة".
في غضون ذلك، علمت "النهار" من مصادر "القوات اللبنانية" أن قيادة الحزب تدرس الموقف من مشاركة رئيس الحزب سمير جعجع في الاجتماع المقرر للقيادات المسيحية الرئيسية في بكركي في 23 أيلول الجاري على قاعدة عدم امكان التعامل مع مواقف البطريرك الراعي في فرنسا كأنها مسألة عابرة. وقالت إن "القوات" تريد أن تضمن معالجة المسألة المفاجئة التي طرأت.

الجميل
أما الرئيس أمين الجميل، فتجنب أمس التعليق مباشرة على تصريحات الراعي، لكنه أكد في المقابل أن "حزب الكتائب لا يمكن إلا أن يتضامن مع أي شعب يناضل من أجل الحرية والكرامة، وأما بالنسبة الى سلاح حزب الله، فالأمر مبتوت لدينا ولا ننسى أن المشكلة الأولية هي بيننا وبين سوريا". وذكر في مناسبة ذكرى اغتيال الرئيس الراحل بشير الجميل أن اغتياله "هو الاغتيال الوحيد الثابت فيه الجهة المسؤولة، وهي سوريا، وبصمات سوريا واضحة".

بري
في المقابل، أسف رئيس مجلس النواب نبيه بري "لهذا الهجوم الحاد والمركّز من قوى 14 آذار على البطريرك الراعي"، معتبراً "أن جريمة غبطته هي أنه يدرك أبعاد ما يحصل في سوريا والمنطقة، وأن هدفه الأول هو حماية المسيحيين وسائر اللبنانيين". وقال لـ"النهار": "تبين بالوجه الشرعي أن أكثر تيارات قوى 14 آذار يعبدون آلهة من تمر يأكلونها عندما يجوعون وسبق لي أن أطلقت عليهم هذا الحكم وهم يطبقونه اليوم بالفعل والقول".
على صعيد آخر، دعا بري أمس اللجان النيابية المشتركة للادارة والعدل والمال والموازنة والأشغال والطاقة والمياه، الى جلسة في العاشرة قبل ظهر الخميس المقبل لدرس مشروع القانون المعجل القاضي بإقرار برنامج لانتاج 700 ميغاوات ونقل الطاقة الكهربائية وتوزيعها، وكانت الأمانة العامة لمجلس النواب تسلمت أمس مشروع القانون. 

السابق
في خطأ عابر..
التالي
الجمهورية: عودة الاعتبار للوسطية السياسية تُريح المعارضة ولا تُزعج الاكثرية